مؤتمر منظمة التجارة العالمية ومشروع (الصين +1) وترامب؟!.
أ.د حيان أحمد سلمان:
تعتبر منظمة التجارة العالمية (World Trade Organization) أو اختصاراً WTO، والتي تأسست سنة /1995/ ومقرها جنيف السويسرية، امتداداً للاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية General Agreement on Tariffs) and Trade، واختصاراً GATT) التي تأسست سنة /1947/ ) بموجب اتفاقية (بريتون مؤتمر وودز سنة /1944/ )، والتي نشأ عنها كل من (صندوق النقد والبنك الدوليين والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية) وغيرها، وعقدت مؤتمرها الوزاري /13/ في دولة الإمارات العربية (أبو ظبي)، ولمدة أربعة أيام من تاريخ /25/2/2024 / ولغاية /29/ 2/2024 بهدف ضمان وزيادة انسياب السلع والخدمات بين دول العالم وتخفيض التعرفة الجمركية وإزالة الحواجز التجارية سواء كانت الكمية أم النوعية، وتضم المنظمة /166/ دولة، بعد قبول كل من دولتي (تيمور الشرقية وجزر القمر العربية) عضوين فيها، بعد توقف المنظمة عن قبول أعضاء جدد منذ/8/ سنوات؟!.
والمنظمة تنتج أكثر من /90%/ من الإنتاج العالمي وتسيطر على أكثر من 95% من التجارة الدولية، وحضر المؤتمر أكثر من /175/ وفداً و أكثر من /7000/ شخصية، تمثل أعضاء المنظمة والأعضاء بصفة مراقب وقادة القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.. الخ.
ويعقد الاجتماع بشكل مترافق مع زيادة التوترات الجيوسياسية وبؤر التوتر والتي لم تخفف من حدتها اجتماعات مجموعة العشرين في البرازيل ولم يجف حبر بيانها الختامي، سواء في البحر الأحمر أو فلسطين وغزة، أم الحرب الروسية- الناتوية الأوكرانية، أم مشاكل قناة بنما، أم الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ….الخ ؟!.. وأيضاً بعد مؤتمر قمة المناخ لـ”COP28″ في الإمارات سنة 2023.
وترافق اجتماع المنظمة مع الاجتماع /44/ لمديري عموم الجمارك في الدول العربية الذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في مصر، فهل ترافق هذا بالصدفة، أم إنه مخطط له؟، وهل سيكون للدول العربية تأثير في قرارات المنظمة من خلال زيادة التبادل التجاري والاستثماري البيني العربي، وضمان انسياب السلع والخدمات والأموال بين الدول العربية ؟، أم سيبقى العرب وللأسف مجرد شهود فقط لا غير؟!.
وبرأينا ستسيطر الخلافات بين الدول الكبرى الغنية المتقدمة على مجريات اجتماعات المنظمة، لأنه لا وجود للفقراء على مائدة الأغنياء والأقوياء، وأرجو ان أكون مخطئاً، وهنا أشارك السيدة النيجيرية (نجوزي أوكونجو أيويالا)، وهي المدير العام للمنظمة، تشاؤمها عندما أكدت على أن التجارة الخارجية الدولية تراجعت /3،2%/ سنة /2023 / بالمقارنة مع سنة /2022/، وأيضاً تراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي، ويزيد من صعوبات عمل المنظمة عدم التزام الدول بقرارتها وسيطرة عدم اليقين على الاقتصاد العالمي، فمثلاً تعارض الولايات المتحدة الامريكية إصلاح محكمة الاستئناف التابعة للمنظمة والتي تريد إدارة المنظمة أن تصبح سارية المفعول سنة /2024/، وتجدر الإشارة إلى تهديد الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب) بالانسحاب من المنظمة، فماذا لو عاد ترامب إلى البيت الأبيض؟، وركزت المديرة العامة على تراجع سلاسل التوريد والتدفقات الاستثمارية والخلاف الكبير بخصوص دعم الصيد السمكي وإنهاء الصيد الجائر وتأمين مساعدات لمصائد الأسماك النظامية، وتبرعت الإمارات بمبلغ /10/ ملايين دولار لهذا المشروع وغيره، والخلافات حول البيئة والمناخ العالمي، وتركز الخلاف حول النموذج الصيني الذي اقترحته الصين وهو نموذج ( الصين +1)، ومضمونه التركيز على الاستثمار في الصين إلى جانب دولة أخرى، وتصر الصين على أنها من الدول النامية وتتهمها الإدارة الامريكية بأن هدفها الاستفادة من المساعدات العالمية المخصصة للدول النامية؟، وعبرت (الهند وجنوب إفريقيا) عن رفضهما للاتهامات لهما بعرقلة تمديد الوقف الاختياري لمدة /25/ سنة لتطبيق التعريفات الجمركية على التجارة الرقمية، وخلافات كبيرة حول الموضوع الزراعي الذي يهم الدول النامية بشكل خاص..إلخ، ومن هنا دعت المديرة العامة للمنظمة بضرورة التشاور بين الوزراء حول لامركزية سلاسل الإمداد العالمية، وتفعيل عمل النساء والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتقليل معدل البطالة من خلال تأمين فرص عمل، وزيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة، وتحقيق الأمن الغذائي، وتفعيل عمل القطاع الخاص، وإزالة الحواجز التجارية التي تعيق التنمية والاستثمار.
كل ما نرجوه هو أن تتحقق بعض المبادرات البسيطة التي يناقشها الوزراء المجتمعون ومنها مثلاً، تخصيص /50/ مليار دولار لدعم مشاركة المرأة في التجارة الرقمية، وتفعيل عمل صندوق النساء المصدرات في صندوق الاقتصاد الرقمي، ولا سيما أن /90/ دولة تفاوضت لوضع قواعد التجارة الرقمية، وهنا نسأل هل تستطيع المنظمة تهدئة التوتر العالمي وضمان الاستقرار بعد تغير المعادلات الاقتصادية العالمية أم ستكون قراراتها مثل قرارات مجموعة العشرين G20، في ظل العنجهية الصهيو- غربية واعتقد أن هذا ما سيحصل؟.