عروض “ستوكات”
لطالما أجّل صاحبنا شراء بذلة رياضية (بيجامة) يلبسها أثناء ممارسته رياضة المشي مساءً بعد أن نصحه طبيب القلبية بذلك، لكن العرض المقبول بحسم أربعين بالمئة لدى أحد المحال الذائعة الصيت، حفّزه على مغامرة الشراء ولو جاء على حساب مصاريف الأسرة، وخاصةً أن بذلته القديمة الوحيدة أصابها الاهتراء في الكثير من جنباتها، وأمست مثار انتقاد ممن حوله.
وعندما عقد العزم على الشراء، فضّل اصطحاب صديق للمساعدة في الاختيار، وفور وصولهما بدأا يستعرضان «البِذل» ويتفحصانها لجهة الجودة والمقاس والألوان، وأثناءها لاحظا أنها ليست على ما يرام وتشوبها بعض العيوب، فـ”قزّت” نفسه عن الشراء، لكن صاحب المحل أقنعه بدخول غرفة القياس للتجريب لعله يغيّر رأيه، وفي البذلة الأولى فوجىء بأنه لا يوجد تناسب بين مقاس البلوزة والبنطال، وفي الثانية بدت الألوان مغايرة عن بعضها وكأن قطع البدلتين ليست لبعضهما، أما في الثالثة فلاحظ إصلاح ضربٍ في الكُم وفتوق بخيوط البنطال.
وبعد أن أصابه الإرهاق من كثرة تفحّص البِذل والقياس وعدم ملاءمة أكثر المعروض غادر خالي الوفاض، مستهجناً ورفيقه حالة الخداع هذه، وقد أيقنا بأن ذلك يأتي في سياق تصريف قطع “الستوكات” التي فيها عيوب لجهة القماش أو المقاس والحياكة.
ما رواه ذلك الموظف “المعتّر” على مسامعنا، يمكن إسقاطه على حالات عروض مماثلة حصلت معنا أو مع أفراد أسرنا في متاجر ألبسة أخرى، حيث يُستشفّ أن معظمها ينظم لتصريف قطع فيها عيوب أو قطع مخزنة متهالكة أو بموديلات أكل الدهر عليها وشرب.
للعلم لا يقف الأمر عند الألبسة، فهناك عروض على أنواع من المنظفات غير المراقبة أو الموثوقة المصدر، حيث يتم تخفيض السعر أو إضافة عبوة مجانية على كل عبوتين أو أكثر، وبعد الشراء وبدء الاستعمال يلاحظ مثلاً عند جلي الأواني أو غسل الملابس، عدم فاعلية تلك المواد في التنظيف كأنها مكوّنة من مواد رغوية فقط.
كذلك الأمر بالنسبة لبعض الأغذية مثل الرز والبرغل والعدس والحمّص والفريكة والمعكرونة، حيث يقوم بعض الباعة أحياناً بإجراء عروض عليها وبيعها “فرط”، ويشي بعض المتابعين بأن ذلك ليس عن طيب خاطر ومساهمةً بتخفيف الأعباء عن الناس، بل يأتي لتدني مواصفات تلك المواد نتيجة سوء التخزين أو انتهاء مدة الصلاحية.
المشكلة أن أيّاً من تلك المتاجر لا تأخذ الموافقات المفترضة مسبقاً من الجهات ذات العلاقة على عروضها للتأكد من مصداقيتها، بينما تغيب عين الرقابة تماماً عن تتبعها وتفحصها، على أمل حدوث صحوة لضبط أي مخالفات في هذا المجال حمايةً للمستهلك الفقير من الوقوع في مغبة غش وتدليس بعض المتاجر.
.