“موسوعة كاتب السيناريو”.. كي لا تكرر أخطاء الآخرين

تشرين- بديع منير صنيج:
“في البدء لابدّ من التأكيد على أنّ السر وراء استمتاع الجمهور العريض بالفيلم إنما يعود إلى سؤالهم الظاهر أو الضمني عما تعنيه الصورة المعروضة أمامهم على الشاشة.. وحيث إن عمل كاتب السيناريو ينصب على صنع تتابع متقن للصور، تتابع للقطات والمشاهد يحرّك ما هو ذهني أو عاطفي أو كليهما معاً لدى المشاهد، فإنّ ضعف أو إهمال هذا المدخل الأساسي هو خطأ في كتابة السيناريو”..
بهذه العبارات يمهد الدكتور طاهر علوان ترجمته للكتاب المعنون بـ”موسوعة كاتب السيناريو” الصادر عن دار خطوط للنشر في الأردن.. وفي السياق ذاته يؤكد أنّ ذلك النوع من الاستجابة من طرف المشاهد ليس اعتباطياً أو نوعاً من المصادفة والحظ، بل إنه صنع متقن للحبكة وتخطيط جيد للسيناريو بالاستناد إلى عبقرية الفكرة المطروحة.

أخطاء كاتب السيناريو
وتركز الموسوعة على الأخطاء التي يقع فيها كاتب السيناريو تحديداً، والتي يجب على أي ممتهن لهذه المهارة أن يدركها فيتجنبها بصرف النظر عن مستواه إن كان مبتدئاً أو شبه محترف.
يشكل الكتاب إضافة نوعية مهمّة، فهو كتاب غزير بالمعلومات حيث يعلّم ما يمكن أن نسمّيه المزيد من أسرار الصنعة، والمزيد من العوامل التي تمكّن المهتمين بهذا الفن والإبداع المهم الى مستوى من الاحتراف في مجال كتابة السيناريو.
كما يسلط الكتاب الضوء على المهارات والأساليب الأساسية في كتابة السيناريو، ومن جهة أخرى يشخص بشكل عملي ودقيق الأخطاء التي يمكن أن يتجنبها كاتب السيناريو لكي يقدم سيناريوهاً ناجحاً ومتماسكاً، وذلك ما يخدم الدارسين والمهتمين بهذا التخصص الذي يجمع بين السرد في شكله الأدبي، و السرد السينمائي ومتطلبات لغة الصورة.

الأخطاء المتكررة
وبحسب الكتاب فإن الإشكالية الأهم التي قد لا ينتبه إليها الكثيرون أن تعلّم المهارات الأساسية لكتابة السيناريو إنما ترتبط بشكل وثيق بالأخطاء التي يقع فيها كتّاب السيناريو بمختلف مستوياتهم وخبراتهم، وهي أخطاء متكرّرة ولا يكاد يسلم منها كاتب للسيناريو في مرحلة من مراحل مسيرته في هذا المجال.
يقول مترجم الكتاب: لقد أدركتُ أنّ الأخطاء التي يقع فيها أو يمكن أن يقع فيها كاتب السيناريو هي الجديرة بأن تُدرَس بعناية، ويدركها كتّاب السيناريو وخاصة الشباب منهم، ولهذا فقد بدأت منذ سنوات بجمع الكثير من المقالات والدراسات القيّمة لكتّاب سيناريو ومتخصّصين مرموقين في مجال كتابة السيناريو، كلّها تتركّز حول الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها كاتب السيناريو، وبهذا تكوّنت هذه السلسلة القيّمة من المقالات التي شكّلت أوّل موسوعة عربية لكتابة السيناريو موضوعها الأساس هو الأخطاء التي يقع فيها كتّاب السيناريو.

مقالات الأساتذة
في هذه الموسوعة التي لا غنى لأي كاتب للسيناريو أو متعلّم أو هاوٍ أو سينمائي هنالك مقالات لهذه النخبة من كتاب وأساتذة السيناريو، وهم كل من: إيليوت جروف، كليف فراين، ديميتري فورونتزوف، وليام سي مارتلوكت، كين مياموتو، نويل بوفام، مايكل هاوج، نيس أوريل، دانيال ديركسن، كيفن نيلسون، وغيرهم.
يقول مدير مهرجان ريندانس في بريطانيا في أحد فصول الكتاب: إنّ مهنتي ككاتب ومحلّل ومحاضر في مجال كتابة السيناريو قد امتدت معي لسنوات طويلة من العمل الجاد في هذا الاختصاص.. درست بشكل معمّق كيفية كتابة السيناريو فضلاً عن تحليله وتفكيك عناصره وإعداده.. وعندما أسست مهرجان ريندانس السينمائي الدولي وخاصة خلال السنوات بين 1992 و 2003 شكلت الفترة الذهبية عندي بمزيد من التعمّق وإلقاء المحاضرات وعقد الحلقات الدراسية وإقامة الورشات التدريبية وأنتجت خلال ذلك أكثر من 2500 سيناريو نال كثير منها فرصته إلى الشاشة.. مجموعة الخبرات التي اكتسبتها في مجال كتابة السيناريو وخاصة الأخطاء التي يقع فيها كتّاب السيناريو بشكل متكرر هي الثيمة التي وجدت من المهم أن أشتغل عليها، ولهذا يسرني أن أقدّم لكم هذه القائمة من الأخطاء التي يقع فيها كاتب السيناريو.

الكتّاب الأذكياء
أما زميله كاتب السيناريو روبن روسن فيقول إن كتّاب السيناريو اليوم هم من بين الأكثر ذكاء وإبداعاً وهم رواة القصص المهرة في عصرنا.. لكن يجب ذكر شيء مهم بوضوح منذ البداية: هم يكتبون لكي نشاهد أفلاماً متميزة، حيث إن كتابة السيناريو هي نوع خاص جداً من السرد القصصي المصحوب بالصور، مهمّتهم أن يبدعوا نصوصاً تقدمّ أفلاماً تبقى في الذاكرة.
ويؤكد روسن أن كتابة السيناريو هي حرفة وكذلك فن. ربما يكون الفن، الأكثر صعوبة من بعض النواحي، والحقيقة بالنسبة لكتّاب السيناريو الجدد هي أنه بينما يرتقي البعض إلى مستوى الكلاسيكيات في كتابته ولسوف يكون مسروراً عند نشر ما أنجز لكننا سوف نفاجأ أن فيه ثغرات عديدة وأنه يبتعد عن السيناريوهات ويعامل كأدب لكثرة الحوارات وطريقة السرد الأدبي وليس السينمائي.

في صفحات الكتاب
وفي صفحات الكتاب نقرأ أنّ كاتب السيناريو بحاجة إلى ورشة مكثفة خاصة للذين قرروا المضي في خوض هذه المهمة والتخصص فيها أو الاستمتاع بها كهواية حيث يتم الانتقال مع الكاتب من خلال السيناريو الذي يكتبه قسماً بعد الآخر مروراً بجميع مراحل بناء الدراما الفيلمية حتى نصل إلى سيناريو متكامل درامياً صالح لأن ينتقل إلى الشاشات.
وسنقترح القيام بتجارب الغرض منها تطوير السيناريو الذي تقوم بكتابته وكل تجربة ستقوم بها سترتبط مباشرة بالفكرة التي أنت بصددها والتي هي تطوير للتجارب التي سبقت.. ولغرض الوصول إلى أفضل فائدة عليك العودة دائماً إلى تجاربك السابقة التي سوف تجريها.
كما يبين الكتاب أن الوصول إلى الشكل والمحتوى النهائي للسيناريو يحتاج إلى مزيد من الصبر لبلوغ هذا الهدف ولهذا لابدّ من صنعة بمهارة كافية، مع التأكيد على أن عملية كتابة السيناريو هي عملية متواصلة من الكتابة وإعادة الكتابة وتحتاج شهوراً عدة في بعض الأحيان بل إنّ هنالك سيناريوهات أفلام عالمية استغرقت كتابتها سنوات فلا تستغرب ذلك.
والأمر المهم الذي يجب أن يكون حاضراً في الذهن هو أن عليك وأنت تكتب السيناريو أن تتذكر أنك تقوم بكتابة قصة للشاشة وليست رواية أو قصة قصيرة، بمعنى أن عليك أن تكتب فقط ما يستطيع مدير التصوير والمصور تصويره ومهندس الصوت تسجيله، أي إن إهمال طريقة الكتابة التي تتيح لمفاصل العمل الفيلمي الثلاثة آنفة الذكر هو من أخطاء كاتب السيناريو.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار