في كل “حين ومين” تطفح القضية الخلافية بين قطاع الأعمال والجمارك على السطح وخاصة إذا كانت “كبسات” الأخيرة “شغالة” ودورياتها تسرح وتمرح داخل الأسواق على ذمة أهل الكار، الذين يجب عليهم رفض التعامل بـ”المهربات” لخطورتها على كل الصعد وخاصة إذا كانت مواد غذائية أو دوائية بعد إثبات تأثيرها السلبي على سلامة المواطنين وخاصة المصابين بأمراض مزمنة بعد اضطراهم إلى شراء أدوية مهربة كانت تباع للأسف في الصيدليات بحلب على “عينك يا جمرك”، الذي يتغنى بتحصيل إيرادات ضخمة للخزينة بينما المهربات تغزو الأسواق وخاصة في العاصمة الاقتصادية.
انتشار المهربات في مدينة حلب لا يحتاج إلى تدقيق وتمحيص كثيراً، حيث تباع بعض المنتجات المهربة بشكل واضح من دون خوف، وإن كانت الكارثة تكمن ببيعها ببعض الصيدليات بحجة نقص الأدوية المحلية وادعاء عدم فعاليتها أحياناً، لذا يسارع من يحتاج هذه الأدوية إلى شرائها بأسعار خيالية من دون التأكد من مصدرها وصلاحيتها للاستخدام، فيتضرر مرتين، حينما تضيع أمواله وتنتكس صحته كون هذه المنتجات غير مراقبة ولا تعرف تركيبتها الدوائية أساساً، والحال ذاته ينطبق على الغذائيات ومستحضرات التجميل والألبسة أيضاً، بالتالي هذا الواقع المرير يوجب على كافة الجهات دون استثناء مكافحة التهريب ووقف خطوط التهريب النشط كون حلب منطقة حدودية مع تركيا، التي تنشط مهرباتها إلى الأسواق المحلية وتعدّ جزءاً من حرب اقتصادية مسعورة تزداد حدتها يومياً، والعمل معاً لتنظيف الأسواق من المهربات وتقليل سطوتها على المنتج المحلي المتضرر بشدة من فتح الباب واسعاً لنفاذها غير المشروع، الذي يكبر هوامشه مصالح بعض التجار الساعين إلى تضخيم أرباحهم أياً كانت النتائج، وطبعاً هذا ما كان يحصل لو كان الدوريات تقوم بواجبها على أكمل وجه وخاصة على المنافذ الحدودية، التي حينما تضبط بشكل جيد ستخف المهربات بدل ملاحقتها بعد غزوها الأسواق، فيكثر معها مخالفات الجمركيين بما فيها من بازارات وسمسرة معروفة الغايات.
إلغاء حالة الجدل الدائم بين الجمركيين والفعاليات التجارية تحديداً يتطلب تركيز الجمارك نشاطها كما قلنا في المعابر الحدودية وعدم دخول الأسواق والمحال إلا بموجب أمر للتحري كما يؤكد مسؤولو الجمارك دوماً، مع مبادرة التجار بالشكوى إلى الجمارك في حال قيام أي عنصر بتجاوز عمله والإساءة إلى العمل الجمركي لغايات شخصية، والتكاتف لقمع المهربات، فهذا الهدف المهم يجب أن يكون مطلباً جماعياً لا يقتصر على الصناعي فقط، مع السعي لتعزيز الثقة بين الطرفين والتخلي عن تلك المناكفات التي تزيد الطين بلة وتعطي المهربين الضوء الأخضر في وقت يفرض الضرب بيد من حديد وقطع خطوطهم العامرة في هذه الأيام الصعبة.