بيوت إعداد المهاجرين تنتعش.. التسجيل فيها يتطلب حجزاً مسبقاً.. 846 مخبراً لغوياً مرخصاً
دمشق- أيمن فلحوط:
انتشرت ظاهرة المعاهد اللغوية بكثرة في العقد الأخير، مستغلة حاجة الطلبة لتمكينهم من تحسين لغتهم الأجنبية، وخاصة باتجاه السفر خارجاً بحثاً عن فرصة عمل غالباً، والبقية في نطاق الحرص على حصد أكبر مجموع من العلامات في شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، من منطلق أن علامات اللغة قد تكون في متناول اليد إن أحسن الطالب الدراسة، وحصل على المعلومة الجيدة والمفيدة، التي تجعله يقوم بتحقيق العلامة التامة في اللغة الأجنبية.
المعاهد الخاصة تفرض شروطها المادية على الطلبة
وشهدت معاهد تعلّم اللغة الألمانية، مع تزايد إقبال الشباب عليها إلى جانب اللغة الإنكليزية بداعي السفر، ارتفاعاً كبيراً في أسعارها.
المخابر المرخصة
بلغ عدد المخابر اللغوية المرخصة وفق أحكام المرسوم التشريعي /55/ لعام 2004 وتعليماته التنفيذية، بحسب تصريح رئيس دائرة التعليم الخاص في وزارة التربية وسام حاج علي لـ”تشرين”، /846/ مخبراً.
جشع
يعاني طلاب المعاهد الخاصة للغات الأجنبية من جشع مالكيها، فيرى محمد طالب الطب أن كل 10 جلسات لدراسة اللغة الألمانية تكلفه 300 ألف ليرة، عدا عن ثمن الكتاب 50 ألف ليرة، بينما تسدد سماح كل سبعة أيام 350 ألف ليرة لـ”كورس” المبتدئين باللغة الألمانية بمعدل 14 ساعة.
10 ساعات لدراسة اللغة الألمانية تكلف 350 ألف ليرة
أما اللغة الإنكليزية، فيتراوح الكورس الخاص بهذه المادة ما بين 150 ألفاً إلى 200 ألف ليرة، عدا عن ثمن الكتاب الخاص بالمقرر. ولكل مرحلة كتاب خاص، وأسعار جديدة على الدوام، وفقاً لما أشار إليه عدد من الطلبة الذين يدرسون اللغة الإنكليزية، في عدد من معاهد دمشق وريفها خلال جولة لـ”تشرين” على عدد من تلك المعاهد، سواء كان ذلك على صعيد المراحل الدراسية ما قبل الجامعة أو بعدها.
ويقدّم مدرس اللغة الإنكليزية عيسى تبريراً لارتفاع أسعار التسجيل في تلك المعاهد، بالتعويض المادي الذي يحصل عليه المدرسون فيها عدا الخدمات المقدمة خلال مراحل الدراسة.
تفاوت في الأسعار
ويبيّن أحد مديري المعاهد الخاصة في ريف دمشق، أن أسعار دورات اللغة تتفاوت بين معهد وآخر، بحسب السمعة التي يحملها هذا المعهد وأسماء الكادر التدريسي فيه، ويصل سعر مستوى اللغة الإنكليزية إلى ما يتجاوز 200 ألف ليرة، من دون ثمن الكتاب التي يصل إلى 50 ألف ليرة.
في معهد يعدّ أقدم معاهد تعليم اللغات الأجنبية في دمشق، أوضح أحد المعنيين أنه سجّل أكثر من ألف طالب في عام 2022، سبعون منهم كانوا من الاختصاصات الطبية، مضيفاً: كان معهد غوته في دمشق الوحيد المتخصّص في تعليم اللغة الألمانية، ويلبّي الحاجة بشكل كامل، أما اليوم فهناك العديد من المراكز والمعاهد، ويحتاج الطلاب إلى التسجيل مبكراً ليحجزوا مقاعدهم، فأكثر من 5 آلاف طبيب سوري يمارسون العمل في ألمانيا.
حزن وألم
في هذا الإطار، يشعر بالضيق والحسرة والحزن أستاذ محاضر في كلية الطلب البشري بجامعة دمشق لمدة تتجاوز ثلاثة عقود من الزمن تجاه ذلك، إذ يبيّن: “يُحزنني أن نفقد طلابنا وأبناءنا، الذين من المفترض أن يتسلّموا الراية التي حملناها” لكنهم أمام الظروف المعيشية الصعبة يضطرون للسفر.
ويضيف: “أرى طلابي يبدؤون بتعلم اللغة الألمانية منذ سنوات دراستهم الأولى، وهذه صافرة الإنذار الأولى التي أتلقاها منهم، وأول إِشارة على أنهم في طريقهم إلى السفر”.
المعهد العالي للغات
يذكر أن المعهد العالي للغات، الذي يقوم بتمكين الطلبة من اللغات الأجنبية وبأسعار مناسبة، تختلف جذرياً عن المعاهد الخاصة، تجعل الإقبال عليه كبيراً، في ضوء أسعاره المناسبة، لكن المشكلة تكمن في العدد المحدود، الذي يدفع الطلبة للانتظار فترة من الزمن لحين الحصول على فرصة التسجيل، وفي حال لا يتسع وقت الطالب، لكون فرصة العمل أو متابعة الدراسة، لا تتيح له ذلك يضطر إلى التوجه للمعاهد الخاصة، التي تفرض أسعارها الكاوية وتتحكم بالطلبة، مع أن التسجيل على “كورس” اللغة الألمانية في المعهد 200 ألف ليرة، واللغة الإنكليزية 150 ألفاً والروسية والتركية والصينية والإسبانية والفارسية 80 ألفاً والفرنسية 100 ألف ليرة، والفارق هنا واضح بينه وبين المعاهد الخاصة، التي تزيده بأكثر من ذلك.
المرسوم حدد أوقات الدوام الرسمي للمعاهد الخاصة ما بين الساعة 15 ظهراً و20 ليلاً، فهل تلتزم بذلك؟
أحدث المعهد العالي للغات عام 1995 كمركز لتعليم اللغات، ومن ثم تحول إلى المعهد العالي للغات بموجب المرسوم رقم (384) تاريخ 15/10/2006 كإحدى المؤسسات التعليمية في قطاع التعليم العالي في مجال تعليم اللغات، ويهدف إلى رفد مؤسسات التربية والتعليم وسوق العمل بالخريجين المؤهلين في مجال تعليم اللغات وتعلّمها في العملية التعليمية والأبحاث العلمية، وإلى التواصل مع آخر مستجدات العلم في العالم في مجال تعليم اللغات.
المخبر اللغوي
رئيس دائرة التعليم الخاص في وزارة التربية وسام حاج علي، ورداً على تساؤلات “تشرين”، تعرّف المخبر اللغوي بأنه المؤسسة التعليمية الخاصة التي تقيم دورات لتعليم اللغات الأجنبية غير المحلية، أو المواد التعليمية للشهادتين ” التعليم الأساسي والثانوي حصراً” خارج أوقات الدوام الرسمي، على أن يبدأ الدوام فيها من الساعة الخامسة عشرة ظهراً وحتى الساعة العشرين ليلاً، والذي يخضع لأحكام المرسوم التشريعي رقم /55/ لعام 2004م وتعليماته التنفيذية و للمرسوم التشريعي رقم /73/ للعام 2011م.
أما آلية الترخيص للمخابر، فتكون وفق أحكام المادة /2/ والمادة /35/ من التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم /55/ لعام 2004م.
الإشراف على المخابر
وحول الإشراف على المخابر، تؤكد حاج علي أن المادة /104/ من التعليمات المذكورة، نصت على أن يتولى الإشراف والتوجيه والتدقيق والتحقيق في المؤسسات التعليمية الخاصة، كل من يكلفه الوزير أو مدير التربية خطياً، للإطلاع على السجلات والملفات، والتأكد من تنفيذ أحكام المرسوم وتعليماته والبلاغات الوزارية وإثبات ما يقع من مخالفات لأحكامه، كما تشرف الوزارة على سير العملية التربوية من خلال تكليف الموجهين الاختصاصيين بالإشراف على سيرها وعمل المخابر اللغوية.
العقوبات
وحددت رئيسة دائرة التعليم الخاص العقوبات تجاه المخالفات التي تحصل في المخابر اللغوية بما تنص عليه أحكام المادة /101/ من التعليمات المذكورة وكلّ حسب مخالفته، مشيرة إلى أن نظام المخابر اللغوية دورة كاملة لمدة ستة أشهر أو ثلاثة أشهر، وملزمة بإعلان الدورات بشكل بارز في لوحة الإعلانات الخاصة بالمؤسسة، وإعلام مديرية التربية وأولياء الأمور بها سنوياً قبل التسجيل، ويعد حجب هذه المعلومات عند طلب التسجيل مخالفة صريحة توجب المساءلة في ضوء المواد ذات الصلة.
وعن إمكانية إقامة دورات تعليمية للطلبة في المدارس خارج أوقات الدوام الرسمي، بيّنت حاج علي أن المادة الرابعة من المرسوم التشريعي رقم /35/ لعام 2010م والمادة /118/ من التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم /55/ لعام 2004م أجازت لوزارة التربية إقامة دورات تعليمية في مدارسها خارج أوقات الدوام الرسمي، لتحقيق الفائدة للطلبة من جهة، وكذلك المدارس وكوادرها من عوائد التسجيل في مثل هذه الدورات.