وكالة لزعزعة الاستقرار الدولي!!
في مقال مهم نشره قبل أيام, الاستاذ الجامعي الأمريكي, جيفري د. ساكس, حول «دور المخابرات المركزية الأمريكية في زعزعة استقرار العالم»، أوضح فيه أن ما تقوم به هذه الوكالة، يعاني مشكلة في أهدافه المضادة للآخرين، وفي وسائلها القذرة الخارجة عن القانون، والمصيبة الأكبر، عدم خضوع هذه الوكالة للمحاسبة، أو المساءلة القانونية.
وفي استرجاع لتأسيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في العام 1947، يذكر الدكتور ساكس العالم، بأنها منذ تأسست كانت وظيفتها من شقين؛ الأول: جمع المعلومات التي تخدم السياسة الأمريكية تجاه العالم، والثاني: التخريب الموجه ضد كل من يصنف بـ«عدو للأمن القومي الأمريكي» وإذا كان جمع المعلومات مفهوماً بمعناه الشامل، فإن التخريب الذي تقوم به الوكالة عبر الانقلابات والاغتيالات ونشر الفوضى وإسقاط الدول وغيرها من الوسائل.
ضمن شق التخريب، يورد الدكتور ساكس أمثلة كثيرة من أعمال الوكالة، بدءاً من اغتيال الزعيم الأفريقي باتريس لومومبا، إلى انقلاب تشيلي ضد إليندي، إلى إفشال حركة مصدق في إيران وإعادة الشاه في الخمسينيات من القرن العشرين، إلى التآمر على أوكرانيا وفنزويلا وكوبا، إلى إنشاء فرق الجهاديين الإسلاميين لإزعاج وزعزعة الحكومة الشيوعية في أفغانستان، استدراجاً للتدخل السوفييتي فيها، ومن ثم توسيع عمل الجهاديين ضد السوفييت، وهم أنفسهم الجهاديون الذين شكلوا تنظيم القاعدة الإرهابي، إضافة إلى دور هذه الوكالة في تنظيم أو الدفع إلى تنظيم «داعش» بعد غزو العراق.
من أهم فقرات المقال ما أورده الدكتور ساكس عن تكليف أوباما للمخابرات المركزية الأمريكية بإثارة الاضطرابات والاحتجاجات في سورية، وتحويلها إلى حرب إرهابية، حيث نص المقال بالحرف «في حالة سورية علمنا من بعض القصص التي نشرتها نيويورك تايمز في العامين 2016 و 2017، عن العمليات التخريبية التي نفذتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لزعزعة استقرار سورية، والإطاحة بالرئيس الأسد، بناءً على أوامر من الرئيس باراك أوباما.. كانت هذه قصة عملية سيئة المشورة ومضللة بشكل مخيف قامت بها وكالة المخابرات المركزية في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وهي العملية التي أدت إلى عقد من الاضطراب، وحرب إقليمية متصاعدة، ومئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين، ومع ذلك لم يكن هناك اعتراف واحد من البيت الأبيض أو الكونغرس بالمسؤولية عن هذه الكارثة التي قادتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية».
مقال الدكتور ساكس مهم للمعلومات التي تضمنها، خاصة أنه أكاديمي أمريكي مرموق، ولا يصدر دعاية حزبية، أو شعارات أيديولوجية، إنما يستند إلى حقائق ووقائع، وكلها تؤدي إلى نتيجة واحدة، تقول إن أمريكا أسست «وكالة لزعزعة الاستقرار الدولي» اسمها المخابرات المركزية الأمريكية.