البادية السورية على أعتاب قانون جديد يكفل حمايتها.. لتقليص رقعة التصحر وإعادة ضخ الدماء في شرايينها
دمشق- رشا عيسى:
الدفع باتجاه تأمين حماية إضافية للبادية السورية المترامية الأطراف محور سلسلة من الجهود، بدءاً من إعادة تأهيل المحميات الرعوية فيها، مروراً بتفعيل آبار المياه، وصولاً إلى تعديل بعض مواد القانون رقم 62 للعام 2006 والخاص بحماية أراضي البادية، والذي أخذت التعديلات القانونية المرتقبة إطاراً شبه نهائي، مع مناقشة لجنتي الزراعة والموارد المائية والشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب، مشروع القانون المتضمن تعديل القانون 62.
مدير عام هيئة إدارة وتنمية وحماية البادية الدكتور بيان العبد الله أوضح في تصريح خاص لـ”تشرين” أنه ولما كانت أراضي البادية فقيرة بالمواد العضوية والعناصر الغذائية للنبات، إضافة إلى هشاشة القوام وضحالة مقطع التربة، فإن الفلاحات المتكررة تتسبب في زيادة احتمالية انجراف التربة الريحي والمائي والقضاء على الفلورا النباتية والأنواع النباتية البرية، ما ينعكس سلباً على حالة المراعي وزيادة رقعه التصحر.
العبد الله: فرض الغرامات الرادعة على من يتجاوز على أراضي البادية
وأوضح العبد الله، لذلك كان لابد من تعديل بعض مواد القانون 62 الخاص بحماية أراضي البادية وفرض الغرامات الرادعة على من يتجاوز على أراضي البادية، سواءً بالفلاحة أو التحطيب أو الرعي العشوائي، والتعدي على المحميات الرعوية، والآبار الخاصة بالثروة الحيوانية في البادية، مع حجز ومصادرة جميع الأدوات والآلات والحيوانات المستخدمة في التجاوزات، لافتاً إلى تشكيل لجان ضابطة عدلية تتبع للهيئة العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية، ومخولة من قبل وزير الزراعة باتخاذ الإجراءات كلها ذات الصلة في المحافظات المعنية.
وشرح العبد الله أن القانون /62/ صدر في 24/2/2006 ناظماً للبادية المترامية الأطراف التي تربو على مساحة 10.2 ملايين هكتار، أي ما يعادل 55 % من مساحة القطر. وتم اعتبار أراضي البادية من أملاك الدولة الخاصة بموجب القانون، وإنهاء وضع اليد على أراضي البادية، ومنع المحاكم واللجان القضائية من النظر في الدعاوى المتعلقة بتسجيل العقارات، وتم وقف أعمال التحديد والتحرير وأعمال التجميل وإزالة الشيوع والتحسين العقاري مع استثناء بعض العقارات من التسجيل في حال كانت الدعاوى مرفوعة قبل تاريخ 20/7/1970. وقد كان للقانون /62/ اليد الطولى في منع الفلاحات والتجاوزات على أراضي البادية غير المروية ذلك للحفاظ على هذه الأراضي، وعدم الفلاحة والرعي الجائر، واقتصار استثمارها على الرعي المنظم وإقامة مشاريع الرعي.
و بالتزامن مع الاتجاه القانوني لإجراء التعديلات الملحة في القانون /62/ فإن الهيئة تعمل على إعادة الحياة، وتوطين المربين في تجمعاتهم التي هجروها قسراً، وعليه لابد من توفير المرعى ومياه الشرب لقطعان الماشية لدى المربين، موضحاً أنه تم الانطلاق نحو إعادة تأهيل المحميات الرعوية واستزراعها بالنباتات الرعوية المنتجة في مشاتل الهيئة بمعدل ١٧٠٠-١٨٠٠ هكتار سنوياً، مع تشجيع المربين في المناطق الهامشية لإقامة محميات رعوية خاصة لتوفير العلف الأخضر في الفترات الحرجة، والتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، بزيادة البقعة الخضراء وفقاً للعبد الله.
وقال: سجلت تجارب ناجحة مع مربي منطقه السعن والشيخ هلال في بادية حماة (منطقه استقرار رابعة)، حيث تم توزيع ما يقارب ١٧٠ ألف غرسة رعوية متنوعة مع تقديم التسهيلات والإشراف الغني من قبل فنيي هيئة البادية، مضيفاً: إنه وفي الإطار نفسه وبغية تقديم مياه الشرب لقطعان الماشية عند المربين جارٍ العمل على إعادة تأهيل الآبار تدريجياً على كامل المساحات الآمنة في البادية، إذ بلغ مجموع ما أعيد تأهيله من الآبار حتى تاريخه ٨٦ بئراً من أصل ٣٧٥ بئراً منها ١٣ بئراً تم تشغيلها على الطاقة البديلة.
وحدد العبد الله جملة مقترحات للحد والتخفيف من أثر التغيرات المناخية، منها: إعادة تأهيل وترميم المحميات الرعوية الحكومية، والتشاركية في المناطق الآمنة والممكن حمايتها والحفاظ عليها وضمان ديمومتها، وإعادة
تأهيل الواحات، وإقامة واحات خضراء حول الآبار وفي المناطق الآمنة، والتوسع في زراعة النخيل وخاصة في حرم الآبار، والعمل مع المجتمع المحلي في مناطق الاستقرار الرابعة والهامشية، وتشجيعهم على إنشاء محميات رعوية خاصة، مع إقامة مشاريع تثبيت الكثبان الرملية والحد من حركة الرمال والعواصف الغبارية بالتقنيات والأساليب المتناسبة مع كل حالة.