مسلسل «الخائن».. دراما المناكفة والوقوع في مناخات الملل واللغو والتطويل

بديع منير صنيج:

يندرج مسلسل “الخائن”، المقتبس عن عمل درامي تركي بالاسم ذاته، ضمن الأعمال التي يكون فيها (البرومو) أهم بكثير من المسلسل بحد ذاته، وخاصةً من ناحية التكثيف والتشويق والتعبير عن فحوى العمل ككل.

البرومو الأهم
دماء سوداء تسير في عروق الوردة البيضاء حتى تحيلها إلى سواد كالح، ناجم عن عقاقير مرصوفة بجانب بعضها مملوءة بالحقد والكره والخيانة والانتقام، كل ذلك بجانب مغطس من هذه الخلطة بحد ذاتها، وصراخ على خلفية أغنية Can’t pretend، بمرافقة مونولوج للممثلة سلافة معمار بشخصية الدكتورة أسيل وهي تجري عملية جراحية للوردة، وتقول: “القصة مانها واقفة على شعرة”.

قصة الشعرة
فعلاً “القصة مانها واقفة على شعرة”، فهي اعتراض شرس على فعل الخيانة التي قام بها زوج أسيل المهندس سيف “قيس الشيخ نجيب” مع تيا “مرام علي” الفتاة العشرينية، إلى هنا الدراما متأججة وتفعل فعلها لدى المتلقي الذي يندغم مع هذه الموضوع المحبب لديه، لكن البداية من الذروة الدرامية لفضح خيانة الزوج أمام أهل العشيقة، ثم العودة إلى تفكيك الحكاية ومسبباتها وتبعاتها بأحداث ومصادفات وأسلوبية باهتة، كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير الدرامي.

شعرة البعير
والأنكى من ذلك الدوامة التي وقع فيها العمل بعد زواج سيف من تيا وسفرهم إلى أمريكا ومن ثم عودتهم بثروة طائلة إلى الوطن لمتابعة حياتهم ومشاريعهم الكبيرة، إذ بات العمل لأكثر من عشرين حلقة يدور حول المناكفة والمجاكرة بين سيف وأسيل، بحيث إن القصة باتت من السذاجة والسخف وكأنها تدور في حلقة مفرغة، من دون أي تعزيز لأحداث حقيقية تُغير مجرى الحكاية.. حتى أن الانتقام الذي أراده الزوج من طليقته جاء بصيغة باهتة وأشبه بألعاب الصِّغار، من دون أي زخم يُثوِّر الدراما، وبلا أي اجتهاد من لبنى مشلح صائغة الحكاية بالنسخة العربية لإعداد مغاير عن الأصل التركي، وكأن الموضوع ترجمة فقط، مع المحافظة على المطمطة الفارغة، التي تؤدي إلى ما هو ضد الدراما، لاسيما إن نظرنا إليها بمنظار هيتشكوك القائل بأن الدراما هي الحياة منقوصٌ منها عنصر الملل.

الدراما المملة
يضاف إلى ذلك أن المناكفة تنتقل من الزوج والزوجة إلى الأفعال التي يقوم بها أخو تيا بابن سيف، ليتعزز مفهوم الدراما الطفولية الخالية من النوازع الجدية في تفعيل الأحداث، إذ كان من الممكن ببساطة الاتكاء على الأبعاد النفسية لشخصيتي البطلين اللذين عانيا في طفولتهما الكثير من المآزق النفسية التي يمر عليها العمل مروراً خاطفاً.
لا نعرف ما سيؤول إليه المسلسل وهو مازال في حلقته الرابعة والثلاثين، وما إن كان سيتم تعويض الخلل الدرامي المُمِضّ، من خلال أحداث عليها القيمة، ومنعطفات في الحبكة تزيد عنصر التشويق بدل الهلهلة المقيتة التي يعاني منها، فهذا ما ننتظره، خاصةً مع وجود فنانة من رتبة سلافة معمار التي تقمصت أوجاع شخصيتها وسعت لإبراز جبروتها على آلام الخيانة.
في حين لم يوفق قيس الشيخ نجيب بالنسبة ذاتها، إذ حافظ على إيقاع أدائه ذاته في مختلف المواقف من حب وغضب واستياء وغموض، والأمر ذاته ينطبق على مرام علي في قلقها الدائم وانصياعها لمن حولها، حتى بعد زواجها وإنجابها لابنتها زينة.

إخفاق يُسجّل
بقية الشخصيات بمعظمها نمطية، ولم يتح لها الورق المكتوب أي فرصة للتحرك في أداءات تمثيلية فارقة، إذ إنها مُكمِّلة للمشهد بلا أي حيوية أو قدرة على خلخلة الحدث الدرامي بما فيهم والدا تيا “جلال شموط” و”تيا حرب”، وحتى سامر “خالد شباط” شخصيته شريرة واضحة المعالم بلا انقلابات أو تغييرات، والشيء ذاته ينطبق على الشخصيتين اللتين أداهما كل من إيلي متري ورولا بقسماني المحرومين من نعمة الإنجاب.
في الختام، إن كانت “ثيمة الخيانة تربح دوماً في الدراما، لأنها تتطرق إلى الكثير من التفاصيل المرتبطة بالعلاقة بين الرجل والمرأة والعشيقة” كما صرحت سلافة معمار، وأن العمل دراما نفسية اجتماعية بحسب تصريح قيس الشيخ نجيب، فإننا حتى الآن لا نرى مسلسل الخائن الذي أنتجته الـmbc رابحاً وهو بعيد عن عمق التفاصيل وعن التصنيف سابق الذكر، ولعل ربحه الأكبر هو في (البرومو) وفي شارة العمل التي كتبها ولحنها إياد ريماوي وغنتها ميرنا قسيس.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار