عمل الخير أولى
أبهرت المدعوين مظاهر البذخ التي بدت في حفل زواج ابن أحد الميسورين، حيث بنيت بيوت “الشَّعر” على مساحات واسعة، واكتست الأرض بعشرات قطع السجاد، فيما أضاءت المنطقة حبال الإنارة المدلاة من البرج العالي في كل الاتجاهات، وزاد من وهجها في السماء اشتعال المفرقعات التي لم تهدأ طوال الليل، وكانت فرق الدبكة والغناء التي أحيت الحفل من أشهرها وأغلاها أجراً، وبالنظر إلى وليمة الطعام التي قدمت للمئات من الحضور، لم يترك تراص اللحم والمكسرات ومتمماتها على وجه المناسف مجالاً لظهور الأرز.
إنها واحدة من مناسبات كثيرة أخرى يحدث فيها مثل تلك المظاهر، من قبيل عودة أحد الأبناء من المغترب بعد غياب لسنوات، أو تخرج آخر في الجامعة، وحتى أحياناً لدى طهور مولود جديد، وكذلك من قبيل افتتاح مكتب سياحة وسفر أو كافيه أو متجر لبيع إكسسوارات الموبايلات، حيث تكلف الحفلات عشرات الملايين، وإن كانت مع وليمة طعام كما في الأعراس فلا شك ستفوق المئة مليون.
لا أحد بالطبع ضد الاحتفال والفرح، لكن المأمول مراعاة ظروف الناس التي تعاني ضنك العيش في ظل ظروفنا الحالية، وتجنب البذخ والتبذير، والنظر بعين الرحمة لتوجيه جزء من الأموال الفائضة التي تنفق على مثل تلك المناسبات من باب التباهي إلى الأعمال الخيرية، وخاصة أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك والكثير من الأسر لا تجد ما يسد رمقها.
على سيرة الشهر المبارك، وقف أحد الحضور في الاجتماع الذي عقد في صالة المجمع الحكومي بدرعا لتنظيم جهود العمل الخيري في الشهر الفضيل، لافتاً إلى أن الجمعيات الخيرية توجه جل اهتمامها إلى المطلقات والأرامل اللواتي لا يقصِّر أيضاً بمساعدتهن أحد ممن هم في محيطهن من أقارب أو جيران وهن لا شك يستحققن ذلك، لكنه طلب بالمقابل أن ينظر إلى الموظف الذي لا دخل له سوى راتبه الهزيل، فهو يستحق المساعدة مثلهن وأكثر.
بالعموم؛ ما نأملة أن يتم تنسيق وضبط الأعمال الخيرية، لاستبعاد حالات الازدواجية والمحاباة والمحسوبيات أثناء توزيع المساعدات، وعدم حصر التوزيع في نطاق ضيق في حال كانت كميات المواد والمبالغ وفيرة وتزيد على حاجة ذلك النطاق، وذلك لشمول معظم المعسورين وما أكثرهم هذه الأيام.