الشكل المُؤسساتي القانوني لشركات الدولة في مفهوم الإصلاح الحديث.. خبير يوضح الثغرات القديمة ويدفع بحلول جراحية آنية
تشرين – بارعة جمعة:
أدوارٌ عدة تبنتها الدولة عبر تاريخ العمل المؤسساتي، حددتها أمور سياسية من جهة والهوية الاقتصادية من جهة أخرى، إلا أن النهج القائم بشكل رئيس على تبني مفهوم التدخل من قبلها عبر سياسات تنموية اجتماعية في حل المشكلات ووضع الحلول والخطط لها، وأدواتٍ أهمها: “الدعم الاجتماعي”، و”منظومة الحماية الاجتماعية”، و”صناديق المعونة وتعويض الخسائر من الكوارث” جعل من إمكانية التشاركية معها أمراً صعباً للغاية، فيما تبرز اليوم وبقوة الحاجة للعمل مع القطاع الخاص ضمن منظور معين، يسوده المشاركة والعمل الموحد.
أدوارٌ عدة لعبتها الدولة عبر تاريخ العمل المؤسساتي عبر سياسات تنموية اجتماعية
خطتان خمسيتان
نوعٌ من الضعف والتراجع بالأداء بات واضحاً على نشاط العمل في القطاع العام، ظهر جلياً ضمن فترتي الخطتين الخمسيتين التاسعة (2001- 2005 ) والعاشرة (2006- 2010)، وفق قراءة الأستاذ في كلية الاقتصاد الدكتور عابد فضلية للوقائع، التي أثبتتها عدم تجديد أو ترميم أو صيانة الأصول الثابتة له، واتساع دور القطاع الخاص مع البدء بتطبيق نهج اقتصاد السوق الحر الاجتماعي، والذي تعثر تطبيقه على أرض الواقع برأي فضلية بسبب العشوائية والتقصير في اتخاذ ما يلزم من تشريعات وإجراءات من شأنها تدعيم الجانب الاجتماعي لعملية التنمية المادية.
د. فضلية: والتراجع بالأداء يعود لعدم تجديد أو ترميم أو صيانة الأصول الثابتة واتساع دور القطاع الخاص
إصلاح بشروط
المُضي بعملية الإصلاح الجذري للقطاع العام الاقتصادي أمر مطلوب في المرحلة الحالية، شرط أن تطول هذه الإصلاحات احتمال تقليصه في المجالات الهامشية وفق رؤية د. فضلية، بالمُقابل تقويته في المجالات الاستراتيجية التي تراها الحكومة مُناسبة لهذه المرحلة والمراحل القادمة، على المديين المتوسط والبعيد، بما في ذلك إعادة النظر بالشكل المؤسساتي القانوني لشركاته ومنشآته باتجاه التشاركية (PPP) والمُشاركة (BOT)، والشركات المُساهمة العامة مع شُركاء ذوي خبرة من القطاع الخاص، وخص العاملين في هذه الشركات الجديدة بنسبة مئوية من إجمالي عدد الأسهم (ولتكن هذه النسبة 10%) على سبيل المثال، تُباع لهم بالتقسيط المُريح.
د. فضلية: إعادة النظر بالشكل المؤسساتي القانوني لشركات القطاع العام ومنشآته ودفعه باتجاه التشاركية (PPP) والمُشاركة (BOT).
آليات الدعم الإنتاجي والاجتماعي ليست بمنأىً عن سياسة الإصلاح وفق رؤية د. فضلية، بل لا بد من إعادة النظر بها وخاصة المُوجهة إلى القطاع الزراعي ولتحسين الوضع المعيشي، عبر وضع خطط زمنية، كمية، كيفية، ذات الصلة بها، بحيث يُعاد النظر بطرق تقديم الدعم من سلعي إلى نقدي مثلاً، واحتمال تغيير أشكاله ومطارحه، مع التنويه إلى الضرورة القُصوى لاستمرار بل زيادة الدعم للأسمدة والأعلاف والمازوت ولزراعة محاصيل استراتيجية مثل: “القمح والقطن والشعير والشوندر السُكري والذرة” والمنتجات العلفية الأخرى.
تفعيل المشاريع الاستثمارية
مُقترحات كثيرة قدمها ويُقدمها الخُبراء في مجال الاستثمار، أبرزها إنشاء صناديق استثمارية نوعية وتفعيل تشريعات الأوراق المالية الحكومية وغير الحكومية مع التركيز على الشكل القانوني المؤسسي المُتمثل بالشركات المُساهمة العامة م.م والعامة القابضة وغيرها، فيما يذهب الدكتور عابد فضلية إلى أبعد من ذلك، آخذاً من تخصيص المزيد من رؤوس الأموال الحكومية الاستثمارية ومنح المزيد من المزايا والحوافز الاستثنائية لرؤوس الأموال الخاصة التي يتم استثمارها في المشاريع والصناعات الزراعية وأنشطة بدائل المُستوردات، والمنتجات التصديرية والأنشطة كثيفة العمالة، ولاسيما التي تُستخدم منها في الموارد المحلية كمدخلات لإنتاجها ولزيادة حجم رؤوس الأموال الاستثمارية لمشاريع الخدمات الأساسية والبُنية التحتية، كمُقترحات مهمة يجب الأخذ بها برأيه، وخاصة فيما يتعلق بوسائط النقل البحري والجوي، وبقطف وتجميع واستجرار مياه الري والسقاية، وكافة المشاريع ذات الصلة، وتلك التي تسهم عموماً بالتنمية الريفية.
د. فضلية: دعم الخزينة العامة دون التثقيل المالي على القطاعات الاقتصادية المُنتجة عبر استصدار مرسوم جديد لتسوية عشرات الآلاف من مُخالفات البناء على مُستوى سورية
دعم الخزينة العامة
دون التثقيل المالي على القطاعات الاقتصادية المُنتجة، وضمن سُبلٍ بعيدة عن مبدأ الضريبة يُقدم الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية اقتراحه لتدعيم موارد الخزينة عبر استصدار مرسوم جديد (بديل للمرسوم رقم 40 لعام 2012) لتسوية عشرات الآلاف من مُخالفات البناء على مُستوى سورية ( القابلة للتسوية فنياً، تنظيمياً، ومن حيث المُلكية)، ومهما كانت رسوم تسوية هذه المُخالفات عالية، فسيتم الإقبال عليها وفق رؤيته، يُضاف لذلك إعادة النظر ببدلات استئجار واستثمار أملاك الدولة والأملاك العامة، بحيث تكون قريبة من مستوى البدلات الرائجة ( مع مراعاة أهمية وطبيعة ونوعية الأنشطة التي تُمارس بها وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية)، بمعنى تخفيض البدلات على (الأنشطة الزراعية والحرفية الأكثر أهمية)، ورفعها على الأنشطة الاستخراجية والتجارية التي تهدف للربح، مع إمكانية طرح المزيد من الأملاك العامة للاستثمار كلما كان ذلك مُمكناً، والاستفادة من العدد الكبير من الأملاك العقارية والأصول الثابتة التي تتبع لوزارة الأوقاف، عن طريق استئجارها من قبل الجهات الحكومية الرسمية بأسعار مُناسبة تُرضي جميع الأطراف.
كل ذلك سيصب حتماً في مصلحة الإصلاح ضمن هيكلية الاقتصاد السوري، الذي يحتاج برأي الدكتور عابد فضلية لتفعيل وتطبيق تشريعات وأسس ومعايير التخطيط الإقليمي على مستوى القطر، بعد إجراء الدراسات المُسبقة والتصديق عليها، التي تُحدد نوعية الموارد والثروات والاحتياجات الإقليمية والعامة وتحدد كذلك الطبيعة الجغرافية الاستثمارية التنموية المناطقية ومزاياها النسبية والمُطلقة، بغض النظر عن الحدود الإدارية، مُطالباً بالوقت ذاته بعقلنة وترشيد منح قروض المصرف الزراعي (والمصارف العامة والخاصة الأخرى) عبر التركيز على المشاريع الزراعية، والزراعية – التصنيعية الإنتاجية السلعية الأهم للاقتصاد والمجتمع، والتشديد على إعادة النظر بشروط وآلية ووثائق الضمانات المصرفية لهذه القروض.