فاز بالجائزة الفضية في مسابقة الصين الدولية لطلاب الجامعات.. طرف صناعي عِلْوي ذكي مع مفصل رسغ مشروع لمخبر الأطراف الصناعية في جامعة دمشق

تشرين- أيمن فلحوط:
النجاح إحدى ثمار التعب والجهد المتواصل، ولا يشعر به إلا من عملوا من أجله، فبعد 4 سنوات من العمل الجاد في مخبر الأطراف الصناعية في جامعة دمشق، نجح المشروع المقدم من طلاب كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق بحصوله على المركز الثاني والجائزة الفضية، بالتشارك مع الجانب الصيني الممثل بجامعة الدونغ هوا Donghua university ضمن مسابقة الصين الدولية لطلاب الجامعات في الابتكار وريادة الأعمال على الإنترنت بدورته التاسعة، وقدم المشروع تحت عنوان ” طرف صناعي عِلْوي ذكي مع مفصل رسغ”.

هل يكون فرصة لمساعدة المتضررين من الحرب الذين تعرضوا لبتر بعض من أطرافهم العِلْوية؟

فريق العمل تألف من المهندسة نسرين الماضي، والمهندس محمد المصري بإشراف الدكتور محمد فراس الحناوي نائب رئيس جامعة دمشق لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا، والدكتورة رشا مسعود رئيسة قسم الهندسة الطبية، والدكتورة عبير العسود من قسم هندسة ميكانيك الصناعات النسيجية وتقاناتها كقائد للفريق.

أهمية المشروع
“تشرين” استوقفت عدداً من القائمين على البحث للحديث عن أهميته في ظل الإصابات التي لحقت بالعديد من المواطنين بأطرافهم العِلْوية، وإمكانية الاستفادة مما طرح في المشروع على الصعيد المجتمعي، في ضوء الحاجة الماسة لذلك.
الانطلاقة من مخبر الأطراف الصناعية
البداية كانت مع الدكتور محمد فراس الحناوي متحدثاً عن بداية البحث، التي كانت في مخبر الأطراف الصناعية المقدم من مجموعة من المغتربين السوريين في إيطاليا، والهدف منه تصنيع الأطراف العِلْوية التي تعتمد المبدأ الميكانيكي في عملها، حيث قال: وجدنا أن الكثير من المستفيدين بعد فترة من الزمن يضجرون منه، فكان لابد من الانتقال إلى الطرف الصناعي الذي يعتمد على إشارات العضلات لدى المتعرضين للبتر، وتالياً تحويل الإشارة إلى حركة لمعرفة حاجة اليد، في ضوء التقنيات الحديثة المتوافرة في السوق العالمية، لكن أسعارها مرتفعة جداً، وتتجاوز 300 مليون ليرة أحياناً، ولذلك تم العمل على إنجاز طرف بأقل تكلفة، ويؤدي الحركات الأساسية المطلوبة منه.
وأضاف د. الحناوي: توصلنا نتيجة البحث إلى أقطاب أربعة من بين 12 قطباً تمت دراستها خلال مراحل العمل، لتكون لها الفاعلية، وفي المرحلة اللاحقة نأمل الحصول على التمويل اللازم، لأن ميزانية البحث العلمي في الجامعة لا تسمح بذلك، وتكاليف المنتج الأولي كأنموذج تكون عادة كبيرة، أكثر مما عليه بعد عملية الإنتاج الأولى، نظراً لشراء القطع بشكل فردي، بعكس عملية الشراء للكميات التي سيتم بعد ذلك إنتاجها.

الحناوي: ندعو للمساهمة المجتمعية من التجار ورجال الأعمال فهل تجد آذاناً مصغيّة؟

المساهمات المجتمعية
ونظراً لحاجة عدد من أفراد مجتمعنا لهذا الطرف، وأمام المسؤولية المجتمعية، يقترح الدكتور الحناوي الاستفادة من المساهمات المجتمعية المحددة بنسبة ” 5% ” يتم تخفيضها على نسبة الضرائب للتجار في حال قيامهم بذلك من وزارة المالية”، وأن يبادر المعنيون من التجار ورجال الأعمال بالمساهمة الجدية في تمويل هذا المشروع المهم، الذي يحتاجه أفراد المجتمع ممن تعرضوا لإصابات البتر نتيجة الحرب على سورية، آملاً في تعاضد المجتمع بهذا الموضوع، ليأخذ الفريق دفعاً معنوياً ولتأمين احتياجات العمل على مستوى الإنتاج.
وفي الحديث عن الفوز بالمركز الثاني واعتزاز الدكتور الحناوي بما تحقق من عمل وجهد لفريق العمل، يؤكد أن القائمين على المسابقة يشترطون تشكيل فريق من أستاذ وطلاب، وتم تشكيل الفريق، الذي حقق مركز الوصافة في المسابقة التي شاركت فيها 140 دولة، وتم إنجاز البحث في مخابرنا، ولكن لا بد من عمل جدّي من التجار ورجال الأعمال للتعاضد في هذا الإطار ليصبح المشروع منتجاً على مستوى أوسع.

فخر وسعادة
المهندسة نسرين الماضي عبّرت عن فخرها بما تحقق على صعيد حصول الفريق على مركز الوصافة في المسابقة بالصين، مضيفة: “إن الصين متقدمة علينا تقنياً، وهذه هي المشاركة الأولى لنا كجامعة دمشق ضمن هذه المسابقة، وقد علمنا بالمسابقة من خلال الدكتورة عبير العسود، وهي مشكورة جداً لكونها كانت حريصة على مساعدتي في مراحل التقديم للمسابقة، وأتمنى أن نعيد التجربة ونحصل على المركز الأول باسم جامعة دمشق في المسابقات القادمة.
وتشير الماضي إلى فكرة العمل التي بدأت من خلال عملها في مخبر الأطراف الصناعية في جامعة دمشق، الذي تأسس عام 2019.

المهندسة الماضي: نموذج تحكم إلكتروني ذكي بقلب الطرف يؤدي إلى حركة طبيعية تشبه اليد الطبيعية بدلاً من أن تكون حركة ميكانيكية

تحكم إلكتروني ذكي
تتابع المهندسة الماضي: هذه الأطراف نوعها ميكانيكي، بمعنى أنها تعتمد على المفاصل المتبقية في الجسم، لكي نتمكن من تحريك الطرف، فإذا كان البتر تحت الكوع، يجب أن يحرك الشخص كوعه حتى يتم إغلاق كف الطرف، وإذا كان البتر قد حصل تحت الرسغ، يجب أن يثني رسغه حتى يغلق الطرف، وهذا مبدأ ميكانيكي يعتمد على نقل الحركة من مفصل إلى آخر، يتم تصنيعه بتقنية ثلاثية الأبعاد، ومن أهم ميزاتها أنها خفيفة الوزن، وتكاليفها أقل من غيرها، ولكننا حين قدمنا هذه الأطراف للمبتورين، كان معظمهم لا يستخدمونها على المدى الطويل، ويرونها غير فعالة بشكل كاف، لذلك بدأنا التفكير بطرق أخرى لتقديم الخدمة لهم، لتأتي فكرة مشروعي التي كانت رسالة الماجستير لي، واقترحها الدكتور محمد فراس الحناوي، وتقوم على استخدام طريقة التصنيع نفسها من خلال الطباعة الثلاثية، لكن تتضمن نموذج تحكم إلكترونياً ذكياً بقلب الطرف، بحيث تصبح الحركة ناجمة عن تحريك العضلات، وهي أشبه بالحركة الطبيعية لليد الطبيعية، بدلاً من أن تكون حركة ميكانيكية.

المبدأ
أما مبدؤها، فيقوم على وضع حساسات على العضلات المتبقية في اليد المبتورة، والعضلات حين تنقبض وتنبسط تنتج إشارة كهربائية صغيرة، فتقوم الحساسات بالتقاط هذه الإشارة، وباستخدام الخوارزميات والذكاء الصنعي تتم معالجة تلك الإشارات وتصنيفها، ومن خلالها نستنتج نوعية الحركة التي تريد اليد تأديتها، واستطعنا من خلال هذا المشروع الوصول إلى دقة تصنيف 92 % بالتعرّف على الحركة التي يؤديها بيده، واعتمدنا 10 حركات وظيفية، ماذا أعمل حين أريد مسك كأس أو مفتاح أو قلم.

أما بالنسبة لتكاليف تغطية المشروع، فبيّنت: كونه مشروعاً بحثياً، تم تمويله من قبل جامعة دمشق، فقدمت القطع الإلكترونية التي كانت عبارة عن محركات وحساسات، لكننا إذا أردنا إكمال المشروع للوصول إلى حالة منتج، فنحن بحاجة إلى مصادر تمويل لتغطية ذلك.

أربع سنوات من العمل
من جانبه، أضاف المهندس محمد المصري: إحراز المركز الثاني في المسابقة يعطينا الثقة العالية والدافع الأكبر لمنافسة الجامعات والدول المتقدمة، رغم الظروف التي يمر فيها الوطن، وما قمنا به كان حصيلة عمل لمدة أربع سنوات، قمنا به في مخبر الأطراف الصناعية في جامعة دمشق، بعد تقديم 50 طرفاً ميكانيكياً للمبتورين، والمصابين في الحرب على سورية. وقد أجرينا استطلاعاً عن مدى رضا المبتورين عن الأطراف، ومن خلال هذا الاستطلاع آخذين بالاعتبار وجوب حضور العناصر الإلكترونية لتدعم الميكانيكية المستخدمة ضمن الأطراف، لنتوصل إلى الشكل الذي تقدمنا به للمسابقة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار