متلبّس بأكل “الشرحات”

مبتهج مربي الغنم أبو صخر هذه الأيام، ويكاد يغني كلماته غناءً ليستفز أبا عيسى الذي ألغى “دق المنقلة” وركلها متمتماً بالشتائم، فهو مدرس الوطنية المتقاعد، المستاء من سماح الحكومة بتصدير الخراف، اعتبر القرار صادر خصيصاً لمصلحة غريمه في المنقلة.

أبو عيسى مازال مسكوناً بمعاني العدالة الاجتماعية وربما بقايا مفاهيم التحويل الاشتراكي، ويرفض التخلّي عن قناعاته رغم صفعات اقتصاد السوق ونفحات الرأسمالية المتسللة خلسة إلى جيوبه بل إلى غرفة نومه، هو الذي يعاني من النزعة الليبرالية التي تُفاخر بها أم عيسى.. ويبدو أن رياح العولمة قد خدمتها في موقفها المناهض لاختصاص زوجها وشعاراته البائدة.

علا صراخ الاثنين بجدال كاد أن يتحول إلى شجار على الملأ، والمارة كُثر في هذا اليوم المشمس، وكم هو جاذب مشهد صراع الإيديولوجيات الحاد بين كبار السن، الهاربين إلى دفء الشمس من برد ورطوبة البيوت الخاوية من المازوت.

إلا أن الحسم كان بلسان وديع أستاذ الفلسفة العائد للتو من درس خصوصي لطالب ميسور الحال نسبياً..وبدأ الخطاب الميتافيزيقي لرجل من أنصار جان جاك روسو ونظرية “الحقيقة فيما وراء جبال البيرينيه خطأ مابعدها”، ولم يكن وديع وديعاً أبداً في موقفه وكلامه الموجه لأبي عيسى.

يسأل وديع الحضور عن آخر مرة يذكرون واقعة أكل لحوم خاضوها بنجاح..لم يتذكر معظمهم، وأحرج أستاذ الوطنية عندما خصه بالسؤال، فأطرق الأخير ولم يجب.

وعاد وديع ليسأل لماذا أنتم مستاؤون إذاً؟؟

استنفاركم هذا يعني أنكم تنتصرون لـ “أكلة اللحوم” الأثرياء ..وأنتم مجرد جمهور متفرّج فلمَ الصراخ إذاً، وماذا يضيركم أن يستفيد أبو صخر وكل المربين من ارتفاع أسعار اللحوم، أم إنك يا أبا عيسى مستاء من خسارة “البرتية” وحظ أبو صخر الذي يفلق الصخر؟

يكمل وديع سرده عن مضار البروتين الحيواني، وما التقطه من اليوتيوب حول الكوليسترول والشحوم الثلاثية، وخطورة لحوم الماشيه الناتجة عن أعلاف مصنعة..

صمتُ الحضور أغرى وديع بالمتابعة.. ليصل إلى إقناعهم بأن نثرات اللحم تباعد بين الأسنان وتخلخلها..حافظوا على صحتكم “ياعمي” ولتبقَ أسنانكم بيضاء ناصعة متراصّة من كثرة قلّة اللحوم الملعونة على موائدكم..

وديع ليس بخيلاً بما أن البخل خصلة لا إنسانية، والذي أنهى خطابه بدعوة من يشاء لمشاركته “الشرحات” والمخلل مع المجدرة، وقبل أن تشتد عصبية الجميع واستهجانهم .. شرحات؟؟

يجيب وديع… شرحات فجل ولفت وطرنشات كمان..”وعمرو ماحدا يرت”.
• راصد

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار