سورية مصنفة الثامنة عالمياً بارتفاع أسعار العقارات.. تساؤلات عن مصير السكن الاجتماعي «الاستوديو» في بنية التشريعات العقارية الجديدة
دمشق- منال الشرع:
أصبح امتلاك منزل متواضع في مساحته وموقعه حلماً بعيد المنال للجميع بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات والبيوت، ويترقب المواطن الإجراءات التي ستتخذها الجهات المعنية للحدّ من هذا الارتفاع والمترافق مع غياب المعايير التي تضبط حركة أسعار المساكن والأراضي التي يمكن البناء عليها.
عندما يبدأ الحديث عن سوق العقارات وتقلبات أسعارها، سواء في الانخفاض أو الارتفاع، لا تغيب عنه المشاريع السكنية الموجّهة إلى الطبقات المحدودة الدخل أو الفقيرة التي تلجأ إلى اقتناء شقق في السكن الاقتصادي، إلّا أنّ ارتفاع أسعار العقارات وقفزاتها تحول دون امتلاك مسكن.
تساؤلات عدة تطرح نفسها
كانت شركات التطوير العقاري تتولى جزءاً من تأمين المساكن عن طريق مشاريع وفق القانون رقم (١٥)، ولحظ القانون ذاته – تم إلغاؤه مؤخراً واستبداله بالقانون رقم 2 – أنه يجب أن تلحظ مشاريع السكن الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن الواقع يؤكد أنه لم يتم لحظ ذلك على الأرض؟ وما هي المشاريع التي تمت الاستفادة منها؟ وهل من عقبات ومقترحات في هذا الإطار؟
دياب: تمّ إحداث /27/ منطقة تطوير واستثمار عقاري موزعة على/20/ منطقة على أملاك الدولة بموجب القانون رقم /15/ لعام 2008
يبيّن مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين علي دياب، أنّ مشاريع التطوير والاستثمار تتنوع حسب ملكيتها ونوعيتها، سواء حسب القانون رقم /15/ لعام 2008 أو القانون رقم /2/ لعام 2023 الذي أنهى العمل بهذا القانون. حيث تعدّ المشاريع ذات أبعاد اجتماعية، إذا كانت تهدف إلى تأمين إسكان شرائح محددة من المجتمع بشروط ميسّرة عن طريق تملّك مقاسم معدّة للبناء أو تملّك وحدات سكنية تقسيطاً أو إيجار هذه الوحدات، وذلك بمساحات اقتصادية وبأسعار وأقساط تتناسب مع متوسطي الدخل لهذه الشرائح .
٢٧ منطقة تطوير واستثمار عقاري
ولفت دياب في تصريح لـ”تشرين” إلى أنه تم بموجب القانون رقم /15/ لعام 2008 إحداث /27/ منطقة تطوير واستثمار عقاري موزعة على/20/ منطقة على أملاك الدولة، و/7/ مناطق على أملاك المطورين العقاريين أو موكلين عليها.
وتشمل هذه المناطق عدة أنواع من المشاريع، منها ما هو سكن اجتماعي ومنها مشاريع ذات أولوية، ومنها مشاريع خدمات خاصة، حيث لم ينصّ القانون رقم /15/ لعام 2008 أو في القانون رقم /2/ لعام 2023 على لحظ أي نسبة للدولة في المشاريع الواقعة بملكية المطوّر العقاري لبناء سكن اقتصادي واجتماعي، “باستثناء المشيدات العامة”، حيث يمكن أن يكون كامل المشروع سكناً اقتصادياً واجتماعياً، مع إمكانية الدولة تنفيذ هذا النوع من المشاريع “سكن اجتماعي واقتصادي” في المناطق الواقعة بملكيتها بشكل كامل.
توجد لدى هيئة الاستثمار عدة أضابير لإحداث مناطق تطوير واستثمار عقاري، تعود ملكيتها لشركات التطوير والاستثمار العقاري المرخصة
كما تم بموجب القانون رقم /2/ لعام 2023 منح مزايا وتسهيلات لكافة مشاريع التطوير والاستثمار، ولاسيما المشاريع ذات الأبعاد الاجتماعية.
إعادة تصنيف لمشاريع الاستثمار العقاري
وحسب دياب، يتم العمل حالياً على إعادة تصنيف مشاريع التطوير والاستثمار العقاري، بما يسهم في تفعيل وتشجيع الاستثمار في هذا النوع من المشاريع. وتعمل شركات التطوير والاستثمار العقاري المرخصة حالياً في ظل القانون رقم /2/ لعام 2023 وتعليماته التنفيذية والنظام الخاص بالتطوير والاستثمار العقاري، الذي منح مجموعة من التسهيلات والمزايا وتبسيط الإجراءات، وتوجد لدى الهيئة عدة أضابير لإحداث مناطق تطوير واستثمار عقاري، تعود ملكيتها لشركات التطوير والاستثمار العقاري المرخصة، ويتم العمل حالياً على استكمال دراستها لاتخاذ القرار المناسب بها.
ركود في سوق العقارات
تساؤلات كثيرة حول سوق العقارات” الطلب والعرض، الأسعار وغيرها”. هل ارتفاعها طفرة، أم إنه مستمر، هل هي معقولة ومقبولة، أم إنّ فيها مبالغة في ظل الحديث عن أسباب كثيرة تقف وراء الارتفاع، بعضها موضوعي وبعضها ليس كذلك.
يبيّن الباحث الاقتصادي الدكتور علي محمد في معرض حديثه لـ”تشرين”، وجود حالة من الركود في سوق العقارات فعلياً منذ العام ٢٠٢٠ نتيجة الارتفاعات الكبيرة في العقارات، و بالتالي الركود مستمر لغاية اليوم والطلب منخفض، و يكاد أن يكون نادراً.
مليونا ليرة لإكساء المتر الواحد
وعن تشخيص تلك الحالة، أوضح محمد أن سبب الارتفاع في أسعار العقارات يعود لارتفاع تكاليف مواد البناء والإكساء وارتفاع سعر تكلفة الأرض بطبيعة الحال، حيث وصلت تكلفة سعر البناء على الهيكل للمتر الواحد حوالي 1.5 مليون إلى مليوني ليرة، بالمقابل فإنّ تكلفة إكساء المتر الواحد، تتراوح بين مليون ونصف المليون إلى مليونين، وذلك حسب المواد المستخدمة والجودة. فكما هو معروف مواد البناء أيضاً تتفاوت أسعارها، فقد تجاوز سعر طن الحديد ١٠ ملايين ليرة، وتجاوز طن الإسمنت 2.5 مليون ليرة مع ندرة توافره في السوق.
محمد: تتراوح تكلفة سعر البناء على الهيكل للمتر الواحد مابين 1.5 مليون إلى مليوني ليرة، ومثلها للإكساء
ويوضح محمد أنه بالرجوع إلى عامي (٢٠٠٠ -٢٠٠١ ) فقد بدأت أسعار العقارات في سورية تقفز لأسباب عدة، منها مواضيع استثمارية وبعض رؤوس الأموال الأجنبية والعربية تحديداً التي بدأت تستثمر في سورية بالشأن العقاري، فبدأت ترتفع أسعار العقارات، وفي العام 2010 صنفت سورية الثامنة عقارياً بالارتفاع حسب مؤسسة (كوش مان) المتخصصة بأسعار العقارات، وبالتالي ارتفاع أسعار العقارات منذ ذلك الوقت إلى يومنا الحالي سبب رئيس في الارتفاع، فالبائع اليوم يسعّر العقار بحسب التضخم وبحسب ما يجب أن يكون السعر اليوم والمنطقة تلعب دوراً أيضاً.
لا تقييم فعلياً لسوق العقارات
ووفق د. محمد لا يوجد تقييم بشكل فعلي لسوق العقارات، وخاصة مع تراجع سعر الصرف وانعكاسه على أسعار البناء والإكساء.
عشرون ضعفاً
ويري أن الأسعار مقارنة ما قبل الأزمة إلى وقتنا الحالي، ارتفعت عشرين ضعفاً، وفي بعض المناطق أكثر من ذلك، حسب تنظيمها وجودتها، وتدخل ملكية العقار بتحديد السعر سواء كان طابو أخضر أو زراعياً أو كاتب عدل أو حكمَ محكمة.