الفيضانات في سهل عكار
لا يكفي الاطلاع من خلال الجولات الحكومية على حجم الأضرار وأشكالها ونوعها، نتيجة الفيضانات لنهري العروس والكبير الجنوبي وتساقط الأمطار الغزيرة التي سادت منطقة سهل عكار في محافظة طرطوس، وتسببت بغمر مناطق زراعية، وبيوت سكنية مجاورة للنهرين. وتتكرر كلما جاد الغيث، فلا بد من وضع حلول جذرية لذلك، قياساً إلى التعويضات الضئيلة التي يحصل عليها المتضررون، المحددة بنسبة تتراوح بين 5- 10 في المئة من تكاليف الإنتاج.
وفقاً لإدارة صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية في مديرية زراعة طرطوس، إذا كانت نسبة الضرر من 50-69 في المئة، يحصل المزارع على تعويض مقداره 5 في المئة من تكاليف الإنتاج، وفي حال كان من سبعين إلى تسعة وثمانين في المئة، يتم التعويض بسبعة في المئة، وفوق التسعين بالمئة يتم التعويض بـ 10 في المئة، فهل هذه النسب كافية للمتضررين؟
احتياطات الإخوة المزارعين لن تكون كافية، إذا لم يتم تعزيزها بدراسات معمّقة، تضع الحلول الناجعة والجذرية لعدم حصول هذا الحجم الكبير من الضرر، بدلاً من التستر وراء الطبيعة.
صحيح أن الكوارث الطبيعية تفرض نفسها في أحيان كثيرة، لكن تكرارها في مناطق معينة دون أخرى يفترض على المعنيين إيجاد الحلول المناسبة، للحدّ منها على أقل تقدير، ومثالنا هنا التنين الذي يتكرر في منطقة معينة دون غيرها، ألا يكفي ذلك للقول: هذه المنطقة لا تصلح للزراعة، فأوقفوا الزراعة فيها، ووفروا الأموال المهدورة في تلك المنطقة، سواء على المزارعين، أو على الجهات التي تقوم بتقديم التعويضات لهم.
الوضع الزراعي كما وصف بأنه مأساوي في تلك المنطقة الخصبة، والمصارف المائية لم تستوعب حجم كمية الهطل التي وصلت إلى 120 ملم، وأدت وفقاً للتقديرات الأولية إلى الضرر بـ 6000 دونم من البطاطا، ومثلها من القمح وحوالي 700 دونم من الفول وهو في طور الإنتاج، وهذه تقديرات أولية، قابلة للزيادة نتيجة عدم تمكن المعنيين من الوصول للعديد من المناطق، بسبب الحالة الجوية القاسية من جراء استمرار سقوط الأمطار.
خسائرنا في هذا الجانب ستستمر إذا لم نضع الخطط الكفيلة بالحدّ من تلك الكوارث الطبيعية، بوضع الستائر الترابية وتمتينها، وتعميق مجرى النهر على سبيل المثال، وغيرها من الجوانب الفنية التي يعرفها ويدركها أصحاب الاختصاص، فهل نتجاوز ذلك في قادمات الأيام، ونحدّ منها حرصاً على مزارعينا، وللحدّ من هدر الأموال في هذا الجانب؟.