خبير يتوقع هطلات مطرية متميزة ويدعو إلى استثمارها بالشكل الأمثل هذا العام ..
طرطوس- رفاه نيوف:
يشهد العالم بأسره تغيرات مناخية وانزياحاً للفصول، وقد شهدت السنوات الأخيرة ظواهر غريبة غير مألوفة من جفاف وأمطار غزيرة وارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق وعواصف رعدية وموجات برد..
وفي سورية بدأ الحديث عن التغيرات المناخية وتأثيراتها، بعد عام 2000 كما بيّن مدير الأرصاد الجوية بطرطوس والباحث عهد اسمندر خلال المحاضرة التي قدمها في ثقافي بانياس تحت عنوان: (التغيرات المناخية وأثرها على سورية)، ففي عام 1999- 2000 كانت هناك موجة جفاف قاسية جداً على سورية، وخاصة على المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، ما أدى إلى انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية، نتيجة انخفاض الوارد المائي لنهر الفرات وعدم استخدام الموارد الموائية بشكل أمثل، وبالتالي نزوح الأهالي نحو المدن، وشهد عام 2007 انخفاضاً ملحوظاً بالهطلات المطرية ثم 2013- 2014 خلال فترة الحرب وكانت هذه الموجة مضاعفة بسبب الحروب.
وخلال عامي 2018- 2019 حصلت هطلات مطرية غزيرة لم تشهدها سورية وخاصة في المناطق الساحلية منذ 60 عاماً، كما شهدت سورية موسمين فيهما هطلات مطرية غزيرة جداً 2018- 2019، تلاها صيف لاهب، حيث شهدت سورية في حزيران 2019 موجة حرارية استمرت لمدة عشرة أيام وبمعدل زيادة من 9-10 درجات وتعتبر أطول موجة خلال عشرين عاماً، من حيث المدة والمعدل.
و أضاف اسمندر إنه خلال صيف 2020- 2021 حدثت موجة جفاف هي الأقسى بالإضافة إلى الحرائق الكبيرة التي قضت على الغابات التي تعد عنصر جذب للرطوبة وللطقس المعتدل في المنطقة، وكل ما سبق نعتبره تغيرات مناخية من جفاف قاس، هطلات مطرية غزيرة بأوقات قصيرة، تكرار العواصف الغبارية والتي تدل على تصحر المنطقة.
التغيرات المناخية في سورية سببها التلوث والطاقات المتجددة هي الحل
مع ما يشهده الساحل السوري من الأعاصير البحرية أو التنين البحري وكانت أول مشاهدة مسجلة له بعام 1994، بمعمل غزل جبلة بعدها سجلت في حمص وفي عام 2000 بدأت تتكرر، وفي عام 2012 أصبحت أكثر تكراراً ومشكلتها أنها ذات قطر ضيق، وأضرارها كبيرة وآخر تنين كان في اللاذقية في حزيران 2019 كان مرعباً، حيث كانت سرعة الرياح 140 كم لمدة 17 دقيقة وأدى إلى أضرار كبيرة.
ولفت اسمندر إلى أننا لا نستطيع مواجهة التغيرات المناخية إلا من خلال التكيف مع الواقع واتباع الزراعة المستدامة، ويفترض أن يقوم بالتشاركية بين الحكومة والمجتمعات المحلية لعودة التوازن إلى الغابات التي تمنع حدوث الحرائق، بالإضافة إلى الاعتماد على الطاقة البديلة وهذا أصبح مشروعاً عالمياً.
وأشار اسمندر إلى وجود مبادرة تسعى لوضع العالم كله في عام 2027 تحت مرمى الإنذار المبكر، وتوجيه إنذارات لاتخاذ الإجراءات اللازمة قبل فوات الأوان.
ونوه إلى أن هذا الموسم ستكون فيه هطلات مطرية متميزة ولا بد من توجه الحكومات والمجتمعات المحلية للاستثمار بالشكل الأمثل للموارد وخاصة الأمطار.
وأكد أننا لم نعد نعيش الفصول الأربعة للأسف باستثناء فصلي الصيف والشتاء.
وتحدث اسمندر عن مؤتمر الأطراف المعنية بالتغير المناخي كوب ٢٨ الذي عقد في دبي مؤخراً، وكان له أهداف كبيرة، وأهمها إنشاء صندوق خاص بالكوارث والأضرار الناتجة عن العواصف والفيضانات والجفاف، حيث ستساهم الدول الغنية لمصلحة الدول الفقيرة المتأثرة بالتغيرات المناخية والصراعات، بالإضافة لمناقشة عدم استخدام الوقود الاحفوري فيما يخص الطاقة والاعتماد على الطاقة البديلة ومضاعفة هذا الأمر إلى حوالي ثلاثة أمثاله في نهاية 2030.
ولكن هناك صراع كبير بين تيارين أحدهما لا يؤيد هذه الفكرة بقيادة السعودية فيما يؤيد التيار الأوروبي التوجه نحو الطاقات المتجددة وترك الطاقة الأحفورية، ويعود سبب هذا الصراع الكبير إلى القرار الذي اتخذ في مؤتمر باريس عام 2015 بالحفاظ على الزيادة في متوسط درجة حرارة الأرض أقل من 1.5 عن المتوسط العالمي لدرجة الحرارة واعتباره هدفاً ثابتاً.
هدف المؤتمر والأمم المتحدة والأطراف الحفاظ على مستويات لا تصل إلى 1.5 درجة، واعتبر قسم من العلماء إلى أن التغيرات المناخية سببها الشمس وقسم آخر اعتبر أن الغازات الناتجة عن الوقود الاحفوري هي المسؤولة عن الاحترار الحراري العالمي كونها تمنع الأشعة الأرضية من الخروج من الغلاف الجوي وتجبرها على العودة للأرض، ما يؤدي زيادة في درجات الحرارة وأصبحت هناك قناعة تامة أن هذه الغازات هي المسؤولة عن الاحترار والتغيرات المناخية، لذلك لا بد من الحد من انبعاث هذه الغازات أو إعادتها إلى رقم صفر أي 250 جزءاً بالمليون من جزيئات الهواء الجاف في الغلاف الجوي.