اختصاصية نفسية توصي بالتدخل النفسي والعلاجي لمعالجة الحزن التراكمي
دمشق- دينا عبد:
الحزن التراكمي سلسلة من الخسائر لأشخاص مقربين، تحدث في فترات زمنية متقاربة، كما حدث مع فتون (طالبة جامعية) التي فقدت والدها جراء مرض عضال، وبعدها بفترة قصيرة توفي أخيها في حادث سير؛ هاتين الحادثتين جعلاها تدخل في نوبة حزن طويلة يطلق عليها ( الحزن التراكمي)، والذي وصفته اختصاصية الصحة النفسية د.غالية اسعيد بأنه ردة فعل انفعالية طبيعية في المنظومة الإنسانية، لحدوث حدث مفاجئ وصادم للإنسان؛ وهو تجربة عامة وشخصية، تتفاوت تجربة كل فرد مع الحزن، وتتأثر في طبيعة ما فقده، مثل وفاة أحد الأبوين أو انتهاء علاقة؛ أو فقدان وظيفة، أو شيء ما بسبب سرقة أو انعدام الاستقلالية الحياة .
وتشير سعيد إلى أنّ الحزن حالة لا بدّ لكل إنسان من المرور بها إلى أن يتحول إلى حالة تحتاج التدخل النفسي والعلاجي، وهي ما يسمى (الحزن التراكمي) أو الصامت، وهو ما عرفه علماء النفس على أنه شعور يتغلب على الإنسان في موقف أو محنة أو أزمة كفقدان حبيب أو خسارة شيء عزيز، فعندما يستسلم إلى حزنه يدخل في حالة من الحزن الصامت فلا يستطيع أن يتحدث مع أحد أو يعيش حياة طبيعية مثل حياته من قبل، فالحزن يضعفه ويضعف قلبه ويجعله غير قادر على مواجهة أي شيء حتى نجده بمفرده ويبتعد عن أقرب الناس له.
خسائر متعددة
وبحسب الاختصاصية الصحة النفسية، فإن هذا النوع من الحزن المركب يحدث، عندما تتراكم الخسائر المتعددة فوق بعضها البعض في حياة شخص واحد بشكل متسلسل، ويعد الحزن التراكمي أمراً صعباً وله تأثير عميق في الصحة النفسية والعقلية، لأنه قبل أن تتاح للشخص فرصة التعافي والشفاء بالتأقلم مع كل واحدة من هذه الخسائر، تنشأ خسارة أخرى غير متوقعة على الأغلب، ما يجعل التغلب على أي حزن أمراً صعباً أكثر فأكثر.
وكان من أهم ما صنفه علماء النفس عن الحزن التراكمي من أعراض هو الخدر العاطفي كأن الأحداث عبارة عن حلم أو كابوس غير واقعي؛ الشعور بالإرهاق والإعياء الشديدين، وعدم القدرة على النوم؛ فقدان الشهية والعزلة عن الأصدقاء والعائلة وصعوبة الأداء في العمل؛ وتأدية المهام اليومية مثل الاستحمام وتغيير الملابس وغيرها.
ولعل من أهم الطرق التي أوضح عنها علماء النفس والصحة العقلية في التعامل مع الحزن التراكمي هي: عدم قمع وكبت الحزن بل يجب التعبير عنه، وتقديم الرعاية النفسية والاجتماعية المناسبة للحالة، وإعطاء الوقت والمساحة المناسبين لمعالجة حالة الحزن التراكمية
وطلب المساعدة النفسية من المختصين.
وعن مدة العلاج قالت د. اسعيد: قد يستغرق الأمر أسابيع أو أشهر عدة، حتى يعود الشخص الذي يعاني الحزن التراكمي المتفاقم إلى سلوكه المعتاد من الحياة.