دبس العنب.. صناعة متوارثة ومصدر رزق في الأرياف
اللاذقية – نهلة أبو تك:
صناعة دبس العنب موروث قديم تناقله الأحفاد عن الآباء والأجداد، وحافظوا على صناعته لأجيال عدة، كما تعد مصدر دخل يعيل الكثير من العائلات، منها أسرة معين من أهالي قرية عرامو في محافظة اللاذقية التي تشتهر بزراعة العنب، إذ يكاد لا يخلو بيت في القرية من أصناف العنب المتعددة.
وأشار معين في حديثه لـ”تشرين” عن عمله في صناعة دبس العنب التي ورثها عن أبيه وجده، إلى أنها صناعة قديمة جديدة لا يمكن أن تندثر، ولا يخلو بيت في المنطقة من دبس العنب لفوائده وخصائصه العديدة، فهو يستخدم كمطهر للأمعاء والمعدة ولعلاج الجروح وترميمها، إضافة إلى استخدامه في معالجة حب الشباب وتغذية البشرة من خلال احتوائه على عناصر مفيدة جداً للجسم، كما يستخدم كبديل عن السكر في صناعة الحلويات وليس له مضاعفات السكر العادي، ويفيد في التهاب القصبات والسعال لذلك يسمى العسل الأسود أو صيدلية البيت.
وعن كيفية استخراج الدبس وصناعته، شرح معين بأنه بداية يتم قطف العنب، والذي له أصناف عديدة، لكن الأحسن لصناعة الدبس هو العنب السلطي والأسود فيتم فرز حبات العنب وتنقيته وغسله جيداً، بعدها يتم تجفيفه ليصبح زبيباً، ويترك لحين يبدأ الطقس يميل للبرودة، لتأتي مرحلة نقع الزبيب من خلال وضع الكميات في وعاء حجري مصمم لهذه الغاية، حيث يترك منقوعاً لمدة ثلاثة أيام، بعدها يصفى ويوضع على النار ويترك يغلي مدة زمنية مع إزالة الرغوة عن وجه الإناء والتي تنتج عن الغلي مع الاستمرار في التحريك إلى أن يصبح المزيج لزجاً مائلاً للسماكة.
ولفت معين إلى أن بعد ذلك تأتي مرحلة التبريد، ومن بعدها يوضع المزيج ضمن أكياس من الخيش أو القماش، مضافاً إليه مادة الحور التي تعمل على تخفيف حموضة المزيج وتنقيته، ومن بعدها يترك إلى أن يصفى تدريجياً، وبعدها يتم تعبئة الدبس ضمن أوانٍ زجاجية.
وأكد معين أنه زاد مؤخراً الإقبال على شراء الدبس رغم غلاء سعره، عازياً السبب لعوامل عدة من زراعة العنب إلى إنتاجه وارتفاع إنتاجه وأسعار المحروقات. إلا أنه مازال يجد له سوقاً لا يمكن الاستغناء عنه، مبيناً أنه يحرص على الاستمرار في صناعة الدبس وتعليمها لأولاده حفاظاً عليها من الاندثار من جهة، ولأنها تشكل مصدر رزق من جهة أخرى، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.