تعتمد على تعديل خلايا المريض.. العلاجات الجينية لمكافحة الأمراض الخطرة
تشرين:
ينطوي العلاج الجيني على تعديل الجينات داخل خلايا الجسم حيث يتم إدخال مورثات سليمة إلى الخلايا لتصحيح عمل المورثات غير الفعالة بغية علاج المرض أو تحسين قدرة الجسم على محاربة المرض أو إيقافه، وتحتوي الجينات على الحمض النووي، وهو الشفرة التي تتحكم في شكل الجسم ووظيفته.
يرى العلماء أن العلاج الجيني قد يكون وسيلة فعّالة لعلاج العديد من الأمراض الوراثية الناتجة من عطب مورثة واحدة مثل التلاسيميا، السرطان والتليفات الكيسية وأمراض القلب والداء السكري والناعور والإيدز، وغيرها من الأمراض.
ويحرص العلماء والباحثون على تطوير العلاج الجيني من خلال إجراء المزيد من الدراسات، في محاولات طبية ثورية قد تضع حداً لكثير من الأمراض الخطرة.
وفي أحدث التطورات، نال أول علاج باستخدام مقص «كريسبر» الجزيئي لمداواة أمراض الدم، أخيراً الضوء الأخضر لاعتماده في بلدان عدة، في تقدم يفتح الباب أمام علاجات أخرى تستند إلى “المجين” الذي يحوي مجمل الجينات لمكافحة أمراض معقدة.
وتقول شركة «كلاريفايت» المتخصصة في البيانات العلمية: إن الجميع مهتم بكيفية استخدام شركات الأدوية للمقص الجزيئي وسائر العمليات لتعديل الخلايا وراثياً.
ويحمل العلاج الذي وافقت عليه المفوضية الأوروبية في بداية شباط الماضي ، بعد ترخيصه سابقاً في بلدان أخرى، اسم «كاسجيفي» (Casgevy)، ويقوم على تعديل خلايا المريض باستخدام تقنية «كريسبر» ومن ثم زرعها لديه.
ويعتمد هذا العلاج على تقنية«كريسبر»، وهي أداة ثورية اختُرعت في عام 2012، تعمل على تعديل الجين المعيب للمريض، وفازت عن هذه التقنية، الفرنسية إيمانويل شاربنتييه والأميركية جنيفر دودنا، بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020.
وطُوّر علاج «كاسجيفي» من مختبرات «فيرتكس فارماسوتيكلز» الأميركية وشركة «كريسبر ثيربابوتيكس») السويسرية الأميركية لعلاج المرضى الذين يعانون اثنين من أمراض الدم الوراثية النادرة، فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا.
وكانت السلطات الصحية البريطانية أول من وافق على استخدامه لهذين المرضين في تشرين الثاني 2023. وحذت نظيراتها الأميركية والأوروبية والسعودية حذوها هذا الشتاء. كما نشرت المفوضية الأوروبية قرارها بشأن ترخيص طرح هذا العلاج في الأسواق في 12 شباط.
في السياق، ترى عالمة الوراثة البريطانية كاي ديفيز من جامعة أكسفورد أن هذه التراخيص تفتح الباب أمام تطبيقات أخرى لعلاجات “كريسبر” في المستقبل لمداواة الكثير من الأمراض الوراثية.
ولكن بالنظر إلى تكلفة هذه العلاجات – 2.2 مليون دولار لكل مريض بجرعة واحدة من «كاسجيفي» – فإنّ التحدي يكمن في جعلها في متناول الجميع على نطاق عالمي، على ما توضح ديفيز، في رأي يشاطرها فيه علماء آخرون كثر.
من جانبه ، يقول البروفيسور سيمون وادينغتون، المتخصص في العلاج الجيني في جامعة «يونيفرسيتي كولدج لندن» (UCL) :لن يكون ممكناً توفير هذا العلاج في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مضيفاً : إنه ليس دواء يمكن حقنه بسهولة أو تناوله في شكل حبوب.
هذا و ترجع أول تجربة لاستخدام العلاج الجيني إلى عام 1990 عندما قام الطبيبان فرنش أندرسون ومايكل بلاز بمحاولة علاج طفلة مصابة بمرض عوز المناعة المشترك الشديد بإدخال المورثة المختصة بتقوية جهاز المناعة في جسم الإنسان، ولاقت التجربة نجاحاً جزئياً حيث استطاع العلاج تقوية الجهاز المناعي للطفلة بنسبة 40%.