حسابات ..!
ما نعيشه اليوم من أزمات ، منها الاقتصادي والاجتماعي، وأخرى تتعلق بالسلوك والحالة الأخلاقية لكل أزمة، دخلت ميدان حياتنا اليومية وفي مقدمتها الحرب وتداعياتها السلبية ، ومنها موروث بفعل العقل الذي لم يتغير، وبقيت حسابات المصلحة والأنا هي صاحبة القرار، وبقي المستهلك وحده يعيش تقلبات الأسواق وأزماتها!
والمشكلة هنا أن كل ذلك خضع لميزان التطور السلبي في ظل حرب أفرزت أزمات متعددة، وتداعيات خطرة ، وفرضت حالة من الخوف تخللتها مجموعة أسئلة تتعلق بتأثيرات الأزمة على السلوك العام، وما فعلت بالنفوس، من أصحاب رؤوس الأموال وحبهم للمال وتكديس الثروة، ومعظمهم لا تعنيهم راحة مواطن، ولا حتى الالتزام ببعض قواعد الاستثمار في التعامل والسلوك اليومي، الذي يؤكد احترام أسس الحياة، والذي تؤكده مئات الضبوط التموينية التي تسجلها حماية المستهلك في الأسواق يومياً؟
والأخطر ماذا فعلت بعقول معظم رجال أعمالنا الذين أغرتهم مظاهر الغلاء، وعدم استقرار الأسعار، والتلاعب بندرة المواد، والتحكم بقانون الأسواق والحد من حركة البيع والشراء، والتغاضي عن طبقة الفقراء، الذين جارت عليهم هموم الأزمة وحرب السنوات الماضية، وما حمله الحصار الاقتصادي، وعقوباته من ويلات، كلها لم تشفع لمعيشة تحكم بها أهل “تقريش الدولار” ومن سار في ركبهم من مستغلي الحال؟!
والأكثر خطورة ماذا عن أهل الإنتاج وصناعتهم الذين لم يختلفوا كثيراً عن نظرائهم ، وفرض حسابات أغلبها لا تتفق مع حسابات الحقل والبيدر، ولا ترتبط بتكلفة واحدة، وفرض سعر محدد، أو التزام يفرض بعض التعامل الأخلاقي تجاه المواطن الذي يعتمد المنتج المحلي مصدر سوقه وتسوقه, فالمادة الواحدة تحمل أكثر من سعر, وتختلف من سوق إلى آخر مع أنها تحمل الجودة والمصدر ذاتهما؟
والأهم من هذا وذاك، ماذا فعلت الأزمة بالعقل الاداري الذي بات يقدم الكثير من التبريرات, ويسوق الكثير من المعطيات تجاه رفع أسعار المواد والسلع والخدمات, والتعاطي معها على أساس فلسفة جديدة تتبنى قي مضمونها سياسة (التقريش) وتقديم الحجج التي تعاني من ضعف أسباب الموضوعية والشفافية في الطرح وطريقة التبرير؟!
من دون أن نتجاهل ضرب عرض الحائط بطبيعة المواطن الذي وعى طبيعة الأزمة من دقائقها الأولى وتعامل معها بواقعية ومسؤولية، لكن ما يحصل اليوم هو خلاف لهذه القيمة والوعي، فارتفاع الأسعار في معظم حاجاته اليومية من المأكل والملبس وحتى خدمات النقل والاتصالات التي باتت أكثر إرهاقاً للدخول المعدومة مقابل الغلاء الفاحش؟!
وأمام ذلك تضيع الحسابات التي يقدمها أهل المشورة والرأي في تحسين الحال، وتقريب المحال، وتصبح الحلول في مجهول الأيام القادمة، التي نأمل أن تحمل كل الامل في التغيير الإيجابي!