الحسّ بالمسؤولية
لم ينقطع هدير المياه المتساقطة بغزارة من أعلى سطح البناء المحاذي لنا طوال الليل، نتيجة الاستهتار وعدم تركيب “فوّاشات” لخزانات بعض الشقق، والمشكلة ليست فقط بالإزعاج الناجم عن صوت ارتطام المياه بأرضية بلاط الوجيبة وتعكيره صفو نوم السكان، بل تكمن بشكل أكبر في الهدر غير المعقول لمياه الشرب، وتسببه بحرمان سكان حارات أخرى من وصولها إليهم، ودفعهم مرغمين إلى شرائها من الصهاريج الجوالة بأسعار باهظة، وهم في وضع معيشي صعب لا يحتمل مزيداً من التكاليف.
على سيرة الضجيج والإزعاج، لم يمرّ حفل زفاف قبل أيام من دون إشعال الليل بالمفرقعات المتفجرة، وإصدار أصوات مرعبة، حتى إن إطلاق مثل تلك المفرقعات لم يعد يقتصر على الأفراح، بل إن المراهقين من باب اللهو أمسوا يطلقونها يومياً وبشكل لايطاق، ومنهم من يفجِّرها في مداخل بعض الأبنية، ما يثير ذعر القاطنين، أو عند مرور الفتيات بشكل قد يلحق الأذى بهن، لاحتمال تولد ردة فعل لا إرادية لديهن وسقوطهن في الشارع من جراء فزعهن.
وللعلم، إذا خبا صوت المفرقعات، فإنَّ الكلاب الشاردة حاضرة تتكفل بدور إحداث الضجيج، حيث تشاهد في كل ليلة وهي تسرح وتمرح ضمن مجموعات في الأحياء السكنية، ونباحها يتصاعد بنغمات متنوعة وعلى موجات متلاحقة لا تهدأ، معكرةً سكينة الليل ونوم السكان، حتى إن التحرك في العتمة مع غياب الإنارة عن معظم الطرقات يستدعي توخّي الحذر والحيطة، وخاصةً في أماكن تواجد الحاويات العائمة آخر الليل بالنفايات، لكونها المرتع لتجمع تلك الكلاب التي قد تهاجم المارة وتلحق الأذى بهم، وهو ما حدث بالفعل أكثر من مرة.
التلوث بالضجيج لا يقف عند ذلك، إذ يتضاعف في الكثير من الأحيان مع مرور الدراجات النارية منزوعة كواتم الصوت، والتي يقودها شباب طائش برعونة وسرعات جنونية، ومشاهد هؤلاء تكاد لا تغيب وهم يتسابقون على الطرقات الرئيسة وسط الأحياء السكنية، مستعرضين طيشهم بالسير الخطر على دولاب واحد بشكل يهدد حياتهم وحياة المارة.
إن التحلّي بالمسؤولية والوعي ضرورة في معظم الحالات السالفة الذكر، إذ ينبغي حرص الجميع على عدم هدر المياه التي نحن أحوج ما نكون إليها في ظل شحها، ومنع الأبناء المراهقين من إطلاق المفرقعات النارية وركوب الدراجات النارية حفاظاً على حياتهم وحياة الآخرين ودرءاً للإزعاج، وفي حال تجاهل تحمل المسؤولية والتعاون، ينبغي أن يحضر هنا وبقوة دور الجهات المعنية بالردع، من خلال مخالفة من يهدر المياه ومحاسبة من يتاجر بالمفرقعات ويستعملها، ومصادرة الدراجات النارية الطائشة، وإطلاق حملات منظمة ومتكاملة لمكافحة الكلاب الشاردة.