بلينكن والاحتلال أمام اختبار صعب.. المقاومة تتخطى ألغام باريس وتفاوض من موقع القوة.. والكرة في ملعب واشنطن

تشرين- هبا علي أحمد:
مع تسليم المقاومة الفلسطينية ردّها على اتفاق الإطار الذي انبثق من اجتماع باريس قبل نحو 10 أيام فيما يخص التهدئة في قطاع غزة، توضحت الكثير من الأمور التي كانت واضحة للجميع أساساً من حيث اللهاث الأميركي والفرنسي لإنقاذ الاحتلال الإسرائيلي بلا مقابل ولا أثمان، لكن اليوم فرضت المقاومة شروطها انطلاقاً من الثوابت الوطنية الفلسطينية وكذلك انطلاقاً من حقائق الميدان، وباتت الكرة في ملعب الولايات المتحدة الأميركية من حيث قدرتها على ممارسة الضغط على الكيان بالقبول بردّ المقاومة وشروطها التي يُعد وقف إطلاق شامل للنار والعدوان، الحامل الأساس الذي تُبنى عليه كل المراحل التالية والتفاصيل المُلحقة بها.

الكرة في ملعب أميركا من حيث قدرتها على ممارسة الضغط على الكيان بالقبول بردّ المقاومة الفلسطينية وشروطها

التفاوض من موقع القوة
ربما يكون وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم أمام معضلة وأصعب اختبار منذ الـ7 من تشرين الأول الماضي وزياراته المكوكية إلى المنطقة وكيان الاحتلال، حيث سيبحث في زيارته اليوم إلى الكيان ردّ المقاومة الفلسطينية على اتفاق الإطار مع انتظار ردّ الاحتلال، والمعضلة تكمن في مدى إقناع «المستوى السياسي» لدى الكيان بالقبول بشروط المقاومة للخروج من مأزق غزة – و ما يترتب على ذلك من العودة إلى مسار التطبيع كما ترغب واشنطن- ولا سيما أن أسلوب التفخيخ ووضع الألغام الأميركية – الإسرائيلية والفرنسية في مسار التفاوض لم يُؤدِ إلى النتيجة التي رسموا لها، بل كانت المقاومة على درجة عالية من اليقظة والحذر وما حققته من إنجازات وقُدم من تضحيات من المُحال تفويته، وأيضاً فالمقاومة تفاوض من موقع القوي المنتصر، في حين تفاوض أميركا وكيانها من موقع المأزوم الباحث عن خلاص ولكن بلا أثمان بل التستر على الإخفاقات والأثمان التي دُفعت، وللتخفيف من وطأة الأحداث والمعطيات قال بلينكن: «لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكننا ما زلنا نعتقد أنّ التوصل إلى اتفاق ممكن، وضروري بالفعل»، ويُمكن أن نفهم أن واشنطن تحاول أن تترك الباب مفتوحاً إذا عجزت عن إقناع الكيان بالقبول والتنازل للمقاومة.

المقاومة على درجة عالية من اليقظة والحذر.. تفاوض من موقع القوي المنتصر في حين تفاوض أميركا وكيانها من موقع المأزوم الباحث عن خلاص بلا أثمان

ردٌّ يتخطى الألغام
«اتفاق الإطار» في باريس أراد حسب مصادر فلسطينية، تسليم الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة من دون ثمن ومقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في حين لم يتضمّن تعهدات بوقف إطلاق النار وتهدئة مؤقتة، كما لم يتضمن عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة وحرية التحرك، وهو شرط تتمسك به المقاومة، إلّا أن المقاومة تجاوزت الألغام ووضعت شروطها وهي: وقف العمليات العسكرية المتبادلة بين الأطراف، والوصول إلى الهدوء التام والمستدام، وتبادل الأسرى بين الطرفين، وإنهاء الحصار على غزة، وإعادة الإعمار، وعودة السكان والنازحين إلى بيوتهم، وتوفير متطلّبات الإيواء والإغاثة لكل السكان في جميع مناطق قطاع غزة، وفق ثلاث مراحل – مع ملحق خاص بالضمانات والمطالب الهادفة إلى وقف العدوان وإزالة آثاره – على أن تستمر كل مرحلة 45 يوماً تتضمن الكثير من التفاصيل، ويضمن الاتفاق كل من «مصر، قطر، تركيا، روسيا، الأمم المتحدة»، وتضمن ردّ المقاومة أيضاً وقف اقتحامات المستوطنين للأقصى وعودة الأوضاع في المسجد إلى ما كانت عليه قبل عام 2002.
وإلى حين البت في أمر الردود، إن جاز التعبير، فإن المقاومة الفلسطينية تواصل عملياتها النوعية وتُراكم إنجازاتها، حيث واصلت عملياتها في محاور التقدم في قطاع غزّة، وتخوض اشتباكاتٍ ضارية مع قوات الاحتلال المتوغلة، وخصوصاً في مدينتي غزّة وخان يونس، في ظل محاولاتٍ إسرائيليةٍ مستمرة لتثبيت مواقعها والتقدم، وتمكّن مقاتلوها من قنص ضابطٍ وجندي للاحتلال الإسرائيلي في منطقة الجامعات غرب مدينة غزّة، واستهداف ناقلتي جندٍ إسرائيليتين بقذائف «الياسين 105» في منطقة الجوازات غرب المدينة، كما دكّ مقاتلوها مركزاً لقيادة عملياتٍ جيش الاحتلال بقذائف الهاون غرب منطقة تل الهوا، جنوب المدينة.

عملية بريّة في رفح و جرائم حرب جديدة
يأتي هذا مع تحذير أممي من هجوم إسرائيلي بري على رفح وتداعياتها المرتبطة بجرائم حرب، إذ أفاد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لاركيه، بأن أي تحرك من «إسرائيل» لتوسيع عمليتها البرية في غزة لتشمل مدينة رفح المكتظة بالسكان جنوب القطاع، قد يفضي إلى جرائم حرب يجب منعها بأي ثمن.
وفي وقت سابق أشار بيان المكتب الأممي إلى أن زيادة الضربات على محافظة رفح، يأتي بينما يواصل الآلاف من سكان غزة التدفق إلى رفح بمن فيهم الكثير ممن فروا من القتال العنيف في خان يونس، محذراً من أن الأعمال القتالية المكثفة في رفح، في ظل هذا الوضع يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين.
في هذه الأثناء، جددت مدفعية الاحتلال قصف المربعات السكنية والمناطق المأهولة في شمال القطاع ووسطه، بينما طال القصف المدفعي محيط مركز الإيواء في محافظة خان يونس، لدفع الفلسطينيين إلى النزوح باتجاه رفح، في حين أطلقت زوارق الاحتلال الحربية النار تجاه الساحل الغربي لرفح، بالتزامن مع ما أفادت به وسائل إعلام العدو باستعداد الجيش لبدء عملية برية في المدينة.

آلة الحرب الإسرائيلية تواصل همجيتها.. تحذير أممي من جرائم حرب في رفح.. و84% من المرافق الصحية في قطاع غزة المحاصر تأثرت بهجمات الاحتلال

آلة الحرب الإسرائيلية تواصل همجيتها
بالتوازي مع مسار التفاوض تواصل آلة الحرب الإسرائيلية همجيتها المُعتادة وعلى مرآى العالم تُدمر كل مقوّمات الحياة، فكيان الاحتلال مازال يبحث عن «إنجازٍ» ما وهو يعتقد أنه همجيته تحقق له الإنجازات، حيث أكّدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» أنّ 84% من المرافق الصحية في قطاع غزة المحاصر تأثرت بـالهجمات الإسرائيلية، وأنّ 4 من أصل 22 منشأة صحية تابعة لـ«أونروا» تعمل فقط بسبب القصف المتواصل والقيود المفروضة، وأرفقت الوكالة منشورها لمركز الشيخ رضوان الصحي قبل تدميره وبعده، لافتة إلى أن الصور صادمة وتُظهر مدى الدمار الذي لحق بالمراكز الصحية في شمال قطاع غزة، وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة أن 11 ألف جريح ومريض بحاجة ماسة وكأولوية عاجلة لمغادرة قطاع غزة من أجل إنقاذ حياتهم، في حين استشهد 16 فلسطينياً وأصيب آخرون اليوم من جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ 124 على قطاع غزة المنكوب، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي إلى 27585 شهيداً و66978 جريحاً معظمهم أطفال ونساء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار