الاضطراب ثنائي القطب.. بين تقلبات المزاج والهوس
دمشق- بشرى سمير:
كثيراً ما نصادف أشخاصاً متقلبي المزاج ينتقلون من حالة الضحك الشديد إلى حالة البكاء، وقد يظن من يراهم أنهم مختلّون عقلياً لكن في الواقع هم مصابون بمرض العصر الذي يعرف باسم ثنائي القطب وهو من الأمراض التي تنتشر بصمت، وكثيرون لا يعرفون أنهم يعانون منه.
حالة مزمنة
ويعرف الدكتور محمد نويلاتي اختصاصي نفسي اضطراب ثنائي القطب بأنه نوبات من الاكتئاب وكان يُعرف في السابق باسم الاكتئاب الهوسي، وهو حالة صحية عقلية تتسبب في تقلبات مزاجية مفرطة تتضمن الارتفاعات (الهوس أو الهوس الخفيف) والانخفاضات (الاكتئاب) العاطفية.
اختصاصية نفسية:60 مليون شخص على مستوى العالم يعانون منه
ولفت نويلاتي إلى أنّ المصاب بالاكتئاب، ربما يشعر بالحزن أو اليأس وفقدان الاهتمام أو الاستمتاع بمعظم الأنشطة عند تحول حالته المزاجية إلى الهوس، أو الهوس الخفيف (الأقل حدة من الهوس)، ربما يشعر بالابتهاج، أو الامتلاء بالطاقة أو سرعة الغضب على نحو غير معتاد، ومن الممكن أن تؤثر التقلبات المزاجية المذكورة على النوم، والطاقة، والنشاط، والقدرة على اتخاذ القرارات، والسلوك والقدرة على التفكير بوضوح.
ولفت نويلاتي إلى أنه بالرغم من أن الاضطراب ثنائي القطب يمثل حالة مزمنة مدى الحياة، فإنه يمكنك السيطرة على التقلبات المزاجية وغيرها من الأعراض من خلال اتباع إحدى الخطط العلاجية. في معظم الحالات، يتم علاج الاضطراب ثنائي القطب بالأدوية والاستشارات النفسية (العلاج النفسي).
وأشار نويلاتي إلى أنّ من أهم الأعراض التي تظهر على المصاب بثاني القطب هي تغيرات غير متوقعة في الحالة المزاجية والسلوك، ما يؤدي إلى الشعور بالضيق الشديد وصعوبة في الحياة، وهناك نوعان من الإصابة باضطراب ثنائي القطب؛ الأولى أن تكون على شكل نوبة هوس واحدة على الأقل قد تسبقها أو تليها نوبات الهوس الخفيف أو نوبات اكتئاب عظمى، وفي بعض الحالات، قد تؤدي الإصابة بالهوس إلى الانفصال عن الواقع (الذهان).
اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني. أن تكون الإصابة بنوبة اكتئاب عظمى واحدة على الأقل ونوبة هوس خفيف واحدة على الأقل، لكن من دون الاصابة مُطلقاً بنوبة هوس، إذ لا يعدّ اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني شكلاً أخف من اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول، ولكن تشخيصه منفصل، في حين أنه يمكن لنوبات الهوس من الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول أن تكون حادة وخطيرة، يمكن أن يصاب الأفراد الذين يعانون اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني بالاكتئاب لفترات أطول، ما يمكن أن يسفر عن الإصابة بإعاقة كبيرة.
على الرغم من أن الاضطراب ثنائي القطب يمكن أن يحدث في أي عمر، فهو عادة ما يتم تشخيصه في أثناء سنوات المراهقة أو أوائل العشرينيات، وقد تختلف الأعراض من شخص لآخر، وقد تختلف بمرور الوقت.
الهوس والهوس الخفيف
ويشير الدكتور نويلاتي إلى أن الهوس، والهوس الخفيف هما نوعان مختلفان من النوبات، ولكن لهما الأعراض نفسها؛ الهوس أشدّ من الهوس الخفيف ويسبب مشاكل أكثر وضوحاً في العمل والمدرسة والأنشطة الاجتماعية، فضلاً عن صعوبات في العلاقات مع الغير. الهوس قد يؤدي أيضاً إلى الانفصال عن الواقع (الذُهان) ويتطلب دخول المستشفى للعلاج، وتشمل نوبات الهوس، والهوس الخفيف ثلاثة أو أكثر من هذه الأعراض، وهي: متفائل، أو وثّاب أو مثار بشكل غير طبيعي، زيادة النشاط، والطاقة أو الإثارة الشعور المبالغ فيه بالرفاه، والثقة بالنفس (النشوة)، انخفاض الحاجة إلى النوم، ثرثرة غير عادية، تسارع الأفكار، التشتت، سوء اتخاذ القرار— على سبيل المثال، الإسراف في الشراء بشكل مستمر، التعرض للمخاطر الجنسية أو القيام بمغامرات حمقاء.
نوبة الاكتئاب الحاد
تتضمن نوبة الاكتئاب الحاد أعراضاً بالغة الشدة بحيث تسبب صعوبة ملحوظة في أداء الأنشطة اليومية، مثل العمل أو المدرسة أو الأنشطة الاجتماعية أو العلاقات، تتضمن النوبة خمسة أعراض مما ذكر أو أكثر.
وأشارت الباحثة النفسية مريم عز الدين إلى أنّ الاضطراب الوجداني لثنائي القُطب يؤثر في نحو 60 مليون شخص على مستوى العالم، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وتتوفر وسائل علاج فعّالة للطور الحاد من الاضطراب الوجداني الثنائي القُطب وللوقاية من الانتكاس. وتتمثل هذه الوسائل في الأدوية التي تحافظ على استقرار الحالة المزاجية، ويعدّ الدعم النفسي الاجتماعي من العناصر المهمة في العلاج.
الوقاية
لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من الاضطراب ثنائي القطب، إلّا أنّ تلقِّي العلاج مع أولى علامات اضطرابات الصحة العقلية قد يُساعد في الحيلولة دون تفاقم الاضطراب ثنائي القطب أو حالات أخرى متعلقة بالصحة العقلية..