“أن تصل متأخراً خيراً من ألا تصل أبداً”، يصلح قول هذه الجملة على صحوة “الرسميين” في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي لا شك أنها كانت تحظى باهتمام “كلامي” كبير لكن على أرض الواقع كانت العراقيل والصعاب تكبلها، وتحول دون رؤية نتائج مثمرة تنعكس بالفائدة على الأشخاص الراغبين بتأسيس مشاريعهم الخاصة، والخروج من “فخ” الوظيفة براتبها المحدود، وعلى الاقتصاد المحلي عند اتساع نطاقها بحيث يتحول رواد الأعمال الطامحين إلى دخول عالم “البزنس” إلى منتجين يرفدون الخزينة بموارد مالية جيدة بدل طلب زيادة الرواتب، التي مهما علت لن تغطي تكاليف المعيشة الكبيرة.
عقدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة كانت تتمثل بالتمويل وتشابك الجهات المسؤولة عن إدارتها، بالتالي وضع “اليد” على الجرح والاعتراف بالخطأ يعد بداية الحل.
لكن هل يتحقق ذلك ببعض الإجراءات الإدارية فقط؟! وإن كنت من أنصار تبديل القيادات الإدارية كل فترة من باب المرونة وضخ دماء جديدة، فاليوم هذه المشاريع تحتاج إلى إدارتها بعقلية من خارج الصندوق لإزالة الصعوبات كلها، وتأمين البيئة المرنة والجاذبة، وحل التشابكات المالية والإدارية كلها، على أن يحدد مدة زمنية محددة ولا يترك المجال مفتوح لإنتاج الحلول، كيلا نقع في مطب تكرار الاجتماعات الداعمة مع صرف أموال طائلة على إعداد الدراسات، وإقامة الورش والندوات والمؤتمرات.
بينما يصارع رواد الأعمال أياً كانت أعمارهم من أجل تأسيس مشاريعهم لوحدهم، ولا سيما أنهم وخاصة في الأرياف “يأسوا” من “الدعم الحكومي” وعمدوا إلى إيجاد طرق ذاتية للانطلاق مع تفعيل العمل الشعبي بغية التخفيف من نار الغلاء وتدهور المعيشة.
تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الانطلاق الفعلي والسير على السكة الصحيحة، وتحقيق نتائج إيجابية كما يأمل لا يتحقق من دون إنهاء التشابكات المالية والإدارية، وتدخل العديد من الجهات في هذه المشاريع الحيوية، التي تحتاج بداية إتباعها إلى مرجعية وجهة واحدة تُعنى بدعمها ومساعدة أصحاب المشاريع، ومتابعة تأسيسها ونحاجها، بدل إدخالهم في متاهة الروتين والبيروقراطية والمعاملات الورقية وغيرها من قضايا تمنع كثر من مجرد التفكير في طلب المساعدة المالية، التي تواجه صعوبات كثيرة وتحديداً الضمانات المفروض تخفيفها مع منح قروض بفوائد بسيطة تشجع رواد الأعمال على طلبها لإكمال المشاريع وخاصة مع ولادة مصارف تعنى بالتمويل الصغير والإبداع، وهنا يمكن القول إن إيجاد مخارج وحلول سريعة لمشاكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أصبح ضرورة اقتصادية ملحة، في ظل الواقع الصعب القائم، علها تكون السبيل نحو الإنقاذ وبر الأمان المعيشي، وخاصة عند وضع دعائم صحيحة للمشاريع الزراعية والصناعية واستثمار موارد البلاد الهائلة في هذين القطاعين.