أهم حاضنة للقيمة المضافة الحقيقية  و “الخصوصية السورية” بانتظار إعادة “لملمة” الفرص الضائعة…خبير يدفع بوجهة نظر واقعية

دمشق- منال صافي:
تمتلك سورية قاعدة واسعة من الموارد الطبيعية المتنوعة والقادرة على رفد القطاع الصناعي بالمدخلات اللازمة لنهوضه وخاصة الصناعات الغذائية، ويدعمها موقع جغرافي مهم على شرق المتوسط بين أوروبا ودول الخليج العربي.. وتقوم الصناعة السورية، حسب الخبراء، على قوة عمل يتناسب تأهيلها مع الصناعات التقليدية ومزودة بالمهارات الأساسية منخفضة التكلفة، كما تمتلك طاقات كامنة لصناعات ذات كثافة علمية وتكنولوجية متقدمة تساعد على تطوير صناعات ذات قيمة مضافة أعلى، وتعد الصناعات الغذائية السورية قديمة ومتعددة الأنشطة ورائدة على مستوى المنطقة، وقد ساهم الصناعيون السوريون في نشر هذه الصناعة في عدد من الدول العربية وتركيا.
سلسلة اقتصادية متكاملة
الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنقلة يرى أن قطاع الصناعات الغذائية هو القطاع الاقتصادي المسؤول عن إعداد المنتجات الغذائية المختلفة ونقلها وتجهيزها للاستهلاك، بداية من شرائها من المزارعين أو من الأسواق المحلية وحتى إيصالها إلى رفوف المحلات والأسواق الغذائية، ويمثل قطاع صناعة الأغذية واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها حيوية تجارياً وتشغيلاً وتشابكاً مع القطاعات الاقتصادية الأخرى، والتي منها قطاع النقل، قطاع مبيعات التجزئة وقطاع الضيافة والمطاعم وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى، إضافة الى الأهمية الخاصة للقطاع في مجال تحقيق الأمن الغذائي وتأمين الإمدادات للمستهلكين.

قرنفلة: يعاني حالياً معوقات ترتبط بتوفر مصادر الطاقة وقدم خطوط الإنتاج وارتفاع تكاليفه وندرة الكوادر المدربة وصعوبة المنافسة في الأسواق الخارجية ومشكلات تسويقية

كما أضاف قرنفلة: إنه يلعب دوراً رئيساً في اقتصاديات المحافظات والأرياف في البلاد حيث تنتشر الصناعات الغذائية على طول البلاد وعرضها، ويمثل القطاع واحداً من أهم القطاعات المشغلة للعمالة وفي دعم الصادرات، وتالياً دفع النمو الاقتصادي الكلي إلى الأمام، و يقدم حزمة واسعة ومتنوعة من المنتجات بحيث يصعب وجود منتج غذائي لا يتم تصنيعه وإنتاجه في سورية، وتتميز سورية في إنتاج منتجات؛ (المعجنات والمخبوزات والخضروات والحليب ومشتقاته والفواكه واللحوم ومشتقاتها والمشروبات الروحية وكذلك الحلويات بأنواعها)، إضافة إلى إنتاجها من منتجات الحبوب المختلفة.
و أشار قرنفلة إلى أنه استناداً إلى المستوى العالي لجودة المنتجات السورية، وضمان تأمين إمداداتها ومراقبة اتجاهات وميول المستهلكين وعرضها بأسعار معقولة، تسعى الشركات السورية المنتجة للمواد الغذائية إلى تعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والعربية والدولية، حتى تحظى على رضا المستهلكين في الأسواق الخارجية.

سعر المواد الخام
وعن العوامل المؤثرة على نمو قطاع الصناعات الغذائية، أشار قرنفلة إلى أن هناك ثلاثة عوامل تلعب دوراً أساسياً في نمو أعمال قطاع الصناعات الغذائية، وتتركز هذه العوامل بأسعار السلع الزراعية الأولية، حيث يمثل اتجاه أسعار السلع الزراعية والمنتجات الحيوانية المختلفة، والتي تعد المواد الخام الأساسية المستخدمة في إنتاج المواد الغذائية.. التحدي الرئيسي أمام قطاع الصناعات الغذائية، إذ يعد سعر المواد الخام عاملاً رئيسياً في تحديد تكلفة إنتاج الغذاء، وارتفاع تكاليف المواد الخام يضيف أعباءً على الشركات ويقلص من هامش أرباحها، كما إن له تأثيراً على أسعار المستهلكين على المدى المتوسط، و تلعب الأسعار النهائية للمنتجات دوراً مهماً في تحديد القدرة على المنافسة في الأسواق المحلية والدولية، ويعتمد اتجاه السعر في أسواق السلع الزراعية على تقلبات العرض والطلب.
أما العامل الثاني فيتعلق بتغير أمزجة المستهلكين وأنماط استهلاكهم، إذ يلعب هذا العامل دوراً متزايداً في تحديد اتجاهات نمو قطاع الصناعات الغذائية.. ومن ضمن نماذج تغير أنماط الاستهلاك، على سبيل المثال، الميل إلى التقليل من استهلاك اللحوم أو بالعكس من ذلك الاتجاه الى استهلاك مزيد من الخضار، كذلك هو الأمر بالنسبة إلى اتجاه الكثير من المستهلكين الى شراء مواد غذائية أكثر جودة.
بينما العامل الثالث فيتعلق بالميل العام للاستهلاك، وارتفاع القدرة الشرائية للمستهلكين، حيث يلعبان دوراً مهماً في دفع نمو وتطور صناعة المواد الغذائية، كما هو بالنسبة لغيرها من القطاعات الصناعية والاقتصادية، إلا أن الصناعات الغذائية تستفيد بشكل أكثر لجهة كونها منتجات تستهلك بشكل يومي، ما يعني استفادتها بشكل أكبر من غيرها من المنتوجات الأخرى.
ومن العوامل الإضافية المؤثرة على نمو قطاع الصناعات الغذائية ومدى ربحيته، الدور الذي يلعبه قطاع بيع التجزئة، والذي يمثل القناة التي يتم من خلالها إيصال المواد الغذائية من المنتج إلى المستهلك، والذي يتميز بحدة المنافسة وبتزايد الضغوط على المنتجين من أجل تخفيض الأسعار.

عراقيل وصعوبات
قرنقلة شدد على ضرورة معالجة الصعوبات التي تعترض عمل قطاع الصناعات الغذائية للقيام بدوره في دفع عجلة الاقتصاد فهذا القطاع يعاني حالياً معوقات ترتبط بتوفر مصادر الطاقة، وقدم خطوط الإنتاج، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وندرة الكوادر المدربة، وصعوبة المنافسة في الأسواق الخارجية، ومشكلات تسويقية داخلية ترتبط بضعف القوة الشرائية للمستهلكين، مطالباً الحكومة بتذليل المعوقات لدعم هذا القطاع.

محاولات الإنعاش
بدورها وزارة الصناعة فتحت مؤخراً باب التسجيل للشركات، للاستفادة من مشروع تنشيط القطاع الغذائي، والمنفذ بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) وبتمويل من الاتحاد الروسي.
وأوضحت الوزارة أن المشروع يهدف إلى بناء استراتيجيات الأعمال، ونظم الحوكمة، والتنظيم الداخلي، وتنفيذ أنظمة إدارة الجودة وسلامة الغذاء بشكل منهجي للوصول إلى مستوى الاعتمادية الدولية.
وأكدت وزارة الصناعة أن المشروع سيسهم في تقييم جهوزية التصدير وتطوير استراتيجياته، ورفع كفاءة العمليات اللوجستية والتعبئة والتغليف.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار