هجرة مُعاكسة 

حزم أبو أحمد أمتعته، وعقد عزمه للعودة إلى قريته وأرضه، التي هجرها منذ عقدين من الزمن، بعد أن أغوته حياة المدينة بصخبها، واستهوته حياة الترف والراحة، والحصول على ما يريد من دون تعب ومشقة.

وقد استطاع أبو أحمد الموظف في إحدى شركات القطاع العام حينها شراء منزل وسيارة بقرض ميسر، وراتبه كان جيداً مع راتب زوجته، واستطاع أن يعيش مع عائلته حياة ميسورة هادئة.

إلّا أنّ هذا الحال لم يدم، فقد تبدلت أحواله، وتغير “رتم” حياته، وأصبح غير قادر على تلبية حاجات منزله ومتطلبات أبنائه الجامعية، مع الظروف الاقتصادية الضاغطة، والارتفاع الكبير لمستلزمات المعيشة.

أيقن أنه لا ملاذ أمامه إلا بالعودة إلى قريته، يحرث أرضه ويزرعها بما لذّ وطاب، ويأكل رغيف خبز طازجاً رائحته الذكية تشبعه، وأرضه تعطيه على قدر ما يعطيها، فالأرض هي العرض، هكذا علمنا آباؤنا و أجدادنا الذين زرعوا فأكلوا، كانت بيوتهم كلها خير يفيض من خيرات الأرض، وتعب سواعدهم وعرق جبينهم، قدّسوا الأرض فأعطتهم بسخاء.

هذه القناعة باتت عند الكثيرين من أبناء الريف قاطني المدن، وأن حياتهم لن تستوي إلا بالعودة إلى الأرض، فهل ستشهد الأيام القادمة ردة معاكسة وتنشط الهجرة من المدن إلى الأرياف طلباً للرزق؟.

وبهذا” نضرب عصفورين بحجر واحد” كما يُقال، من خلال تمكين المزارع بأرضه ليقتات منها، ويبيع الفائض من جهة ودعم اقتصادنا الزراعي من جهة أخرى، وهذا يحتاج إلى دعم ورعاية من المعنيين لتأمين متطلبات المزارع كلها، إحياءً لأرضنا وتكريماً لمزارعنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار