استنفار علمي لاعتماد سلالات قمح جديدة مناسبة للتغيرات المناخية في «البحوث الزراعية»
دمشق – محمد زكريا:
نفّذت الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية دراسة ميدانية كاملة لواقع حقول محصول القمح والشعير بشكل اختياري وعشوائي، وذلك في مختلف مناطق زراعة المحصولين، حيث رافقت هذه الدراسة أثر التغيرات المناخية عليهما، وبالتالي الوصول إلى اعتماد أصناف مقاومة للتغيرات المناخية وحالة الجفاف، وبالتأكيد فإن الهدف من الدراسة هو تطوير إنتاجية محصول القمح والشعير بما يتناسب مع التغيرات المناخية المتسارعة ومستلزمات الإنتاج وغيرها، كما تضمنت الدراسة رصد واقع زراعة القمح في سورية لجهة المساحات المخططة والمنفذة ونتائج الحقول المختارة وأثر التغيرات المناخية على القمح وتقديم مقترحات لتطوير وزيادة الإنتاج لمحصول القمح.
والمفيد أن الهيئة مستمرة في استنباط واعتماد أصناف لهذين المحصولين، كما أنها تعمل على دراسة آفاق تطوير إدارة تطوير محصول القمح من خلال التنبؤ المبكر بغلة المحصول والممارسات والبرامج الزراعية الحديثة التي تشكل رافعة لتذليل التحديات والنهوض بواقع المحصول.
مدير عام الهيئة الدكتور موفق ناهي جبور، أوضح أن الهيئة أقامت العديد من ورشات العمل العلمية التخصصية التي تهدف إلى تطوير إدارة محصول القمح في ظل التغيرات المناخية، مشيراً إلى أنه تم أخذ العديد من التوصيات، أهمها التأكيد على تطبيق الحزمة التكنولوجية لمحصول القمح، ولاسيما الالتزام بخريطة الأصناف المتعددة وتطبيق الدورة الزراعية المناسبة والالتزام بكميات ومواعيد رش الأسمدة الآزوتية، ومعدلات البذار الموصى بها وعمق الزراعة الأمثل، إضافة إلى نقل الخبرات التي شاركت في التنبؤ بغلة القمح المقدمة من “الفاو” إلى الهيئة بغية بناء فريق قادر على التنبؤ واعتماد النماذج الرياضية والبرامج الزراعية المقدمة من “الفاو”.
ونوّه جبور إلى ضرورة الحاجة إلى مشروع لبناء القدرات وتأمين المستلزمات اللوجستية للوصول إلى إطلاق منصة زراعية خاصة بتنبيهات الري في المناطق الزراعية، وذلك حسب قيم “البخر والنتح وميزان الرطوبة”، إضافة إلى إنتاج خريطة الغلة الكامنة لأصناف القمح في سورية وفق المناطق البيئية باستخدام نماذج محاكاة المحصول، لتصل إلى محاكاة ظروف المناخ والبيئة للحقول الاختبارية في البحوث الزراعية، وذلك باعتماد تحديد أطوار القمح تبعاً للمقاييس العالمية وفق مفهوم درجة الحرارة التراكمية بحساب درجة الحرارة الفعالة التي يمر بها المحصول في كل يوم من أيام النمو، وتالياً يأتي جمع القيم اليومية للحصول على المحدد الحراري لتقييم تطور المحاصيل وانتقاله من مرحلة النمو إلى مرحلة أخرى، كل ذلك يأتي نظراً لأن الوقت التقويمي ليس مقياساً مناسباً لوصف الطور الفينولوجي للمحصول، كما أن لدرجة الحرارة تأثيراً كبيراً على التطور الفينولوجي، وأنه يتم إنتاج خريطة فجوات الغلة لمحصول القمح في المحافظات بنهاية الموسم الزراعي، وفق منهجية معامل اليوم البيوفيزيائي لتحليل فجوات الغلة في كل منطقة زراعية، حيث يعتمد حساب اليوم البيوفيزيائي لمحصول القمح على مفهوم اليوم البيولوجي المبني على حساب الفرق بين التطور الفينولوجي الكامن والحقيقي، حيث إن هذا الأمر يتطلب بناء قدرات وتدريب لفريق على مستوى القطر للقيام بهذا العمل .
وبيّن جبور لـ”تشرين” أن برنامج إدارة الري في مشروعات الري، الذي تم تطويره من هيئة البحوث و”الفاو” يمكن نقله إلى حيّز التطبيق العملي في أماكن الري بالشبكات المضغوطة، كما هي الحال في منطقة تادف بمحافظة حلب، بهدف الإدارة المثلى للطلب على المياه احتياجات “ري المحاصيل الزراعية المدرجة في الخطة الزراعية، والإمكانية المتاحة لدى مصدر الري”، مبيناً أنه بغية توسيع القاعدة الوراثية ولزيادة وتيرة اعتماد الأصناف لابد من ضرورة تبني مبدأ صنف/منطقة بيئية ضمن منطقة الاستقرار الواحدة التي تضم عدة بيئات مختلفة، وخاصة في الزراعات البعلية، واعتماد الصنف في المنطقة البيئية التي يجود ويتفوق بها لأكثر من سنتين على الأقل.
يشار إلى أن لدى الهيئة العديد من التوصيات تعمل عليها، منها تشجيع وتمكين مكننة عمليات الزراعة وخدمة المحصول، وخصوصاً المكننة الصغرى لتخديم الحيازات الصغيرة، والمرونة في تطبيق حزمة إدارة المحصول وفقاً للمعطيات المناخية وخصوصية المنطقة، إضافة إلى التوسع في نشر طريقة الزراعة بالمصاطب، ولا سيما في مشروعات الري الحكومي السطحي وتوطين وتصنيع الآليات اللازمة لهذه التقنية، كما أن الهيئة تعمل مع الشركاء على المستويين الإقليمي والدولي للتوسع في تقنية التربية السريعة لرفد البرامج الوطنية لتربية المحاصيل بقاعدة عريضة من الطرز المستقرة وراثياً.