“اللغة العربية والتحديات الراهنة” في ثقافي طرطوس
طرطوس- ثناء عليان:
يرى الكاتب والمؤرخ الفرنسي إرنست رينان أن” اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة”، ويقول الألماني فريتاغ: “اللغة العربية أغنى لغات العالم”.
عن اللغة العربية وأهميتها ألقت الدكتورة هناء إسماعيل محاضرة بمناسبة يوم اللغة العربية في المركز الثقافي في طرطوس بعنوان (اللغة العربية والتحديات الراهنة) تحدثت فيها عن أهمية اللغة بشكل عام والعربية بشكل خاص، مبينة أنّ اللغة ليست أصواتاً وحسب، بل وسيلة تواصل ذات بعدين، زماني ومكاني، وحامل للفكر والثقافة وللهوية القومية، ولغتنا العربية لغة علم وحضارة وقيم، نقلت لكل لغات العالم بسبب تناغم مفرداتها..
أجمل اللغات
وتكمن أهمية اللغة العربية – حسب إسماعيل- في أنها تعزز التفاهم والتواصل الفعال بين الأفراد وتعبّر عن هوية الشعوب العربية، وتسهم في نقل المعرفة والتراث الثقافي، وهي واحدة من أجمل اللغات في العالم، وذلك بسبب جمالية تركيباتها وتناغم مفرداتها وألفاظها، ومعاني كلماتها الغنية والمتعددة،
مشيرة إلى أنَّ اللغة العربية تحتوي على شعرٍ عظيم وأدبٍ رفيع، وهو ما يجعلها لغةً محبوبةً من قبل الكثيرين في العالم. فالشعر العربي يُعَدُّ من أعظم الأشكال الفنية في العالم، ويتميَّز بتراكيب لغوية رائعة وألفاظٍ شاعريةٍ ساحرة، وقدمت أمثلة من الماضي.
حاملة فكر
ولفتت إسماعيل إلى أن اللغة العربية حاملة فكر وثقافة كل جيل إلى ما يليه لكونها صلة الوصل بين الماضي والحاضر، وتتجه من الحاضر إلى المستقبل، وحاملة للفكر والثقافة والهوية ووحدة العرب، وحملت الرسالة الإنسانية للعرب- رسالة الحق والجمال عبر القرآن الكريم.
وتتميز اللغة العربية بكثرة الاشتقاقات من المفردة الواحدة، وهذا لا نجده في لغات أخرى، وأيضاً كثرة المعاني وتشكيل الكلمات من جذر واحد، وفي اللغة نجد الكلمة لها معنى وضده، وما يزيد جماليتها التنقيط والتشكيل، فتغيير نقطة يغير المعنى وتغيير تشكيل يغير المعنى أيضاً مثلاً باب- تاب هذا ما لم نجده في لغة أخرى.
مرونة اللغة العربية
ولفتت إسماعيل إلى مرونة اللغة العربية وجزالتها وقدرتها على استيعاب ألفاظ أجنبية وتطويلها ضمن قياسها، وأيضاً المثاقفة، فتأثرت وأثرت، إذ نجد في الدراما الهندية مفردات عربية مثل “محبوبة- شكراً”.
وبينت أن اللغة العربية قادرة على التفاعل الحضاري على الرغم من اتهامها بأنها قاصرة عن حمل المستجدات (تقنيات عصرية وغيرها)، فعلماء وأدباء كتبوها وتكلموها وهم ليسوا عرباً كـ (الفارابي- والخوارزمي- وابن سينا- وابن المقفع)، فهي لغة حية متجددة قادرة على التفاعل والتعامل مع الماضي واستطاعت أن تحمل موروثها أكثر من 1500 عام.
تحديات داخلية وخارجية
وتؤكد إسماعيل أن كل ذلك لا يبرر خوفنا على العربية عندما توسعت القوميات واختلط العرب بالعجم، لكن ما يدعو للقلق فعلاً تحديات العربية وهي تحديات قديمة وحديثة وداخلية مثل صعوبة تعلمها، وضعف الثقة وعدم الفهم ماذا أريد من اللغة العربية، مشيرة إلى أن التحديات الخارجية تكون حسب اللغة وممارستها، فهناك البيئة الملوثة لغوياً (السينما، التلفزيون، مسلسلات، مسرح) لغتهم عامية أو لفظ مكسر، وأيضاً العولمة، بالإضافة إلى أن هناك تحديات مقصودة كقطع الصلة المكانية وبالتالي قطع الصلة بالتاريخ.
وفي ختام المحاضرة دعت إسماعيل إلى اتخاذ إجراءات من شأنها تعزيز ودعم اللغة العربية من خلال تطوير التعليم، وتنمية اللغة الفصحى واعتمادها في معاملاتنا حتى على مستوى المسلسلات وبرامح الأطفال، وتعريب المصطلحات، داعية لأن تكون المناهج التربوية أكثر مرونة.