القانون /٤٠/ يمثّل الحلّ الحقيقي لمعضلة الفشل الزراعي وفرصة لحل مشكلة تفتت الحيازات والاستثمار الأمثل للموارد
دمشق – لمى سليمان:
وصف الخبير التنموي أكرم عفيف القانون /٤٠/ الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد، بالحل الحقيقي لمعضلة الفشل الزراعي، الذي انتهت إليه الزراعة بنتيجة سياسة التسعير وسياسة الفشل التي أوصلت الزراعة إلى طرق مسدودة، وكان لا بد من حل وعلاج لهذا الفشل وهو أن تكون هناك شركات تتبنى الزراعات التعاقدية. وتكون هذه الشركات، إما مالكة أو مستأجرة للأراضي التي تقوم عليها الزراعات أو متعاقدة مع أصحاب أراضٍ زراعية تقوم بتوريد المنتجات بمواصفات معينة. وهو بالطبع الحل الذي يبحث الجميع عنه.
وأوضح عفيف، أنه باستطاعة هذه الشركات استخدام بدائل الطاقة وبدائل المياه والري وحتى بدائل الأسمدة لحل مشكلة استثمار بعض الأراضي الزراعية التي أوصلتها سياسة التسعير للتوقف عن الزراعة.
باقي القوانين
وأما عن المشاريع التي من المجدي البدء بها، فبيّن عفيف أن المشاريع بشقيها النباتي والحيواني أصبح من الضروري إعادة “إنقاذها” مثل الشوندر السكري والذرة وحتى القمح، التي توقف الكثير من المزارعين عن زراعتها بسبب الخسارة التي طالتهم، ووجود جهة تضمن الكمية المزروعة والسعر المناسب وذلك ضمن الاحترافية المطلوبة، ما قد يجعل الأمر أكثر جدوى.
عفيف: أغلب المشاريع بشقيها النباتي والحيواني أصبح من الضروري إعادة “إنقاذها” مثل الشوندر السكري والذرة وحتى القمح
ويرى عفيف أنه من الضروري في هذه المرحلة العمل على باقي القوانين والأنظمة والتعليمات النافذة لضمان التطبيق الأمثل. فعلى سبيل المثال وفي هذه الفترة التي أثبتت فيها زراعة النباتات العطرية والطبية نجاحها وكيف تم استخدامها واستخلاص المواد الفعالة منها، إلا أن قوانين وزارة الصحة بضرورة موافقة الشركات الدوائية العالمية على استخدام المنتج، حالت دون الاستفادة من بعض المواد الفعالة فيها والحاجة إلى استيراد المواد الأولية، بالرغم من وجود بعضها وغلاء الأدوية بنسبة كبيرة. وبناء على ذلك، فإنه من المهم أن يتم العمل على بعض التشريعات لتحقيق التكامل مع هذا القانون الذي يعد خطوة في الاتجاه الصحيح.
واعتبر أن مشكلة تفتت الملكية الزراعية تعد من أهم القضايا التي يعاني منها الإنتاج الزراعي، ووفقاً للقانون /٤٠/ فإن الشركات ستعمل على تجميع هذه الحيازات الزراعية، وبالتالي ستكون هناك مساحات أوسع لاستثمارها والعمل فيها على البدائل التي ذكرت سابقاً.
أخذنا جميع الآراء
من جهته رأى معاون وزير الزراعة فايز المقداد في تصريح لـ”تشرين” أن إصدار القانون/٤٠/ له قيمة مضافة كبيرة على القطاع الزراعي، وخاصةً أن نشاطات التنمية الزراعية، تتعلق بالعديد من الوزارات والجهات الحكومية الأخرى، وقد تم استقصاء آراء كافة الوزارات بالقانون عند إعداده من قبل وزارة الزراعة بالتعاون بشكل أساسي مع وزارة العدل، وسيكون له انعكاس إيجابي من خلال تشجيع إقامة شركات زراعية مشتركة بين القطاع العام والخاص، تساهم وبشكل فاعل في توطين مشاريع زراعية بمستوى تقاني عالٍ وبإنتاجية عالية، تنعكس بشكل مباشر في تأمين احتياجات السوق المحلي من المنتجات الزراعية وتوفير فوائض للتصدير.
المقداد: استكمال بناء الاقتصاد الوطني سيعتمد بالدرجة الأولى على الموارد الذاتية المحلية ويجب أن يلبي الحاجات الاجتماعية المتزايدة
وأوضح المقداد أن القانون الجديد تضمن جواز تأسيس شركات مساهمة مغفلة مشتركة، تعمل في مجال القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بهدف تطوير الاستثمار الزراعي لتشجيع إدخال التقانات الحديثة والأساليب العلمية في إدارة الإنتاج وتسويقه، وذلك في الأراضي المستثمرة من قبلها والتي تساهم الدولة بمقدمات عينية بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها، وعلى ألا يقل رأس مال الشركات عن 50 مليار ليرة.
حيث أعطى القانون ميزات تفضيلية من حيث استثناء الشركات من أحكام وقف ومنع وحصر وتقييد الاستيراد، ومن أحكام أنظمة القطع والاستيراد من بلد المنشأ لتلبية حاجة مشاريعها ومنشآتها من آلات ومعدات زراعية وسيارات وجميع المواد اللازمة لتشغيلها، كما تم إعفاؤها من الضرائب والرسوم المالية والإدارة المحلية كافة عند الاستيراد.
وبرأي المقداد، فإن القانون رقم /٤٠/ أصبح ضرورياً لزج الموارد المالية المتوفرة لدى القطاع الخاص في أعمال التنمية الزراعية في ظل الأهمية البالغة للقطاع الزراعي في مواجهة كافة أشكال الأزمات، وتوفير الأمن الغذائي للسكان، وتوفير المواد الخام الداخلة في الكثير من الصناعات التحويلية والغذائية، واستيعاب نسبة كبيرة من قوة العمل، وتعديل الميزان التجاري وتوفير القطع الأجنبي من خلال الصادرات الزراعية التي أصبحت تشكل أغلب الصادرات السورية في ظل الأزمة.
وأضاف المقداد: في حين أن المرسوم التشريعي رقم /10/ الذي صدر في عام 1986 كان لتنظيم جواز تأسيس شركات مساهمة مغفلة في سورية في مجال القطاع الزراعي، أما القانون الجديد رقم (40) لعام 2023 فيأتي بهدف مواكبة الإنجازات التي تم تحقيقها في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والخطط الزراعية والأهداف الإنتاجية، وتشجيع الشركات العاملة بهذا القطاع، وتبسيط الإجراءات وإعطائها مرونة أكثر لتنفيذ نشاطاتها لتحقيق الغاية المرجوة من تأسيسها، وبغية الاستمرار في هذه المسيرة بوتيرة أعلى وتحقيق الأهداف العامة الطموحة للخطط التنموية في زيادة الإنتاج وتطوير القاعدة الإنتاجية.
حيث إن استكمال بناء الاقتصاد الوطني، سيعتمد بالدرجة الأولى على الموارد الذاتية المحلية، ويجب أن يلبي الحاجات الاجتماعية المتزايدة في ظل العقوبات والتحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، كما يجب أن يخدم العمل على الاستخدام والاستثمار الأمثل للموارد المحلية المتاحة، فقد غدا ضرورياً تشجيع الاستثمارات الزراعية وتركيز العمل على زجّ الموارد المتوفرة لدى القطاع الخاص في نشاطات الإنتاج الزراعي والتنمية الزراعية، بما يدعم ويساند الجهود التي يبذلها القطاع العام في ذات المجالات.
ثقافة الاستثمار الزراعي
بدوره، يرى مدير القروض في المصرف الزراعي التعاوني المهندس الزراعي زيدان سعادات، أن القانون ٤٠ لعام ٢٠٢٣ عصري بامتياز، فهو يمتاز بالمرونة المطلقة وغير المقيدة، وبالتالي سيعمل على تسريع وتيرة تنفيذ خطط التنمية الزراعية الموضوعة من قبل الدولة.
سعادات: القانون سيعمل على تسريع وتيرة تنفيذ خطط التنمية الزراعية الموضوعة من قبل الدولة
كما أنه سيعزز ثقافة الاستثمار الجماعي في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، الذي يؤدي إلى التنمية المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض من الإنتاج للأسواق المجاورة هذا من جهة، وتحقيق عوائد مجزية للمساهمين كاستثمار ناجح ومضمون من جهة أخرى.
وبحسب سعادات، فإن مساهمة الدولة في هذه الشركات بنسبة ٢٥% من رأس مالها وبشكل عيني كالأراضي أو المباني والمنشآت المتوقفة القابلة للتأهيل والاستثمار، هي مساهمة فعالة في نجاح مثل هذه الشركات.
ومن مزايا هذه الشركات المساهمة المغفلة أن نسبة ٧٥% من رأس مالها تطرح للاكتتاب العام للراغبين بالاستثمار في هذا المجال.
كما أعطى هذا القانون مزايا لم تكن موجودة في قانون الاستثمار رقم ١٠ لعام ١٩٨٦ لجهة عدم سريان الأحكام والقيود الواردة في القوانين والأنظمة المتعلقة بشركات القطاع العام، مهما كانت نسبة مساهمة الدولة فيها.
وأعطى هذا القانون الحق للشركة بأن تستورد بصورة مباشرة كافة احتياجات مشاريعها من الآلات والآليات والمعدات والسيارات الخاصة بالعمل والتجهيزات اللازم إقامتها، وكذلك جميع المواد الأولية اللازمة للتشغيل وهي مستثناة من أحكام وقف ومنع وحصر وتقييد الاستيراد، وكذلك من أحكام أنظمة القطع والاستيراد المباشر من بلد المنشأ، إضافة إلى إعفاء كافة مستورداتها المذكورة آنفاً من كافة الضرائب والرسوم المالية والجمركية والإدارة المحلية وغيرها، شريطة عدم بيعها في السوق المحلية.
والمزية الأهم، كما يراها سعادات، هي إعفاء أسهم الشركة وأموالها وأرباحها وتوزيعاتها وكافة أوجه نشاطها في مجال عملها من جميع الضرائب والرسوم، مهما كان نوعها وطبيعتها ولمدة السنوات السبع الأولى من تاريخ أول ميزانية رابحة.
وتستفيد من هذا الإعفاء أي منشأة جديدة تحدثها الشركة وبنفس الشروط المذكورة، والسماح لها بفتح حساب بالقطع الأجنبي لدى المصرف التجاري السوري، تضع فيه ٧٠% من حصيلة العملات الأجنبية الناتجة عن عملياتها وخدماتها تقيد في الجانب الدائن لها، وتضع المبالغ المستعملة في تغطية احتياجاتها من العملات الأجنبية في الجانب المدين.
إضافة إلى ما سبق، فإنه يحق لهذه الشركات أن تضع أنظمتها الأساسية ونظام العاملين لديها بمعزل عن قانون العمل رقم ١٧ لعام ٢٠١٠.
وكان السيد الرئيس بشار الأسد قد أصدر القانون/٤٠/ لعام ٢٠٢٣ الذي يجيز تأسيس شركات مساهمة مغفلة مشتركة في القطاع الزراعي، بهدف مواكبة الخطط الزراعية والأهداف الإنتاجية وتشجيع الشركات العاملة في القطاع الزراعي ومنحها مرونة أكثر في تنفيذ نشاطاتها.