وهم العمل سرّب الغاز
أن تزاول مهنة مرخصة تحتاج المحروقات، فلك كلّ الحق أن تحصل على مخصصات منها، بل وتسعى جاهداً لأن تكون كافية لحاجة العمل لا منقوصة.
معروف أنّ أكثر المهن التي تحتاج إلى الغاز الصناعي هي أفران المعجنات ومعامل الراحة والحلويات الشعبية، وعلى الأكثر المطاعم التي تعد بالمئات على مستوى محافظة درعا، لكن المشكلة أن الكثير من هذه المطاعم وبعض معامل الحلويات بالرغم، من أنها مرخصة إلّا أنها لا تزاول العمل فعلياً، وبعضها غير موجود على أرض الواقع أصلاً، وهذا ما كشفته الجولات الميدانية التي استهدفت تكليف تلك المهن ضريبياً وأكدته مصادر الجمعية الحرفية للمنتجات الغذائية، وبالرغم من ذلك فهي تحصل إلى يومنا هذا على مخصصات من الغاز الصناعي.
هذا الواقع يدفع للتساؤل: كيف مُنح الترخيص لهذه المهن؟ وفي الإجابة يرى متابعون أنّ مثل هذه المهن قد تكون افتتحت لفترة وأغلقت بعد الحصول على الترخيص، أو يحتمل وجود تواطؤ في منح التراخيص لمهن وهمية، والسؤال الأكثر أهمية: أين هو الكشف الحسي الدوري الذي يفترض أنه يجري من الجهات الإدارية والرقابية ذات العلاقة للتأكد من مزاولة تلك المهن للعمل الفعلي واستمراها به؟
إذاً نحن أمام واقع فيه مخالفات صريحة، هدفها الحصول على مخصصات من مادة الغاز الصناعي والمتاجرة بها في السوق السوداء بسعر يعادل ثلاثة أضعاف النظامي أو أكثر حسب ضغط الطلب، وسلبية ما يحدث لا تقف عند حدّ ارتكاب مخالفة الاتجار غير المشروع بالمحروقات وتحويلها لغايات غير المخصصة لها، بل تتعداه إلى التسبب بتخفيض مخصصات المهن العاملة فعلياً واضطرارها لتعويض النقص في احتياجها من السوق السوداء، ما يرفع التكاليف التي يتحمّل تبعاتها المستهلك.
والمأمول رؤية تدخل رقابي، ينهي قريباً قصة المهن الوهمية، لحصر ذهاب مخصصات الغاز ما أمكن إلى مستحقيها بدلاً من أن يكون مصيرها السوق السوداء.