المبادرة الصينية العالمية والاقتصاد السوري؟
أعلنت القيادة الصينية عن انضمام سورية إلى مبادرة (التنمية والحضارة العالمية) بتاريخ 15/3/2023 وخلال انعقاد اجتماع رفيع المستوى لحوار الحزب الشيوعي الصيني مع الأحزاب السياسية العالمية حول تعزيز الحوار بين دول ( جنوب- جنوب)، وأيضاً بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاقة طريق الحرير وبحضور وفود /152/ دولة، منها / 51/ دولة إفريقية و/21/ دولة عربية و/32/ منظمة دولية، منها جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، وهذا الاجتماع هو أكبر تجمع دولي بعد اجتماع الأمم المتحدة، علماً أن الصين استثمرت أكثر من /1000/ مليار دولار ترافقت مع تنفيذ أكثر من /300/ مشروع استثماري عالمي، والآن الصين أكبر شريك تجاري مع الدول العربية منذ سنة /2022/ وتجاوز التبادل التجاري بينهما /425/ مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها بحدود /30 %/ سنوياً، وانضمت أكثر من /17/ دولة عربية إلى البنك الآسيوي الذي تقوده الصين والمخصص لتوجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية، ويتجلى اهتمام الصين في منطقتنا العربية من خلال أنها عينت مبعوثاً خاصاً لها في المنطقة، أكد على الموقف الصيني مما يجري من أعمال إجرامية في فلسطين والمنطقة العربية.
الصين وبعد أقل من /5/ عقود من الإصلاح الاقتصادي سنة /1978/ قدمت أنموذجاً تنموياً لم يشهده التاريخ بدليل أن 129 شركة صينية كانت ضمن أكبر/500/ شركة عالمية وتفوقت على كل دول العالم حيث كان لأمريكا /121/ ولليابان /52/ ولفرنسا /31/ ولألمانيا /29/ ..الخ، و استطاعت الصين التفوق على دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة وعلى اليابان، وتعتبر كثير من المراكز الاقتصادية والباحثون الاقتصاديون أن الاقتصاد الصيني سيتربع على عرش الاقتصاد العالمي سنة /2025/، وهذا يساعد في تعميق العلاقة الاقتصادية السورية- الصينية، كما أكدت عليه قمة السيدين الرئيسين بتاريخ 20/9/2023 ، وعبرّ السيد الرئيس بشار الأسد عن تقدير سورية الكبير للمبادرات الصينية، وأن سورية ستساهم بفعالية في هذه المبادرات، وسيساهم هذا في تفعيل الشراكة الإستراتيجية مع الصين وفي كل المجالات، وخاصة أن الصين دعمت وتدعم سورية في المحافل الدولية، وانضمت إلى روسيا بتعطيل القرارات الأمريكية الغربية ضد سورية، من خلال استخدامها حق الفيتو (VETO )، فهل نسعى لنقل الاستثمارات والخبرات الصينية إلى سورية للاستفادة منها في إعادة الاعمار والبناء؟، خاصة أن الصين تتوجه لكسر القطبية الأحادية والمركزية الغربية الأطلسية (أمريكا وأوروبا وكأنهما مركز وقلب العالم وباقي الدول أطراف عليها خدمة المركز)، وإدمانهما على فرض إرهابهما الاقتصادي من عقوبات وحصار على الكثير من دول العالم ومنها (الصين وسورية وروسيا وإيران وكوبا وفنزويلا وغيرها)، كما يمكننا الاستفادة من دراسة التجربة التنموية الصينية التي انطلقت من واقع الاقتصاد الصيني بعد (توصيفه وتحليله ومعرفة نقاط قوته وضعفه)، ومن ثم وضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لتعزيز مكانتها على الساحة العالمية.
وتنطلق مبادرة الصين من الأمور التالية: احترام تنوع الحضارات والتعاون الدولي والروابط الثقافية والتقارب بين شعوب العالم، تحقيق التنمية العالمية والاستقرار الاقتصادي وعلى نهج اقتصاد السوق الاجتماعي الصيني وتعميق العلاقات العمودية والأفقية الاقتصادية الصينية، مكافحة الفقر والإرهاب وتقليل بؤر التوتر والمحافظة على البيئة وتعزيز الأمن الغذائي وزيادة الاستثمارات الداخلية والخارجية، تفعيل التصنيع والاقتصاد الرقمي والعلاقة المرنة بين الاستقرار والتنمية، ربط النتائج بالأسباب والاستفادة من أخطاء الماضي دون التخلي عن الديمقراطية الداخلية داخل الحزب الشيوعي الصيني، تعزيز التنافسية لزيادة الصادرات وترشيد المستوردات وليس تقليلها وعلى قاعدة الحساب الاقتصادي، أي مقارنة الإيرادات مع التكلفة وحسب رأيهم فإن الاعتبارات الربحية فوق كل اعتبار، التركيز على أن العالم يحترمك بمقدار ما أنت قوي.. إلخ، بشكل عام انطلقت الصين في مسيرتها التنموية من منطلقات اقتصادية فنية وليست إيديولوجية رغم أهمية الأيديولوجيا، فهل تعود الاستثمارات الصينية إلى سورية لتعمل بفعالية كما كانت عليه قبل 15- 3- 2011؟ وهل سترقى علاقاتنا الاقتصادية والسياسية إلى مستوى تنفيذ كل ماورد في لقاء القمة بين السيدين الرئيسين ونفعل الدورة الاقتصادية؟ هذا ما نتمناه ونرجوه..