قريباً الافتتاح الرسمي لأول حاضنة حرفية في سورية.. تشاركية التراث والإنتاج والمردود.. عوائد اقتصادية كبيرة
تشرين – مركزان الخليل:
ليس بالجديد الاهتمام الحكومي بالمشروعات المتوسطة والصغيرة حتى المتناهية في الصغر، كونها الاقتصاد الرديف الذي يحمل مساحة واسعة من قوة الاقتصاد الكلي، حيث أطلقت الحكومة والجهات المعنية رؤيتها لتطوير هذا القطاع بما يحقق المنفعة الاقتصادية والاجتماعية على السواء، وهذا التوجه كان واضحاً خلال سنوات الأزمة، أكثر من المراحل السابقة، من خلال دعم الصناعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية في الصغر، إلى جانب دعم القطاع الحرفي، بما يحمله من دور مهم على صعيد المكون الاقتصادي، لاسيما في مجال تأمين الدخل وفرص العمل وضرورة التوسع بها.
دعم حكومي
هذا المحور يؤكده معظم العاملين في هذا القطاع، إلى جانب التأكيد الحكومي الذي أسس لمرحلة جديدة تحمل هوية الدعم الحكومي، والتي أكدها مدير حاضنة دمر المركزية للفنون الحرفية لؤي كشو، معتبراً أن إحداث هذه الحاضنة من الخطوات المهمة التي تحمل هوية الدعم لقطاع المشاريع الصغيرة والمتناهية في الصغر، من خلال تشاركية متعددة الأطراف، هويتها الصناعة والسياحة واتحاد الحرفيين ممثلاً بالحاضنة، والتي بدأت خطوات تنفيذها منذ العام 2018 بجهود فردية حملت معها مخرجات بحث علمي؛ كلّف “كشو” بإنجازه للاستفادة من الحالة الإبداعية للحرف والمهن التراثية، وخاصة بعد الحصول على جائزة الإبداع الوطني خلال العام 2014 ومشاركته بمعرض اكسبو هانوفر في ألمانيا للحرف والمهن التراثية..
وأضاف كشو خلال حديثه لـ”تشرين” أن أولى خطوات الترجمة للحاضنة على أرض الواقع، تمثلت في توقيع عقد التشاركية بين وزارة الصناعة والسياحة والحاضنة وفق أحكام قانون الحماية الملكية التجارية في وزارة الثقافة، من أجل تجميع المهن في موقع واحد، وهذه أولى خطوات استثمار مخرجات البحث العلمي الذي تم إنجازه لدعم المهن التراثية، حيث تم الاتفاق مع المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية ووزارة الصناعة لاستئجار معمل الزجاج القديم في منطقة دمر في دمشق، مقابل استثمار شهري لإقامة الحاضنة ولمدة عقدية تقدر بنحو 19 سنة ..
التمويل ذاتي
والجانب المهم في رأي كشو أن عمليات التأهيل وتوفير البنى التحتية تمت بتمويل ذاتي من دون تدخل الجهات الحكومية، حيث تم إنفاق أكثر من 80 مليار ليرة لإنجاز مواقع المهن والتي ضمت أكثر من 35 مهنة تراثية و100 حرفي من أمهر الحرفيين العاملين في مجال صناعة وإحياء التراث، نذكر منها على سبيل المثال؛ الصدف والموزاييك والنقش على النحاس وتصميم الأزياء والفنون التشكيلية والنحاسية وغيرها.
كشو: أنفقنا 80 مليار ليرة لتأهيل الحاضنة وتأمين 35 مورداً مالياً جديداً للخزينة العامة
كما تضم الحاضنة إلى جانب المهن، جمعية لتدريب وتأهيل جرحى الجيش وذوي الشهداء، ومركزاً لتدريب الحرف، ومركزاً تجارياً لتسويق وترويج المنتجات، ومركزاً آخر للتدريب على الحرف التراثية..
توحيد الأهداف
وأمام هذا الإنجاز الذي يحمل هوية التراث بمهن تنتج وتحقق عائداً اقتصادياً ومردوداً مادياً يشكل داعماً كبيراً للخزينة العامة، وخاصة أن معظم الإنتاج يتم تصديره إلى الأسواق الخارجية وخاصة دول الخليج وفق “رأي كشو” والذي حدد أهداف هذه الحاضنة بعدة نقاط أساسية في مقدمتها:
تنظيم هذه المهن عبر منظومة إدارية واقتصادية واحدة، يتم من خلالها اعتماد سجل سياحي وتجاري واحد، ما يسهل العمل للحرفيين كافة.
والجانب المهم أيضاً تجميع الحرف والخبراء المهرة فيها في مكان واحد، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث بنك معلومات متبادل بين الحرفيين، وخاصة أن الصناعات التراثية مكملة لبعضها، وأغلب الآلات فيها مشتركة ومتشابهة، وبالتالي هذا البنك من المعلومات ساهم إلى حد كبير في تذليل الصعوبات أمام الحرفيين، وأصحاب المهن، والانطلاق نحو العالمية في تسويق المنتجات التراثية السورية، والتي شهدت إقبالاً واسعاً في الأسواق العالمية..
وبالتالي هذا الأمر أسّس لحالة اقتصادية كلية تعود بالنفع لكل الأطراف وخاصة خزينة الدولة والحرفيين، وتحسين الواقع المعيشي، وتوفير موارد إضافية، وفق تأكيد كشو أن وزارة المالية صرحت بتوفير 35 مورداً مالياً جديداً للخزينة العامة وللحرفيين على السواء منها صكوك الملكية وشهادات الإبداع وشهادات المدربين وعائدات المركز التجاري وغيرها، وهذه تحقق إيرادات لحظية من خلال الأنشطة التي تقوم بها الحاضنة..
وبعد تسجيل هذا النجاح قامت وزارة السياحة بنقل حرفيي التكية السليمانية إلى الحاضنة بعد قيامها بتجهيز المشاغل وتأهيلها على نفقتها، لينضم هؤلاء الى الحاضنة..
ومن الجدير ذكره أن الافتتاح الرسمي للحاضنة قريباً لتصبح معلماً سياحياً وحرفياً، وثقافياً، إلى جانب الحالة الاقتصادية التي يؤمنها من خلال عمليات التشغيل وعائدها الاقتصادي الكبير الذي يقدر بالمليارات سنوياً، وخاصة أن معظم الإنتاج موجه إلى الأسواق الخارجية..