قمحنا من الانتعاش إلى الانكماش.. لماذا لا يتم دعم وتحفيز مزارعيه من أجل إنتاج وفير بدلاً من استيراده؟
حماة – محمد فرحة:
مازال السؤال الجوهري الكبير المطروح منذ سنوات مؤداه: لماذا نستورد القمح بدلاً من دعم مزارعيه لإنتاج الحاجة المطلوبة لصناعة رغيف الخبز؟
ففي كل اجتماع يتعلق بالشأن الزراعي، كان هذا السؤال يطرح في الشارع، ونحن الذين كنا نصدر الفائض عن حاجتنا، منذ عام ١٩٩٩، إذ تم خلال عام ٢٠٠٧ إنتاج أربعة ملايين طن، وفي عام ٢٠٠٨ بلغ إنتاجنا مليونين ومئة ألف طن، وكانت الحاجة الفعلية لصناعة الرغيف تقدر بمليون و٦٠٠ ألف طن تقريباً.
كل ذلك من جراء تشجيع المزارعين على زراعة الحبوب، ودفع أسعار أعلى من الأسعار العالمية، في الوقت الذي كنا في منتصف الثمانينات نستورد القمح، لكن النهج الزراعي الذي اتبعته حكومات تلك الحقبة، أعادنا إلى سكة الإنتاج والفائض منه لنصدره.
والآن بعد كل هذا الفائض، الذي كان، لماذا هذا التراجع الكبير في الإنتاج ومن الإنعاش إلى الانكماش؟ ولماذا لم يتخذ المعنيون إجراءات تعيد زراعة القمح إلى الواجهة مجدداً؟
في خطة وزارة الزراعة هذا العام وردت زراعة مليون و٤٠٠ ألف هكتار، منها ٥٣٧ ألف هكتار في الأراضي المتاح تسويقها بكل يسر، وهي كافية لإنتاج حاجتنا من القمح، لو تم تأمين مستلزمات المزارعين من الأسمدة الكافية والمحروقات، أما أن تقول وزارة الزراعة بأنه تم تأمين الأسمدة، فهذا غير كافٍ.
كيف ولماذا ؟
أولاً لا يمكن أن تكون حاجة الدونم ١٢ كغ من الأسمدة، بينما حاجته الفعلية بين 20 و 25 كغ، إذا ما أردنا لإنتاج الدونم من ٣٥٠ كيلو إلى الـ ٥٠٠ كيلو. وفي الحالة التي تراها وزارة الزراعة بأن ما تم توزيعه من أسمدة كافٍ لإنتاج ما يلزم من القمح، فهذا ليس دقيقاً، ولعل تجارب السنوات القليلة الماضية خير دليل على ذلك.
فلماذا استيراد القمح بالقطع الأجنبي وما يرافق عمليات استيراد كل شحنة من شحناته، ونحن قادرون على إيقافه والاستغناء عنه، وبالتالي توفير القطع الأجنبي لخزينة الدولة؟
مدير عام المؤسسة العامة للحبوب أكد في لقاء تلفزيوني معه، أننا نستورد القمح عبر شحنات دورية بحدود مليون و٤٠٠ ألف طن، وزاد بأنه لا خوف ولا إشكالية لدينا في هذا المجال، فمخزوننا كافٍ منذ الآن وحتى شهر حزيران.
وأضاف مدير عام مؤسسة الحبوب: إن هناك تسعيرة تأشيرية للقمح هي ٤٢٠٠ ليرة للكيلو الواحد، وبكل تأكيد سيعاد النظر فيها لتكون مرضية ومقنعة للمزارعين.
الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم قوشجي والأستاذ في كلية الاقتصاد بحماة، أوضح أن عملية الدعم يبدو قد انتهت، ولم تعد موجودة، وزاد على ذلك بأنه كان بالإمكان دعم المزارعين في المجال المتاح استلام إنتاجه من القمح بعيداً عن أي إشكال يعوق ذلك. مع الإشارة إلى أن أهم المساحات التي كانت تزرع بالقمح صعبة المنال.
وختم حديثه، بأنه يمكن تلافي استيراد القمح من خلال التركيز على الزراعات المتاحة.