القانون وتخريب الذمم الإنسانية
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
لاشكّ أن القانون لا يكفي وحده لضبط سلوك الإنسان وتقويمه، ولا السلوك وحده يستقيم دون قواعد قانونية تعدّل انحرافه، فقواعد السلوك تتلازم دائماً مع قواعد القانون، وكل منهما ضروري للآخر.
هكذا يبدو القانون، حتى لو كان نموذجاً قاصراً عن تحقيق غاية المشرّع، ويبحث عن كماله في أفراد يستوعبون حكمته.. ويظل سلوك الأفراد – حتى لو كان مثالياً- بحاجة إلى قواعد القانون التي تعالج انحراف النفس الإنسانية.
ماذا يجني مَنْ يخالف إشارة المرور سوى الضرر، وربما يعرّض الآخرين إلى الأذى..؟ وما الذي يحصل عليه المتجاوز إذا ما آخّر بمصلحة الوطن والمواطنين.. ؟وماذا يواجه من يسعى إلى كسب غير مشروع، وفساد، سوى مطرقة وتخريب الذمم..؟ وماذا يجني من يمارس السلوك غير المنضبط في الشارع سوى الانفلات الذي يصيبه والآخرين من الناس بالضرر والأذى..؟ وماذا يواجه من يهمل واجباً تقتضيه المسؤولية والعمل المقدّس سوى التخلف عن زملائه وأقرانه، وإشاعة الكسل بين الصفوف..؟ وماذا يجني المزوّرون والغشاشون سوى الفضيحة والفشل الذريع؟..
فهل يفلح المصلحون والمرشدون وخطباء المنابر وحَمَلَة الأقلام النزيهة والشريفة ووسائل الإعلام، وحتى ممثلو المرجعيات الدينية، في توعية أولئك المخالفين وانتشالهم من بؤر الانحراف والفساد؟
إن نماذج الخروج عن قواعد القانون كثيرة وتثير الحسرة والأسى، لما تأخذه أحياناً من صور التعمّد مع سبق الإصرار على الخرق والمخالفة، ويزداد هذا الشعور المحزن حين تتساءل مع نفسك أو مع الآخرين عما يحصده المخالف المتعمّد من منفعة؟.
إنها تساؤلات مشروعة، فمن يجيب عنها بصراحة، فالمخالفون سائرون في تجاوزهم وغيّهم، والقانون لا يستطيع وحده الإصلاح ما لم يسانده المصلحون وأقرانهم بالتأكيد.