مشاهد كثيرة لا تروق لناظريها في أسواقنا المحلية، ولا حتى المتابعين لها عن بعد، وحتى العاملين فيها من أصحاب الذمة والضمير، وخاصة لما يحصل من فلتان سعري، وحالات غش واحتكار، وتلاعب بالمنتجات وجودتها، وغيرها كثير، تشهد به سجلات حماية المستهلك بتوقيع آلاف الضبوط لمخالفات هي من نسج ضعاف النفوس من أهل التجار، ومن معهم من أهل التصنيع مستغلين حكايات الغلاء وتردي معيشة المواطن..
وبالتالي ما يحدث أيضاً لم يرق لوزارة التجارة الداخلية فقد أطلقت الكثير من صيحات التعاون الجاد مع الفعاليات التجارية والصناعية، المعنية بضبط السوق للالتزام والمؤازرة، وتوفير المنتجات والالتزام بالأسعار، إلا أن ضعاف النفوس منهم “فهموها بأنها ضعف وتمنٍ وترجٍ” وتمردوا وأعلنوا عدم الالتزام بالأسعار، وتذبذبها وعدم استقرارها على مدار الساعة يؤكد ذلك، رغم حضور الجهاز الرقابي وفرض سلاح الضبط كحالة رادعة لكل المخالفين، حيث يكاد لا يمر يوم إلا وتسجل فيه آلاف الضبوط على امتداد جغرافية الوطن..!
وتالياً هذا الكم مؤشر خطير يؤكد بطء استجابة الفعاليات التجارية لنداءات حماية المستهلك، وما يحصل هو خلاف لها، والأهم أن ما تقوم به الوزارة باتجاه فعاليات السوق ما هو إلا تأكيد “المؤكد” على نيتها وإصرارها على مشاركتهم بمعالجة ما يحصل من مخالفات وإدخالها كشريك فاعل في طريقة التعاطي الصحيحة والمعالجة الموضوعية، لاسيما لجهة إلزامها بتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية، بقصد ضبط حركة البيع والشراء وسلامة تداولها، حرصاً على وجود منتجات وسلع ليست آمنة فحسب، بل بأسعار تناسب الجميع بمن فيهم المستهلك وهو الحلقة الأهم في كل ما يجري ..!
لكن للأسف الشديد مازالت استجابة أغلبية تلك الفعاليات أقل من خجولة، ولا ترقى إلى مستوى الحالة الوطنية والإنسانية المطلوبة، والتي تحاكي الظروف الصعبة التي يمر فيها البلد، ولا حتى ظروف معيشة المواطن اليومية التي تأثرت كثيراً بفعل الحرب والحصار الاقتصادي، والذي “يزيد الطين بلة” نمو طبقة من تجار الأزمة إلى جانب بعض ضعاف النفوس من التجار بدؤوا باستغلال حاجة الأسواق وافتعال الأزمات واحتكار المواد، والتحكم بالأسعار، الأمر الذي يفسد كل إجراءات الحكومة في السيطرة على الأسواق وتوفير احتياجاتها ومستلزماتها بالأسعار والتكاليف المناسبة..!
وبالعودة إلى تلك النداءات والاستجابات الضعيفة لها، فلو كانت الأخيرة على قدر الأهمية والمسؤولية الوطنية، وترجمتها على أرض الواقع لوجدنا أسواقنا ومنتجاتها ومستهلكها في أحسن حال على الرغم من ضعف الحال وتراجع قوته الشرائية..!
وهنا لا نريد التعميم، لأن هناك استجابات واضحة من قبل الفعاليات التجارية، لكن أكثرها يتلاعب بالأسواق، وهذه الظاهرة تحتاج تضافر كل الجهود الرقابية والفعاليات الاقتصادية والمجتمع الأهلي، وقبل كل ذلك تغيير ثقافة الشكوى لدى المواطن لأنها السلاح الوحيد والفعال في وجه (حرامية) الأسواق ..؟!
وغير ذلك لن نشهد استقراراً للسوق، بل زيادة في المخالفات وجنون في الأسعار..!
Issa.samy68@gmail.com