خيرٌ لك أن تحتاط
أن تقصد في أيامنا هذه الحصول على خدمة ما في بعض الجهات، فعليك أن تحتاط لعدة عوامل كي تحظى بما تريد وتنجز ما تبتغي.
يأتي على رأس تلك العوامل التحلي بحسن التحمل، إذ قد تواجهك عند بعض المديريات طوابير طويلة وعليك خوض غمار معركة الاصطفاف في أرتالها العشوائية وسط الازدحام والتدافع والضجيج وأحياناً التشاجر بسبب بعض التجاوزات، حتى يحين دورك، والأمثلة عن تلك المديريات ماثلة للجميع ولا تحتاج التذكير بها، ولا تنسى أن يكون في جيبك نقود زيادة عن حاجة تكاليف المعاملة المقدرة، إذ قد تضطر لدفع “إكرامية” أثناء المضي بالإجراءات تكفل لك سرعة الإنجاز بعيداً عن أي عثرات أو منغصات.
ولا بأس من ممارسة تمارين إحماء رياضي في الصباح الباكر قبل الانطلاق لوجهتك، وذلك من باب تهيئة الجسم لاحتمال المسير مسافات طويلة لبلوغ بعض المديريات، في ظل قلة باصات النقل الداخلي وتباعد زمن مرورها وعدم المقدرة على ركوب التكاسي لغلاء أجورها وتقاضيها مضاعفةً إذا كان مقصد المراجع بلوغ إحدى الجهات التي انتقلت مقرّاتها لأطراف مدينة درعا البعيدة، ومثالها شركتا الكهرباء والصرف الصحي، ويفضل أن تلبس حذاء عالي الساق (جزمه) للخوض في المستنقعات الموحلة أمام الشركة الأخيرة، لكون الطريق أمامها محفرة بفعل مياه المنهل والصهاريج الثقيلة التي تكاد لا تبرح المكان بمواجهتها.
وبما أن الطقس شديد البرودة، ينبغي أن يتمتع المراجع بالفطنة لجهة زيادة قطع اللباس التي يرتديها واختيار السميك منها، لعلّها تقيه لسعات البرد القارس ضمن المديريات التي تفتقر للتدفئة بعد الطي غير المنطقي لهذا البند من اعتماداتها، كما عليه عدم فهم عبوس وجوه الموظفين أو ارتجاف أجسادهم كغضب وسوء معاملة، لأنه في الواقع ليس كذلك، بل يمثل حالة لا إرادية ناتجة عن الطقس البارد الذي يصعقهم في مواقع العمل.
بالمحصلة؛ إنّ حلحلة الأمور لا يكون إلّا بتأمين الكوادر والمستلزمات الكافية لاستيعاب ضغط العمل، ولملمة ظاهرة “الإكرامية” المتفشية لا تبدأ إلّا بخطوة تحسين الدخل، فيما سهولة الانتقال لا تكون إلّا بزيادة عدد باصات النقل الداخلي والتوسع بتغطية خطوطها، وتحييد المستقنعات يحتاج إلى صيانة الطرقات وتخديمها بالمطريات، أما تعامل الموظفين مع المراجعين فلا يجود إلّا بعد دفء أجسادهم، على أمل ألا يطول انتظار الإحاطة بتلك الموجبات والتوجه لمعالجتها.