متاحة قانوناً وتحتاج إلى جملة إجراءات لنجاحه.. الصكوك “الدولارية” خيار إستراتيجي لتمويل المشروعات ذات الإنتاج التصديري

تشرين:
تصدر الحكومات أو الشركات الصكوك أو السندات لجمع الأموال من المستثمرين لفترة زمنية محددة بتاريخ سداد محدد، وخلال هذه الفترة عادةً ما توزع الصكوك والسندات معدل ربح (ثابت أو متغير) بشكل دوري. وفي نهاية عمر الصك أو السند، المعروفة بفترة الاستحقاق، يقوم مصدر الورقة المالية بسداد رؤوس الأموال التي تم جمعها من المستثمرين.

وبالتالي يهدف الصك إلى الجمع العاجل للأموال لأهداف اقتصادية أو استثمارية محددة من قبل المصدر له. ويستفيد مشتري الصك أو السند من الناحية الأخرى بالعائد، حيث تتنافس الدول والشركات بشكل عام على جذب هذا النوع من الأموال من خلال إصدار صكوك ذات عوائد مرتفعة.

علي: يحق لنا إصدار نوع من الأوراق المالية هي الصكوك الإسلامية وهي ورقة تشبه السندات من حيث إنها أداة تمويل

وبلغ حجم قطاع الصكوك عالمياً بلغ 775.7 مليار دولار بنهاية عام 2021، بمعدل نمو قدره 12% على أساس سنوي.
كما يعتبر قطاع الصكوك حالياً ثاني أهم قطاعات الصناعة المالية الإسلامية بعد البنوك الإسلامية، ونسبته تمثل 83 بالمائة من قطاع أسواق المال الإسلامية، وما نسبته 25 بالمائة من حجم الصناعة المالية الإسلامية.

خيار متاح
مدير الإيرادات في وزارة المالية” أنس علي أكد خلال حديث سابق له لـ”منصة تشرين” أن هذا الخيار متاح، ويحق لنا إصدار نوع من الأوراق المالية هي الصكوك الإسلامية وهي ورقة تشبه السندات من حيث إنها أداة تمويل، وتمتاز عنها بأنه يحق لأصحابها الانتفاع بمشروع معين كتمويل محطة حرارية معينة، حيث يتم طرح ورقة أو ما يسمى الصك لمصلحة وزارة الكهرباء ويصبح لصاحبها الحق بالانتفاع بأرباح هذه المحطة، وتحمل الخسائر أيضاً، والتوجه الحالين وبإشراف هيئة الأوراق المالية ومصرف سورية المركزي، لإصدار هذا النوع من الصكوك، ونحن كوزارة مالية نستفيد منها لاستهداف السيولة الموجودة خارج القطاع المصرفي، والصكوك كورقة جديدة سيتم طرحها وسيكون لها إيجابيات، وهي تغطي شرائح أخرى غير تلك المكتتبة بالسندات.

ليست للحكومة فقط
رئيس هيئة مفوضية الأوراق المالية الدكتور عبد الرزاق القاسم رأى أنه حتى نصدر صكوكاً بالقطع الأجنبي، يجب أن تكون لدي أماكن توظيف بالقطع الأجنبي، وحسب مشروع القانون المقترح فالصكوك ليست للحكومة فقط، وإنما يمكن للمصارف الإسلامية وأي شركة لديها مشروع وتعجز عن تمويله أن تلجأ إلى هذه الصكوك كمصدر من مصادر التمويل، وعلى من يرغب في ذلك أن يقدم دراسة لهيئة الأوراق المالية لتقيم مدى التزامه، وستكون هناك شركات “ذات قرض خاص” ستمثل حملة الصكوك، وتقوم بمراقبة مدى التزام المشروع لتضمن استخدام الأموال المقترضة في الغاية نفسها التي تم إصدار الصكوك لأجلها.

القاسم: اقترحنا مشروع قانون تكون بموجبه الصكوك بالعملات الأجنبية محصورة بالمشروعات القادرة على تحقيق دخل بالقطع الأجنبي.. وهذا يتطلب إعادة هيكلة للاقتصاد الوطني

ووفقاً للقاسم، فيمكن أن تكون مشروعات الطاقة البديلة إحدى الجهات القادرة على إصدار مثل هذه الصكوك بالعملات الأجنبية لتمويلها، وهي مشروعات إدارتها سهلة جداً، إذ توجد المؤسسة العامة للكهرباء ستقوم بالشراء منها وفقاً لأسعار محددة مسبقاً، ونفقاتها التشغيلية محدودة، لذلك سيكون تحديد معدل العائد الذي سيحققه المستثمر ممكناً، ونحن في سورية نحتاج مثل هذه المشروعات في ظل العجز في موازنة الطاقة حالياً.

مشاركة في الأرباح
ولفت القاسم إلى أنه في حال رغبنا في اعتماد إصدار مثل هذه الصكوك التي لا توجد فيها معدلات فائدة، وإنما مشاركة في الأرباح (العائد)، يجب أن تكون لدينا إدارة فعالة جداً، تحقق الأرباح وتسدد لحملة الصكوك، لذلك يجب اختيار إدارة للمشروع تديره بعقلية اقتصادية، خلافاً لما كان سائد سابقاً، وهناك الكثير من الدول التي توجد فيها مشروعات للقطاع الحكومي تدار بعقلية أنجح من المشاريع الخاصة، وهذا ممكن لدينا لاسيما بعد صدور القانون المتعلق بالشركات المساهمة العمومية، الذي أتاح لإدارات هذه الشركات نوعاً من المرونة في حال إحداثها في مجالات الاستثمار والبيع والشراء والتوظيف.

ضرورية بشروط
القانون أعطى للمصارف إمكانية قبول ودائع بالقطع الأجنبي، تسدد عند الطلب، وفقاً للدكتور القاسم، لكن الإشكالية تكمن في؛ أين ستوظف المصارف هذه الودائع لتحصل على عوائد تمكنها من دفع الفوائد المترتبة عليها بالقطع الأجنبي، ولحل هذه المشكلة رأينا في مشروع القانون المقترح، أن تكون الصكوك بالعملات الأجنبية، محصورة بالمشروعات القادرة على تحقيق دخل بالقطع الأجنبي، وهذا كما طرحنا سابقاً يتطلب إعادة هيكلة للاقتصاد الوطني، فما دام يوجد لدينا عجز في ميزان المدفوعات، فالحل يكمن بالعودة إلى الإنتاج الحقيقي والتصدير حتى نصل إلى نوع من التوازن في ميزان المدفوعات، لهذا يمكن توظيف السندات بالعملات الأجنبية لتأمين مستلزمات مشروعات لديها قدرة تصديرية.

كنعان: 80 مليار دولار مكتنزة في بيوت السوريين حالياً

من جهته أيد أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان هذا الطرح، مبيناً وجود مبالغ دولارية هائلة بين أيدي السوريين في الداخل، تقدر بأكثر من ٨٠ مليار دولار، لكنها مكتنزة، وهذا مرده إلى التعقيدات النقدية الكبيرة الموجودة في اقتصادنا سواء بالليرة أم بالعملات الأجنبية، ظناً منا أنها ستحافظ على سعر الصرف، والحل يكمن في أن ننتج، لكن للأسف الإنتاج يتراجع يومياً بسبب القيود.
مضيفاً: في حال أصدرنا صكوكاً دولارية، علينا أن نضمن عائداً بالدولار لحملتها، وهنا يمكن توجيهها إلى منشآت تستورد مواد أولية وتنتج، لتصدر جزءاً وتحقق تدفقات نقدية بالعملات الأجنبية، لسداد الاستحقاقات في موعدها، وهذا كله تحت إشراف هيئة الأوراق المالية.

للمشروعات ذات العوائد المباشرة
وبين الدكتور القاسم أنه في حال السماح بإصدار الصكوك بالعملات الأجنبية، يمكن هنا لوزارة المالية أن تقوم بإصدار سندات الخزينة، لتمويل المشروعات التي ليس لها عائد مباشر، كتمويل قنوات الري للزراعة مثلاً، أما المشروعات ذات العوائد المباشرة فيمكن أن تلجأ إلى إصدار الصكوك، وتالياً فكل من السندات والصكوك هما أداتان تكملان بعضهما البعض.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار