“إيبلا .. إحدى أهم ممالك العالم القديم..” في محاضرة اليوم 

تشرين – رنا بغدان:

إحدى أهم ممالك الشرق الأدنى القديم, استقطبت اهتمام علماء الآثار والمسماريات من مختلف أنحاء العالم, وفتحت باكتشافها عهداً جديداً في دراسة تاريخ الشرق الأدنى القديم بشكل عام وتاريخ سورية القديم بشكل خاص.. هي “إبلا” المدينة الأثرية القديمة التي تتربع على “تل مرديخ” الذي يبعد حوالي 55 كيلومتراً جنوب غرب حلب قرب بلدة سراقب في محافظة إدلب, والتي ظل مكانها غير معروف حتى وقت قريب حين كشفت عنها بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما يرأسها عالم الآثار الشهير “باولو ماتييه”.. من هنا ولإلقاء المزيد من الضوء والتعريف بهذه المدينة العريقة دعا النادي الأدبي النسائي لحضور المحاضرة التي يقدمها الأستاذ المحامي والباحث عمر أيوب بعنوان “مملكة إبلا.. إحدى أهم ممالك العالم القديم” وذلك عند الساعة السادسة من مساء اليوم الأربعاء في قاعة كنيسة الصليب المقدس في القصاع.

وفي تصريح خاص لـ”تشرين” تحدّث أيوب عن أهم المحاور التي سيتناولها في محاضرته فقال:

تتناول المحاضرة محاور عديدة تخص مملكة أثرية عريقة كانت نموذجاً فريداً في كل شيء, سواء في موقعها واكتشافها وطريقة حكمها وتاريخها واقتصادها وأوابدها ورُقمها المسمارية.. تلك المملكة التي سمع عنها المنقبون والآثاريون من خلال المراسلات إلى أن كان أحد الفلاحين يقوم بحراثة أرضه في منطقة “تل مرديخ” فعثر على تمثال جذعي منحوت من البازلت وقد فُقد رأسه وجزء من أحد كتفيه, وتكمن أهميته في النقش المؤلف من 26 سطراً المكتوب بالخط المسماري واللغة الأكادية الذي يحمله على صدره, عندها تمّ التواصل مع البعثة الأثرية العاملة في سورية والتي كانت إحدى مهامها البحث عن مكان هذه المدينة الأثرية, وقامت بفكّ رموز الكتابة المسمارية المدوّنة على جذع التمثال فوجدوا أنّه يعود إلى الملك “إيبيت ليم” أقدم حاكم معروف لمملكة “إبلا” الثالثة والذي حكم حوالي عام 1950 قبل الميلاد بفترة وجيزة, لذا سأستعرض تاريخ الممالك الثلاث التي شكلت “مملكة إبلا” وما تميزت به كل منها لأن “إبلا” تعرضت للهدم عدة مرات وكانت تبنى من جديد إلى أن جاء “الحثيون” بعد 1400 عام فحرقوها ودمروها. كما سأتحدّث عن طريقة الحكم وكيف كان الملك يمتلك سلطة كاملة في السياسة والاقتصاد.. وكان يوجد إلى جانب الملك “مجلس الآبا” الذي يعتبر بمثابة “مجلس الشيوخ” مهمته تدقيق قرارات الملك إذا كانت مطابقة للقوانين وتصديقها ومن ثم يتم تنفيذها, كما كان يوجد فيها “حكام للولايات” فقد كانت “إبلا” تُقسم إلى 14 مقاطعة.

أما عن نفوذها الاقتصادي وأهم الصناعات والزراعات فيها فقال:

كانت “إبلا” مملكة واسعة المساحة والمنطقة التي كانت تعتبر المركز الرسمي لها كانت جزءاً من النفوذ الاقتصادي الذي بسطته على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول شمالاً وشبه جزيرة سيناء جنوباً، ووادي الفرات شرقاً وساحل المتوسط غرباً, وكانت تشتهر بزراعة أشجار “الدلب”, والجوز والصنوبر اللذين كانا يصدران إلى الخارج إضافة إلى الصناعات الخشبية الراقية منهما, وزراعة الحبوب والعنب وما يختص بصناعات كل منها, أما في مجال الصناعة والتجارة فقد اشتهر صناعيوها بحياكة الصوف وتجارة الكتّان, ولم يكن لها جيش لكنها امتلكت ثقافة مميزة وقوى إنتاجية اعتمدت فيها على اليد العاملة من المرتزقة التي احترفت العديد من المهن لذلك عُرفت بصناعاتها الراقية كصبّ السبائك البرونزية وصناعة الحلي والتي كانت تباع للملوك والأمراء على مستوى المنطقة في العالم القديم..

وعن الرسالة التي تقدمها المحاضرة قال:

عدا عن التعريف بهذه المملكة وبكل ما يختص بها.. هناك فكرة قائمة لدى علماء التاريخ سابقاً هي أن بلاد الشام كانت صلة الوصل بين حضارة الرافدين والحضارة المصرية القديمة أو حضارة وادي النيل العريقتين, لكنهم اكتشفوا أن بلاد الشام كانت تمتلك حضارة غنية تضاهي تلك الحضارتين وكانت تمتاز بأساطيرها ومعابدها وقصورها وطريقة الحكم فيها وأهم شيء أنها بسطت نفوذها الواسع اقتصادياً لا عسكرياً.

يذكر أن الأستاذ المحامي عمر أيوب يحمل شهادة الماجستير في القانون الدولي والتشريع وهو باحث في التاريخ وله العديد من الدراسات والأبحاث الهامة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار