خلال مؤتمر الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.. قطنا: التعاون أساسي لاستعادة أمننا الغذائي واستثمار مواردنا وتطوير نظم الزراعة
تشرين:
أكد وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا أنّ التعاون بات ضرورة لاستعادة أمننا الغذائي واستثمار مواردنا وتطوير نظم الزراعة والغذاء والتجارة والتكيف مع تغيرات المناخ، وذلك خلال أعمال الدورة 37 لمؤتمر الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا المنعقد في العاصمة الأردنية عمان.
وبيّن قطنا خلال كلمة له في المؤتمر أهمية مواكبة تحقيق التنمية والاستدامة، والتحول الرقمي والابتكار والمفاهيم الحديثة للتنمية التي أصبحت ملامح للمستقبل، لافتاً إلى أن الاصطفافات والتكتلات الاقتصادية الدولية والإقليمية أضحت سمة من سمات أي نشاط اقتصادي يراد له النجاح في ظل عالم سريع التغيير، مشيراً إلى أن الاجتماع بين الدول العربية خلال المؤتمر ليس إلّا استجابةً للتحديات واعترافاً بأهمية التكتل الاقتصادي المناسب والتعاون في المجال الزراعي.
وأشار قطنا إلى أنه لم يعد يخفى على أحد التحديات التي يواجهها العالم بشكل عام ومنطقتنا بشكل خاص في مسألة الغذاء والأمن الغذائي في ظل الأزمات المتلاحقة، وما واجهته سورية على مدى اثني عشر عاماً من الحرب الإرهابية، وما أدت إليه من أضرار على كل القطاعات الزراعية والاقتصادية والخدمية، وما تبعها من جائحة كورونا وأزمة أوكرانيا والتغيرات المناخية والاضطرابات الاقتصادية العالمية وقانون قيصر والحصار على الشعب السوري وغيرها، والتي كان لها أثر سلبي ليس فقط على إمدادات وأسعار الغذاء وارتفاع نسبة السكان غير الآمنين غذائياً، بل أيضاً على تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي كالطاقة والأسمدة والأعلاف، وفي تقويض أركان المسار التنموي الذي كانت دولنا قطعت فيه شوطاً كبيراً قبل تلك الأزمات.
وأوضح أن استمرار نشوء الأزمات يدفعنا إلى اتباع سياسات اقتصادية فردية دفاعية لبناء الاكتفاء الذاتي، من خلال استخدام غير مستدام للموارد الطبيعية المتاحة في كل دولة، بشكل ينذر بالخطر والوصول إلى نقطة اللاعودة في فقدان التنوع الحيوي وانهيار النظم الإيكولوجية، وما يتبعه من تراجع لنظم الزراعة وإنتاج الغذاء كماً ونوعاً، ما يهدد مستويات الأمن الغذائي خاصة في الدول الأقل قدرة على تمويل الاستثمارات الزراعية المستجيبة للتغيرات المناخية وحالة الموارد الطبيعية فيها، الأمر الذي سيجلب مخاطر الركود التنموي، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويفرض ضغوطاً تضخمية تواجه هذه الدول، وتنشأ نتيجة لذلك عواقب اقتصادية واجتماعية وأزمات في سبل العيش، وتفضي إلى موجات من الهجرة غير الطوعية.
مدير الفاو يوجه المكتب الإقليمي لتقديم كل مشاريع الدعم الفني إلى سورية
وأضاف قطنا في كلمته: إنّ ما تم ذكره ماهو إلّا بعض المخاطر المحتملة والآثار المتسلسلة التي يمكن أن تفضي إلى أزمة متعددة المخاطر البيئية والاقتصادية والاجتماعية المترابطة، المتعلقة بالعرض والطلب على الموارد الطبيعية والغذاء والطاقة، ولن يكون بمقدور أي دولة أن تسلم من آثارها بمفردها من دون تعاون وتكتلات إقليمية اقتصادية في مجال الزراعة والغذاء والبيئة والمياه والطاقة، مؤكداً أن التعاون والتكتل بات ضرورة ملحة اليوم لمواجهة تحديات جسيمة من أجل استعادة أمننا الغذائي واستثمار مواردنا وتطوير نظم الزراعة والغذاء والتجارة والتكيف مع تغيرات المناخ.
وأگد أنّ العمل على هذه المحاور من شأنه أن يفضي إلى ضمان وجود أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة من خلال سلاسل قيمة زراعية وغذائية كفوءة وشاملة وقادرة على الصمود في ظل تغيرات المناخ، وبالتالي التقدم نحو تحقيق الأمن الغذائي، وحماية النظم الإيكولوجية وصيانتها واستدامتها، وتكون النتيجة نمو اقتصادي شامل قائم على التعاون في المجال الزراعي بين الدول العربية ويصب في مصلحة سكانها.
وشرح قطنا خلال الجلسة الخاصة بالتنمية الريفية تجربة سورية في هذا المجال وضرورة توجه منظمة الفاو والمنظمات الأخرى الشريكة لدعم المبادرات السورية فيها، مع مراعاة التحديات التي تواجه الدول التي تعاني أزمات في المنطقة وتوجه الدعم الأكبر لها، إضافة إلى التمييز في قياس مؤشرات الأمن الغذائي في هذه الدول وفق الأنماط الغذائية السائدة فيها، وكذلك عند وضع برامج التنمية الزراعية والريفية فيها.
وعلى هامش المؤتمر التقى قطنا المدير العام لمنظمة الفاو شو دونيو،
وأكد التطور الملحوظ في التعاون بين الوزارة ومنظمة الفاو وتنامي المشاريع الممولة من قبل المنظمة، وقدّم شرحاً تفصيلياً عن احتياجات القطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة أثر التغيرات المناخية عليه وضرورة زيادة التمويل اللازم لإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والموارد المتضررة نتيجة الإرهاب.
واستعرض الوزير خطة وزارة الزراعة حول تطبيق برنامج متكامل للتنمية الريفية بالتشاركية مع المجتمع المحلي وبإدارته لتمكين المجتمع المحلي من استثمار موارده المتاحة في محيطه بطرق علمية لربط سلاسل الإنتاج والتسويق والتصنيع لرفع القيمة المضافة.
وقال الوزير: تعدّ زيارة السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد إلى القرية التنموية في الصين نواة فكرية يمكن من خلالها طلب دعم الفاو لنقل التجربة الصينية إلى القرى المستهدفة في سورية، والمطلوب دعم إداري وتنظيمي وتشريعي لإدارة وتنمية القرى والتنمية بالمشاركة مع المجتمع المحلي، مضيفاً: نرغب في تطويرها على غرار التجربة الصينية نحو الرقمنة والاعتماد على الابتكار، وتطوير دليل التنمية الريفية.
وأشار الوزير إلى ضرورة مساعدتنا من قبل الفاو لمعالجة تحديات تسويق بعض المنتجات الزراعية السورية الجيدة وذات السمعة الدولية ومنظومة تعزيز التصنيع الزراعي والغذائي ومراكز الفرز والتوضيب للمنتجات التصديرية من خلال المشروع المطروح من الوزارة على المنظمة حول الاعتمادية ونظام تكويد المنتجات الزراعية المصدرة وهو يحتاج للدعم الفني والتمويل من قبل المنظمة.
بدوره رحّب مدير المنظمة بالأفكار المهمة المطروحة، وأعرب عن محبته لسورية وأنها مهد الحضارات لعدة عصور، وقام بتوجيه المكتب الإقليمي لتقديم كل مشاريع الدعم الفني ودعم سورية أولاً بسبب الأزمات العديدة التي مرت بها خلافاً لبقية الدول، وأعرب عن أمله بعودة سورية لاستعادة دورها على الساحتين العربية والدولية قريباً ودعمه لسورية ضمن مبادرات الفاو وخاصة مبادرة (يداً بيد) ومبادرة (بلد واحد..منتج واحد).