الأبوان وفلذات الأكباد
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
عندما يكون الجو مشحوناً بالتوتر والقلق تتحوّل الكلمات إلى لكمات، والأسرة إلى آسرة، تُفرغ الزوجة جام غضبها على الأبناء انتقاماً من أنانية الزوج وتسلّطه، ويرد الزوج بالسلاح نفسه انتقاماً من «ست الدار»، والضحية هم الأطفال.
عندما يكون الجو مشحوناً بالتوتر والقلق نتحوّل إلى «قهرمان» ضد الضعف في «ماسوشية وديكتاتورية» بغيضة »نصرخ، ونزعق، ونضرب» ونعبّر عن غضبنا بشتى الوسائل والطرق في الوقت ذاته الذي نمنع فيه أطفالنا من التعبير عن غضبهم واستيائهم ولو سلبياً بالبكاء، بل نصرخ في وجوهم كالمجانين، «اخرس يا ولد، إياك أن أسمع صوتك…».
حقاً إنها بلطجة عائلية أو عيالية، تحتاج إلى تعاون من الزوج والزوجة وتفاهم مدرس يحمي هؤلاء الأطفال الذي تنطق عيونهم بما لا يستطيعون التعبير عنه بالكلمات من رعب وفزع، يرفعون أكتافهم الرقيقة لحماية وجوههم من بطش قساة القلوب الذين يحاولون قسراً انتزاع شخصياتهم وتفرّدهم بكل عنف وقهر، ويطلقون الكلمات السيئة.
إذاً، من يحمي أطفالنا من قسوتنا التي تقتل فيهم مزية التفرّد وتجعلهم تابعين لنا بلا شخصية وكأنهم أشباح نمطية، لقد استملحنا انقيادهم لنا وارتباطهم بنا ارتباطاً مرضياً «بفتح الميم والراء» انقياداً وارتباطاً يوقف نمو الشخصية المستقلة، حتى يضحى الطفل شخطاً لا يستطيع قضاء أمر من أمور حياته إلا بحضور «بابا وماما»، فالكلمة كلمتهم والشورى شورتهم.
أما عندما يكون الجو مفعماً بالحب والود والحنان فتشرق شمس الأمل على جيل من فلذات أكبادنا، هم بعض الحاضر وكل المستقل، جيل يواجه التحديات بفكر جديد وعزم كبير، وعندما يكون الجو مشحوناً بالحب والحنان تتوارى عبارات الصفقات المشبوهة خجلاً، فتختفي معاني الخنوع والخضوع والذل وتحلّ محلها معاني الابتكار والإبداع والأمل وحب الحياة في العائلة السعيدة.