المرأة السومرية من عشتار إلى رسوم الواسطي
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
للمرأة السومرية شأن كبير حمله إلينا تاريخ أي فنّ من الفنون العالمية، وعبر رسوم شمولية، تستمد أبعادها من كونها زوجة وأماً وعنصراً أساسياً لديمومة الحياة، واستمرار عطائها، وهو ما يقع عليه عطاؤها في الفن العراقي، ومنذ أقدم عصوره، ومن خلال العديد من الإيماءات الرمزية التي استظهرتها شخصية المرأة وخرجت بها أحياناً إلى استعارات شاملة، كما هي الحال مع شخصية (عشتار) التي يمكن اعتبارها صنواً لـ(عشتروت الفينيقية، وأفروديت وفينوس عند اليونانيين والرومان)، فقد تمثل فيها عندما سكن الرومان بلاد ما بين النهرين جناحا الحب والحرب، وغزت من خلالهما هياكل (آشور)، ازدهرت ما بين 704- 681ق.م، واصطحبت معها بُعدين جديدين في نجمة الصباح ونجمة المساء، ثم كان لنا أن نستذكرها في عمل فني لامرأة غطّت رأسها بغطاء مزيّن بالقرون والتي تعود بها إلى ما هو أبعد من ثلاثة قرون قبل الميلاد، وحيث يرى فيها (انطون مورتكات) في كتابه القيم (الفن في العراق القديم) المثل الأول لظهور (المرأة السومرية متجسدة بصيغة بشرية خالصة وهي أمام شعاريها المكونين من حزمتين من القصب هما رمزاها المجردان)، وما فات (موتكارت) أن يشير إليه هو أن هذه المرأة السومرية في رمزها الشمولي كانت تشير إلى معنى (الأرض) من خلال ثلاث إشارات يمكن أن نتبينها في المرأة كجنس بشري، والقيون الحيوانية والقصب في دلالتين للخصب الحيواني والنباتي.
وما يتواصل مع ذلك كله كثير وكثير جداً، وحسبنا من ذلك الواقع الاجتماعي للمرأة السومرية فقد تمثلها الفن السومري في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، السومريون استوطنوا جنوب العراق في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، وتميزت المرأة عندهم باكتناز الشحم واللحم للتدليل على صحتها وعافيتها وبصفتيهما رمزاً للرخاء الاقتصادي في مواضع معينة من جسدها إذ توحي بذلك، وهي عند (الأكاديين) الذين سكنوا أواسط العراق ما بين 2400- 2200 ق.م الذين رحلوا من الجزيرة العربية إلى بلاد ما وراء النهرين، على غير صورتها عند السومريين إذ إنها أقرب إلى النحافة منها إلى السمنة أو البدانة، وذلك بأثر مما تستوجبه حياة (الأكاديين) المتنقلة من أرض إلى أرض بحثاً عن كلأ وماء ومأوى آمن.
وتبدو المرأة السومرية على جانب كبير من الأهمية في منمنمات (يحيى بن محمود الواسطي) لمقامات الحريري، 1054- 1220 والتي انتهى من إنجازها، وهكذا كانت المرأة السومرية في رسوم الواسطي مع ما حملته هذه المنمنمات من أثر للواقع الاجتماعي.