نحن ضحايا أسلوب حياة ..نصائح نعلمها كـ”حكم” ينصح بها خبراء للوقاية من الأمراض
دمشق- حسيبة صالح:
“الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلّا المرضى”، و”لوقاية خيرٌ من ألف علاج”..
حكمة أوصى بها القدماء لنحمي أنفسنا من الأمراض، والوقاية إجراءات علينا اتباعها للحماية من الإصابة بمرض ما أو الحد من تداعياته.
نحن ضحايا أسلوب حياة، الكثير منا لا يتنبه حتى تقع المشكلة الصحية، هذه المشكلة تحمل الكثير من التداعيات النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية.
اليوم أصبحت الوقاية مهمة أكثر مع تزايد التكلفة الاستشفائية والطبية.. معاينة الطبيب اليوم لا تقل عن ٦٠ ألف ليرة سورية، ودخول المشفى قد يكلفك بيع شيء من أملاكك، أما الدواء فزاد سعره الضعف، وبعضه أصبح عملة نادرة.
السهوي: الأمراض المزمنة متعددة وعلينا أن ندرك كيفية الوقاية منها
في ظل الحرب على سورية والعقوبات التي شملت حتى القطاع الصحي زاد العبء المالي الذي تتحمله المرافق الصحية العامة.
إجراءات لا بدَّ منها
لماذا ننتظر وقوع المشكلة، ولماذا لا نتفاداها؟
في رده على سؤال “تشرين” يوضح الدكتور زهير السهوي مدير مديرية الأمراض السارية والمزمنة بوزارة الصحة أن تطبيق (الوقاية خير من ألف علاج) منوط بالدرجة الأولى بوعي المواطن مدى خطورة هذه الأمراض على صحته والمجتمع وتطبيق الإجراءات الاحترازية اللازمة للحماية منها.. الأمراض المزمنة متعددة وعلينا أن ندرك كيفية الوقاية منها.
ويؤكد الدكتور السهوي أنه للوقاية من مرض السكري يجب أن نتبع حمية غذائية صحية والابتعاد عن السكاكر وتخفيف الوزن، وممارسة الرياضة، والقيام بفحوصات للسكر والشحوم والكوليسترول بشكل دوري والقصة العائلية والتوعية الصحية.
أما الوقاية من أمراض القلب فتكون وفقاً للسهوي عبر الالتزام بممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي والمداومة على تحليل السكر والشحوم وإيقاف التدخين وتخفيف الوزن والقصة العائلية الوراثية، أما الأمراض الدموية فهي بفحوصات ما قبل الزواج والقصة العائلية.
وللوقاية من أمراض الكلية لنكثر من السوائل ونبتعد عن التدخين والمداومة على فحوصات (الكرياتينين والبولة) والقصة العائلية الوراثية.
الأمراض المهنية
ويضيف الدكتور السهوي: الأمراض المهنية هي اضطرابات صحية تصيب العاملين في الأنشطة الاقتصادية المختلفة نتيجة تعرضهم للمخاطر الكيميائية، كالرصاص وغيره من الفلزات الثقيلة،
“الديسك” في العمود الفقري القطني والرقبي والتبارزات القرصية الفقرية أكثر الأمراض المهنية حدوثاً.. يليها نقص السمع المُحدَث بالضوضاء.. ثم الأمراض الرئوية
والمركبات الهيدروكربونية وغيرها من المواد الكيميائية العضوية؛ أو تعرضهم للمخاطر الفيزيائية، كالضوضاء، والاهتزازات، والأشعة المُؤَيِّنَة كالأشعة السينية (أشعة إكس)، والأشعة غير المُؤَيِّنَة كالأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء، والحرارة، والبرودة؛ والمخاطر الحيوية، كفيروسي التهاب الكبد الوبائي، وفيروس كورونا-سارس-2 (المسبب لكوفيد-19)، ومخاطر الأغبرة والألياف، كألياف الأسبست (الأميانت أو الحرير الصخري)، وغبار السيليكا، وغبار القطن؛ والمخاطر الأرغونومية (التلاؤمية)، كعدم التقيد بالقواعد التلاؤمية أثناء رفع الأحمال وحملها وسحبها ودفعها، أو الجلوس غير الملائم خلف الحاسوب؛ والمخاطر النفسية، كالشدة والإجهاد النفسي.
وحسب السهوي فعادة ما تكون الفترة الزمنية الفاصلة بين البدء بالتعرض للمخاطر المهنية وظهور الأمراض المهنية طويلة نسبياً، ومن هنا تأتي أهمية إجراء الفحوص الطبية الدورية للعاملين لكشف الأمراض المهنية في مرحلة مبكرة واتخاذ التدبير المناسبة لعلاجها.
أبرز الأمراض المهنية
مبيناً أنه في سورية، هناك جدول للأمراض المهنية المختلفة، وجدول آخر للمواد المسببة للسرطان المهني، ودليل للعجز الناجم عن الأمراض المهنية؛ وجميعها صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ويعد فتق النواة اللبية (الديسك) في العمود الفقري القطني والرقبي والتبارزات القرصية الفقرية أكثر الأمراض المهنية حدوثاً، يليها نقص السمع المُحدَث بالضوضاء، ثم الأمراض الرئوية (كالربو المهني).
وعدد السهوي 5 إجراءات أساسية يمكن اعتمادها للوقاية من الأمراض المهنية، وهي: إزالة المخاطر (وهي أهمها)، وتعتمد على إزالة وإلغاء المخاطر في مصدرها؛ واستبدال المخاطر بأخرى أقل خطورة، كاستبدال المبيدات الفوسفورية العضوية والكارباماتية الخطرة والسامة بالمبيدات الباريثروئيدية الأقل خطورة؛ وإجراءات التحكم الهندسية، كأنظمة التهوية في المنشآت، وإقامة حواجز بين العمال والعمليات الخطرة، وتطويق وإحاطة العمليات الخطرة، وتركيب وسائل الحماية على الآلات؛ وإجراءات التحكم الإدارية، كتقليل عدد العاملين المعرضين للعمليات الخطرة، وتقليل زمن تعرض العمال للعمليات الخطرة؛ واستخدام معدات الوقاية الشخصية (الملاذ الأخير)، كوسائل حماية العينين (النظارات)، والأذنين (الواقيات والسِّدادات)، والجهاز التنفسي (الكمامات)، واليدين (القفازات)، وكامل الجسم (الأفرول)، ومعدات الحماية من السقوط.
الأسنان
الوقاية خير من ألف علاج لا ننتظر أن تسوس أسنان أطفالنا حتى نتحرك، بهذه العبارة بدأ الدكتور شادي الست طبيب الأسنان حديثه لـ “تشرين”: لنحمي أسنان أطفالنا من التسوس عبر الاهتمام بغسلها وتنظيفها من لحظة ظهور أول سن، وعدم الإسراف في تناول الحلويات وغسل الأسنان بعدها ويفضل الابتعاد عن الأطعمة شديدة الالتصاق بالأسنان لصعوبة تنظيفها.
وينصح الدكتور الست بجلسات الفلورايد للأطفال التي تتم في عيادات الأسنان مرة كل ستة أشهر للتقليل من احتمالات التسوس وزيارة طبيب الأسنان بشكلٍ دوري للكشف عن أي مشكلة بسيطة في أولها، ليكون علاجها أسهل ويحافظ على الأسنان.
الصحة النفسية
الجسد والنفس مرتبطان ببعضهما، فلا يقتصر مفهوم الصحة على الجسم المعافى فقط بل يتضمن أيضاً الصحة النفسية.. تبدأ الاختصاصية في العلاج النفسي إيمان فتح الله حديثها لـ”تشرين”، وينص دستور منظمة الصحة العالمية على أنَّ: “الصحة هي حالة من السلامة الكاملة جسدياً ونفسياً واجتماعياً، وليست مجرد انعدام المرض أو العجز”، فحتى يتمتع الإنسان بصحة جيدة، يجب ألّا يعاني من مرض أو علة سواء كانت نفسية أم جسدية.
فتح الله: الدراسات تؤكد أن نحو 80% إلى 87% من الأمراض العضوية ذات منشأ نفسي.. لهذا تؤدي الصحة النفسية دوراً كبيراً في الصحة الجسدية
لافتة إلى وجود علاقة مترابطة بين كل من الصحة الجسدية والصحة النفسية؛ إذ أكدت إحدى الدراسات الأمريكية أنَّ نحو 80% إلى 87% من الأمراض العضوية ذات منشأ نفسي، لهذا تؤدي الصحة النفسية دوراً كبيراً في الصحة الجسدية، وتفسير ذلك هو أنَّ المشاعر أو الأفكار التي نفكر بها تجعل الدماغ في حالة قلق وتوتر، وهذا يؤثر في نظام الغدد وإفراز الهرمونات لدينا، فيزداد إفراز هرمونات القلق “الأدرينالين والكورتيزول”، وهذا بدوره يؤثر سلباً في وظائف الأعضاء ويقلل مناعة الجسم للأمراض، لذلك يمكن القول إنَّ العلاقة بين الصحة النفسية والصحة الجسدية علاقة طردية؛ فكلما ساءت إحداهما، أثرت سلباً في الآخر.
وترى فتح الله أن الحالة الصحية غير الجيدة لجسم الإنسان قد تؤثر في حالته وصحته النفسية، ومن أكثر الأمراض الجسدية التي تترك آثاراً سلبية في نفسية الإنسان السرطان وداء السكري والقصور الكلوي وأمراض المناعة الذاتية والربو والأمراض الجلدية وحب الشباب والصدفية، وقد بيَّنت الدراسات أنَّ ما يقارب ثلث الأشخاص الذين عانوا من هذه الأمراض أصيبوا بأعراض الاكتئاب والقلق والعزلة وصعوبات في التواصل مع المحيط.
تحسين المزاج
وأشارت فتح الله إلى أنه لا يخفى على أحد الفوائد المذهلة للرياضة، وكما يقال: “العقل السليم في الجسم السليم”، فاجعل الرياضة أسلوب حياة لديك، ومارس التمرينات الرياضية أو المشي لمدة 30 دقيقة يومياً لتنشيط الدورة الدموية وتقوية عضلة القلب وتخفيف الوزن والحد من الدهون المتراكمة في الجسم، هذا يؤدي إلى انخفاض الكوليسترول في الدم وتحسين عمل الجهاز الهضمي، إضافة إلى قدرة الرياضة المذهلة على تحسين المزاج وتفريغ المشاعر السلبية؛ إذ يفرز الجسم في أثناء الرياضة هرمون “السيروتونين”، وهو هرمون السعادة، وتحسين المزاج
ومن أهم النصائح للعناية بالصحة الجسدية والنفسية هي اتباع نظام غذائي صحي؛ إذ أشارت الدراسات إلى زيادة احتمالية الإصابة بالاضطرابات النفسية عند نقص مستويات فيتامينات (D) و(B12) في الدم؛ لذا يُنصح بتناول الأسماك الغنية بالأوميغا 3 والخضار والفواكه والشوكولاتا الداكنة الغنية بمضادات الأكسدة التي تساعد على تحسين المزاج، وتقليل السكريات والدهون المصطنعة، وشرب كميات كبيرة من الماء طوال اليوم، وتجنب التدخين والكحول.
وكذلك تجد فتح الله أن تنشئة الأطفال الأسوياء نفسياً والأصحاء جسدياً، تعد الخطوة الأهم نحو مجتمع صحي وآمن، فأطفال اليوم هم رجال ونساء الغد، وهنا تكمن أهمية الصحة النفسية للطفل، لذلك علينا الاهتمام بنشر الثقافة والوعي النفسي بين الآباء والأمهات وفي المدارس والمؤسسات التي تهتم بشؤون الأطفال.
العقل السليم في الجسد السليم
وتوجهت فتح الله إلى كل أمٍّ قائلة: اهتمي بالتغذية الجيدة لطفلك، الكثير من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، والمكسرات تمنحه الطاقة والنشاط، وتحسن ذاكرته وتنمي ذكاءه.
ابتعدي عن الأطعمة الضارة والوجبات السريعة، والسكريات الصناعية، اجعليه يتعاون معكِ في إعداد الأطباق الشهية واللذيذة الممتلئة بالفاكهة المتنوعة وألوانها الجذابة، والمكسرات اللذيذة!
كما أن الرياضة تنمِّي العقل، وتعزز الشعور بالسعادة والثقة بالنفس، شجعي طفلك على ممارسة الرياضة باستمرار، ومعرفة رياضته المفضلة لدعمه للتفوق فيها!
وأخيراً، فإن الاهتمام بالصحة النفسية والعاطفية للطفل ليس أمراً سهلاً، بل يحتاج إلى الكثير من الجهد، والبحث، وتالياً المسؤولية علينا بأن ندرك حجمها ونمنحها المزيد من الاهتمام.