بدء تراجع الإنفاق على الوجبات لمصلحة الألبسة.. وجلّ التسوق يتجه للأصناف الشعبية.. والحوالات مموّل مهم

درعا – وليد الزعبي:

بدأت الأسر تخفف شيئاً فشيئاً من اهتمامها بشراء المواد الغذائية اللازمة لوجبات الإفطار والسحور، وذلك لمصلحة شراء ألبسة العيد للأبناء. والملاحظ بدء نشاط حركة تسوق الأخيرة والتي من المتوقع أن تشتد تباعاً كلما اقترب عيد الفطر السعيد.. كيف لا، والعيد لا يكتمل عند الأطفال إلا بارتداء اللباس الجديد، لكن السؤال المطروح هنا: ما هي الخيارات المتاحة أمام الأسر في ظل ضيق حالهم المادية، وارتفاع أسعار الألبسة بشكل كبير؟

أسعار الألبسة كاوية.. وكسوة الطفل قبيل العيد تقارب المليون ليرة

التوجه للأصناف الشعبية

الملاحظ مع ضعف القدرة الشرائية لعامة الناس، أن أكثر الحركة تشاهد عند محال بيع الألبسة والأحذية الشعبية، وسبب استباق الزمن والشراء في وقت مبكر، حسب متابعين، يعود إلى لحاق الأسعار “المحمولة”، قبل أن تشتد الحركة والتي معها يتشدد الباعة في طلب قيم اللباس من دون قبولهم أي مساومة أو مهادنة، والكثير من أرباب وربات الأسر أشاروا إلى أن الأسعار حتى للأصناف الشعبية ليست قليلة بالقياس للدخول الهزيلة، وأقل كسوة من الأصناف الشعبية للطفل مكونة من بنطال وبلوزة وحذاء تحتاج في الحد الأدنى نحو ٧٠٠ ألف ليرة، وإذا كان في الأسرة ثلاثة أبناء، فهذا يعني أنها تحتاج نحو مليوني ليرة لسداد فاتورة لباس العيد.

الماركات ملتهبة

لكن ،والحديث للآباء، في حال تم التوجه إلى المحال التي تبيع ألبسة من ماركات أو بجودة عالية، فكسوة الطفل الواحد قد تحتاج أكثر من مليون ليرة، وعلى سبيل المثال؛ فستان طفلة عمرها أربع سنوات يبلغ سعره نحو ٦٠٠ ألف، والطقم الولادي فوق ٨٠٠ ألف، والبنطال يتخطى ٢٥٠ ألفاً، أما الأحذية فهي أيضاً بأسعار ملتهبة، حيث يزيد سعر البوط على ٢٠٠ ألف ليرة.

البسطات لها زبائنها

وتطرق آخرون إلى أنهم يجدون في البسطات ملاذاً أرحم بالنسبة للأسعار، فهي تعرض ألبسة شعبية بأسعار “محمولة” بالقياس للمحال التجارية، وذلك لكونها تقبل بنسب ربح أقل لأنها لا تدفع كما المحال رسوماً أو أجوراً ونفقات أخرى للكهرباء والمياه وغيرها.

وفي هذا الإطار لفت عدد من المتسوقين إلى أن بعض المحال تجد في العيد فرصة لتصريف الألبسة الكاسدة أو المخزنة منذ فترات طويلة، وبعضها يكون بمواصفات غير جيدة نتيجة طول فترة تخزينها، إذ قد يتقطع خيط حياكتها أو حتى قماشها نفسه بعد فترة قصيرة من الاستعمال لتصبح بحاجة إصلاح، كما أشاروا إلى أن هناك ألبسة سيئة التصنيع، حيث تجد قطعاً مواربة غير متناسقة وحياكتها ليست بالجودة المطلوبة، كما أنه يغيب عن بعضها اللمسات الجمالية المحببة لدى الأطفال، وبالرغم من ذلك تجد أسعارها خارج قدرة الكثير من الأسر الفقيرة.

الاعتماد على الحولات

لم يخف بعض أرباب الأسر التي تتحرك في الأسواق، أن مصدر أغلب الأموال التي تدفع ثمناً للباس هي من الحوالات التي يرسلها أبناؤهم وأقاربهم، وهذا واقع نلمسه جميعاً، وخاصة عند المرور من عند مكاتب الحوالات، حيث تشاهد كثافة في أعداد المراجعين لها منذ بدء شهر رمضان ولاتزال، لاستلام الحوالات التي تشكل مصدراً جيداً يسند متطلبات الأسر سواء الغذائية في الشهر الفضيل أو تلك الخاصة بألبسة العيد، وهذه الحوالات لا تساهم فقط في دعم الأسر بل وتنشط الحركة التجارية في الأسواق بشكل جيد.

الجمعيات الخيرية تكفلت بكسوة أعداد معقولة من الأطفال

المقتدرون يساعدون

وهناك أيضاً مصدر آخر لبعض الأسر يتمثل في المساعدات التي يقدمها مقتدرون في الداخل لذويهم، وهي كفيلة أيضاً بأن تسعف عدداً من الأسر لجهة سداد بعض متطلبات أبنائها من لباس العيد، ولن نبخس الخيرين في هذا المجال حقهم، فالملاحظ في شهر رمضان الحالي أن هناك من يجود بمساعدات ليست بقليلة، وعلى سبيل المثال في إحدى مدن محافظة درعا، تم التنسيق لجمع مساعدات للأسر المحتاجة في شهر رمضان، وافتتح الجلسة التي عقدت لهذه الغاية أحد الصناعيين بالتبرع بمبلغ ١٠٠ مليون ليرة نقداً، وحسب بعض المصادر المشاركة فإن الجلسة لم تنته إلا بجمع ما يزيد على ٨٠٠ مليون ليرة، وزعت على الأسر الفقيرة والمحتاجة في المدينة، وحالياً يجري توزيع إيصالات لكسوة ٥٠٠ طفل فقير في المدينة نفسها.

الجمعيات ملاذ

لكن حال الحوالات لا ينطبق إلا على القليل من الأسر، إذ إن هناك الكثيرين غيرها ليس لديهم أحد في المغترب، كما قد لا ينطبق أيضاً حال المساعدات المقدمة من ميسورين على الكثير من المناطق، وهنا لجأت بعض الأسر التي تفتقد المعيل إلى الجمعيات الخيرية وسجلت فيها بعد إعلانها عن تقديم كسوة العيد للأطفال، وعلى سبيل المثال تسعى جمعية “البر والخدمات” الاجتماعية في درعا لتقديم كسوة العيد

لنحو ٢٧٠٠ طفل خلال النصف الثاني من شهر رمضان.

الأرباح مضاعفة

بالعودة إلى سوق الألبسة, فإن المعروض بدأ يتزايد، لكن متابعون يرون أن نسب الأرباح المفروضة، وخاصة في المواسم، تصل في الألبسة إلى نحو ضعف ثمنها في الفاتورة، أي إن هناك استغلالاً وفحشاً في فرض الأسعار. وأمام هذا الواقع يأملون أن يتم تفعيل الرقابة التموينية على الأسواق، للتأكد من سلامة الفواتير الموجودة بحوزة المحال التجارية وإلزامها بنسبة الأرباح المحددة لها، مع التشدد في قمع أي تجاوزات أو مخالفات بهذا الاتجاه.

رئيس دائرة حماية المستهلك: تكثيف الرقابة والتأكد من تداول الفواتير وتقاضي نسبة الربح المحددة

تكثيف الرقابة

رئيس دائرة حماية المستهلك أحمد كناني أشار إلى أنه يتم تركيز وتكثيف الرقابة على محال بيع الألبسة اعتباراً من النصف الثاني لشهر رمضان، وذلك للتأكد من تقيد الباعة بالإعلان عن الأسعار، وتداول الفواتير، والتقيد بنسب الأرباح المحددة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حيث يتوجب على سلسلة تداول الألبسة من المنتج لتاجر الجملة ونصف الجملة الالتزام بنسبة الربح المحددة، وصولاً إلى تاجر المفرق الذي هو على علاقة مباشرة مع المستهلك، إذ عليه أيضاً الالتزام بالسعر النهائي المدون على الفاتورة، كما ويحق له البيع بأقل من السعر المدون على الفاتورة.

وأشار كناني إلى أن الرقابة على الألبسة كحال بقية السلع والبضائع مستمرة على مدار السنة، وقد تم في فترات سابقة تنظيم ضبوط تموينية كثيرة بمخالفات؛ عدم الإعلان عن الأسعار، وعدم تداول الفواتير أو تداول فواتير غير نظامية، لكن كما ذكر آنفاً يتم تشديد الرقابة عليها أكثر في مواسم الأعياد، وهذا ما سيحدث قبيل عيد الفطر السعيد.

رئيس غرفة التجارة والصناعة يحث التجار على مراعاة ظروف الناس الصعبة

حث على المراعاة

رئيس غرفة تجارة وصناعة درعا المهندس قاسم المسالمة، حث المنتجين وتجار الجملة ونصف الجملة والمفرق، على التقليل من نسبة أرباحهم في هذا الشهر الفضيل، وذلك تقديراً منهم لظروف الناس المادية الصعبة، وخاصةً أن شهر رمضان المبارك يتطلب مصاريف كبيرة سواء للوجبات أو للباس العيد، لافتاً إلى أن الربح القليل مع البيع الكثير يحقق للتاجر مردوداً جيداً، وهذا ما يأمل العمل به، علماً أن الأسواق تشهد وفرة ليست بقليلة من معروض الألبسة ولمختلف الأصناف والدرجات، وهناك اتساع في عدد المحال التي تعمل في هذا المجال، ويفترض أن يعكس ذلك حالة من المنافسة تسهم في الحد من ارتفاع الأسعار.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار