عناوين هامة تتصدر اقتصاد 2024.. تشجيع الاستثمار بالصناعات الغذائية والزراعية وتسهيلات حكومية لإجراءات الترويج والتسويق والتصدير
دمشق- يسرى المصري:
دعم الإنتاج المحلي, وتحقيق الاكتفاء الذاتي, وفتح الأبواب للاستثمار, عناوين هامة تتصدر العام الجديد 2024 على الصعيد المحلي، في حين أن طرح الرؤى والمقترحات حول السياسات الاقتصادية خلال العام الماضي عبر اجتماعات رئاسة مجلس الوزراء وتوصيات اللجنة الاقتصادية والتصريحات الحكومية، سيجد طريقه الى التنفيذ في العام الجديد، وفي مقدمتها التشبيك من خلال دمج آراء الصناعيين والتجار وممثلي قطاع الزراعة لمعالجة مشكلات الاقتصاد السوري.
القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص سيتصدر عام 2024 ولاسيما أنه يساهم بشكل كبير في قطاع الصناعات الغذائية، الذي يسهم بدوره في تخفيف الطلب على الاستيراد وعلى القطع الأجنبي، إضافة إلى مساهمته الكبيرة في تشغيل الأيدي العاملة وقدرته الكبيرة في التصدير، خاصة أنه يتميز بالمنافسة في الأسواق الخارجية من ناحية الجودة والسعر منذ فترات زمنية طويلة.
وحسب التوقعات الاقتصادية فإن جزءاً من نجاح القطاع الصناعي هو مساهمة القطاع الخاص بنجاح، وأيضاً التسهيلات التي تقدمها الدولة في المدن والمناطق الصناعية والقوانين والتشريعات وتبسيط الإجراءات، حيث تتمثل الرؤية الاقتصادية الجديدة بتحفيز القطاع الخاص للدخول في قطاع الصناعات الغذائية بشكل كامل لما يتميز به من مرونة وتسهيل الإجراءات.
ويؤكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل أن التوجه الحكومي مستمر لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الغذائية والزراعية، وضمان استمرارية العمل ضمن بيئة الأعمال، والتسهيلات والإجراءات الحكومية التي تسهم بذلك عبر تقديم كل السبل اللازمة للعملية التسويقية والترويجية لنجاح هذا القطاع بمهمته.
ويرى الوزير الخليل أن الاستقرار في القطاع التصديري هو مصلحة وطنية يجعل القطاع الصناعي أو الزراعي يستهدف إنتاجاً معيناً قابلاً للتصدير، والمنافسة في الأسواق الخارجية، ويوفر حالة من التحفيز ويحافظ على مصادر القطع الأساسية.
ويشير الوزير الخليل إلى أهمية قانون الاستثمار رقم 18 وما يقدمه من مزايا كبيرة وحوافز وإعفاءات ضريبية تدفع بالعجلة الاستثمارية في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة إلى الأمام، كما أن البرنامج الحكومي لإحلال بدائل المستوردات الذي تشرف عليه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية يدعم الاستثمار، ويساعد على استهداف سياسة سد فجوة العجز في عدد من القطاعات بين استيراد وتصدير، نظراً للتسهيلات التي يمنحها للقطاعين الصناعي والزراعي.
المصارف والبنوك ستكون العامل المحفز الأول للاقتصاد بما تملكه من التمويل والسيولة والأدوات إذا أحسنت استخدامها
ويلفت الوزير الخليل إلى أن إعادة الإعمار هي طوق النجاة في اقتصاد ينهض من جديد ويواجه الكثير من المخاطر الاقتصادية وعلى رأسها العقوبات الأحادية، حيث تشير الأسهم بالدرجة الأولى في إعادة الإعمار إلى المصارف والبنوك التي تملك التمويل والسيولة والأدوات, وإذا أحسنت استخدامها فستكون العامل المحفز الأول للاقتصاد، في حين أن رفع الفوائد ووضع عوائق في منح القروض لأصحاب المشروعات سيشكلان تحدياً جديداً يضاف إلى المخاطر والتحديات الأخرى .
إيجاد بيئة محفزة لرؤوس الأموال
عن السيناريوهات المتوقعة للاقتصاد لعام 2024 يقول الدكتور محمد سامر الخليل: بهدف تحقيق الغاية من برنامج دعم وتحفيز القطاع الخاص لتعزيز دوره في العملية الإنتاجية ودعم الإنتاج المحلي وعملية النمو الاقتصادي من خلال تخفيف أعباء التمويل اللازم للانطلاق بالمشروعات المستهدفة.. نستدل بموافقة رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تأييد مقترح وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتمديد العمل ببرنامج دعم (أسعار الفائدة- الإنتاج المحلي) والمعايير الواجب اتباعها في اختيار القطاعات المستهدفة بالدعم وآلية بناء البرامج وتنفيذها وآلية صرف المبالغ المخصصة في الموازنة العامة للدولة لهذا الغرض، وذلك حتى نهاية عام 2024، علماً أن عدد المشروعات المستفيدة تجاوز 423 مشروعاً تتنوع بين القطاعين الصناعي والزراعي، حيث إن استمرار الأوضاع الاقتصادية الضاغطة التي أثرت بشكل كبير في مستوى معيشة المواطنين، أياً كانت أسبابها، حتّم ضرورة تهيئة القاعدة الأساسية للانطلاق بالعمل خلال عام 2024 تحت مظلة السياسات التنموية الرامية إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية ولاسيما لجهة النهوض بقطاعات الاقتصاد الوطني بما يسهم في تنمية ودعم الإنتاج المحلي, وتوجيه الموارد المالية المتاحة نحو القطاعات التي ترغب الدولة في تنميتها وتطويرها, والاستفادة ما أمكن من قانون الاستثمار رقم /18/ لعام 2021 في إيجاد بيئة محفزة لجذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية وتوظيفها في مشروعات استثمارية في العديد من القطاعات ذات الأولوية، إضافة إلى معالجة حالة الخلل والقصور التي يعاني منها قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما من شأنه تطوير بيئة عمل هذا القطاع وتعزيز دوره في النمو والتنمية .
قوى للتغيير!
وتلفت الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد السابقة في أكثر من مناسبة أن الاقتصاد السوري يدور في دوامة الركود الاقتصادي، فهو يترنح بين التضخم وتدني الدخل, سمته الأساسية تردي المستوى المعيشي لعموم السكان، ويقول الكثيرون إن الإنتاج هو الحل.. هذا صحيح ولكن لإصلاح واقع سيناريوهات الاقتصاد السوري لعام 2024 المتسم بارتفاع معدل التضخم وشحّ السلع والمشتقات البترولية في ظل رواتب ضعيفة على حد سواء، لابد من اللجوء إلى ثلاث قوى تغيير ودفع أساسية, كما يلي :
اللامركزية الاقتصادية:
تتمثل باضطلاع مجالس البلديات في المحافظات والمناطق بدور تنموي، حسب خريطة استثمارية لكل منطقة، حيث يكون في المجلس البلدي مختصون بالشأن الاقتصادي والمشروعات الاستثمارية، وحتى تقوم البلديات بأعمالها في الشأن الاقتصادي بشكل مرضي لا بد للمجلس البلدي من التمتع بصلاحيات كاملة بالنسبة لمنح التراخيص وأن تكون لها موازنة تساعدها على القيام بأعمالها، فهذه المشاركة في صنع القرار وتحمل المسؤوليات ستمثل رافعة قوية.
المشروعات الصغيرة والصغيرة جداً:
أثبتت تجارب الدول أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة لها دور مهم في دوران العجلة الاقتصادية، سواء من خلال زيادة الإنتاج الوطني وتحقيق نسب تشغيل أو خفض مستوى البطالة، وللتوسع في الاعتماد على المشروعات الصغيرة في سورية لابد من اعتماد مبدأ “دعه يعمل.. دعه يمر”, مثلاً: تسهيل إجراءات تأسيس المنشآت الصغيرة، وإعفاؤها من الضرائب في السنوات الأولى لبدء المشروع، والحصول على تمويل لهذه المشروعات، إضافة الى توفير الاستشارة والخبرة.
تحسين القدرة الشرائية للمواطنين:
تحسين القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين بشكل تدريجي يعد الخطوة الأهم في تحقيق زيادة الإنتاج ورفع كفاءة الاقتصاد، لأن إجمالي الطلب في السوق الداخلي يشكل حافزاً مهماً في زيادة الإنتاج وتحقيق النمو الاقتصادي، وبالطبع, لا نقصد بتحسين القدرة الشرائية, زيادات الرواتب فقط , بل هي هدف يشمل رفع الدخل لأغلبية الناس.
مراجعة السياسات النقدية والمالية
أخيراً إن الحديث عن ثلاث نقاط رئيسية, كخطوات أولى لتعافي الاقتصاد في العام الجديد 2024, تجعلنا اليوم أكثر مطالبة بالسياسات النقدية المرنة لتحريك العجلة الاقتصادية وتحفيز عمليات الإنتاج والتشغيل, إضافة الى موضوعات كثيرة ملحة, ولا بد من تحديد الأولويات الاقتصادية، بناء على أهداف مكافحة الفقر والبطالة ورفع المستوى المعيشي لعموم الناس.
المخاطر والتحديات
بناء على البيانات والخطط والبرامج الحكومية فإن سيناريوهات اقتصاد عام 2024 في سورية ستأخذ بعين الاعتبار التحديات المحلية والإقليمية والدولية التي أعاقت مسيرة التنمية الاقتصادية في البلاد، والقرارات السورية المتوقعة خلال عام 2024 والتي تتضمن مجموعة من الإجراءات والمؤشرات التي تصب في سياق تخفيف وطأة هذه التحديات على الاقتصاد السوري.
سيناريو الإنتاج والاستثمار
في هذا السيناريو تواصل الحكومة في عام 2024 العمل على دعم الإنتاج المحلي وتنميته، باعتباره أحد أهم محركات النمو الاقتصادي، بدءاً من المشروعات المتناهية الصغر مروراً بالصغيرة والمتوسطة وصولاً إلى المشروعات والاستثمارات الكبيرة، سعياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال زيادة الإنتاج، وأيضاً زيادة عدد المنتجين والمستثمرين، وفتح الأبواب بشكل أوسع للاستثمار في كل المجالات، لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتنمية الصادرات، وبالتالي مواجهة تداعيات الأزمات والحروب الاقتصادية والمعيشية .
تسريع تعافي الاقتصاد الوطني وقرارات هامة لتخفيف أعباء التمويل عن المنتجين والمستثمرين
سيناريو الحماية المدروسة
حسب برنامج تنمية الإنتاج المحلي وسياسة تنويع القاعدة الإنتاجية، فان السيناريو المتوقع لعام 2024 في هذا الملف يتضمن مجموعة من الإجراءات، أهمها استمرار العمل بسياسة الحماية المدروسة للإنتاج المحلي، وتوجيه سياسة التجارة الخارجية نحو تخفيض تكاليف التشغيل والتوسّع بالإنتاج، وتأمين متطلبات القطاعين الصناعي والزراعي، وزيادة مساهمة القطاع العام الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، والتشاركية مع القطاع الخاص لتشغيل وإعادة تأهيل المشروعات والمنشآت المدمرة أو المتضررة والمجدية اقتصادياً، إضافة إلى المضي ببرنامج إحلال بدائل المستوردات، وتخفيض أعباء وتكاليف حصول المنتجين على التمويل من خلال برنامج دعم أسعار الفائدة للقطاعات المستهدفة، واستثمار البنية المعرفية لمصلحة تطوير قطاعات الإنتاج الوطني من خلال الاقتصاد المبني على المعرفة.
دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة (الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية بما فيها السياحية) سيستمر في عام 2024، ويتضمن مجموعة من الإجراءات، أهمها تمكين هذه المشروعات من القيام بدورها بتنمية هذا القطاع، ووضع استراتيجية خاصة تتضمن البرامج الاستهدافية الرامية إلى تنمية هذه المشروعات، وتعزيز فرص وصولها إلى التمويل.
تحسين بيئة الأعمال
خلال عام 2024 سيشهد سيناريو برنامج تعزيز الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال تطوراً لافتاً، وإصدار أدلة إجراءات ترخيص وتأسيس المشروعات الاستثمارية لوضعها موضع التنفيذ، ومن ثم تطوير وتوسيع خريطة الاستثمار في الجمهورية العربية السورية، مع الإشارة إلى أنه سيتم تقييم واقع الاستثمار وتحديد المعوقات التي تواجه البيئة الاستثمارية لمعالجتها بشكل مستمر بهدف تعزيز عوامل الجذب في الاقتصاد السوري.