التحوّل إلى زراعة النباتات الطبية والعطرية بنظام الإنتاج العضوي يرفع من قيمتها ويعزّز تسويقها
اللاذقية – يوسف علي:
يزداد الاهتمام بالنباتات الطبية والعطرية مع تزايد المعرفة بأهميتها في المجالات الطبية العلاجية واستخراج الزيوت العطرية، ناهيك بالنواحي الاقتصادية للتسويق الداخلي والخارجي، إذ بيّن رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة اللاذقية المهندس جابر صقور لـ”تشرين”، أن أهمية النباتات الطبية والعطرية تكمن في دورها الكبير في علاج العديد من الأمراض، كونها تدخل في تركيب الكثير من الصناعات الدوائية كما تدخل في صناعة العطور والمنظفات وبعضها يستخدم للشرب كـ”زهورات”.
وحسب صقور، فإن الأنواع الأكثر أهمية من الناحية الطبية والاقتصادية المنتشرة في اللاذقية هي: “الزعتر البري الشائع، الزعتر الخليلي، الزوفا، مليسة، مريمية، خزامى، الريحان، الغار النبيل، الخرنوب، البطم، السماق، الزعرور، البابونج، القبار، الختمية، عنب الثعلب، السفندر الشائك، بخور مريم، الوردة الشامية، السلبين، القرص عنة، الطيون، الورد البري، توت السياج، الهندباء بنوعيها البرية والطبية، السرخس الأسود، السرخس النسري، كزبرة البئر، البقوليات، الأوركيدات، الغلاديولس، فصيلة الشوكيات”.
وأشار إلى أن الأنواع المستخدمة في مشاريع التحريج الاصطناعي، تشمل كلاً من “روبينيا، الغار النبيل، الخرنوب، كينا، أكاسيا، سنديان”، كما يتم إكثار بعض الأنواع في المشاتل لتسويقها للحدائق العامة والخاصة ومربّي النحل، منها “الزعتر السوري، زعتر خليلي، العطرة، مردقوش، خزامى، إكليل الجبل”، موضحاً أن الأصناف التي تم تحويلها للزراعة العضوية، هي تجربة زراعة الزعتر السوري ضمن مزارع خاصة مع المزارعين في قرية الربوة في القطيلبية وفي المزيرعة، وتم تخصيص مشتل بسين في القرداحة لإنتاج شتول النباتات الطبية والعطرية، وهو مشتل متخصص بإنتاج النباتات الطبية والعطرية، حيث تمت زراعة 2500 شتلة من أنواع (الزعتر بنوعيه، الميرمية، الخزامى، إكليل الجبل، المردقوش) ضمن خطة 2022-2023.
الزراعة تجهّز مواقع كحقول أمّات للأنواع الحراجية المنتجة ضمن المشاتل للحصول على البذور والعُقل
وأكد صقور، أنه يتم العمل على تجهيز بعض المواقع كحقول أمّات للأنواع الحراجية المنتجة ضمن المشاتل، بهدف الحصول على البذور والعقل اللازمة لإنتاج غراس حراجية ملائمة وضمن ظروف بيئية مماثلة لمنطقة الزراعة، بالإضافة لتأمين فرص عمل للسكان المحليين.
ومن هذه الحقول، دلّل صقور بحقل أمهات للنباتات الطبية والعطرية في مشتل حراج الهنادي الذي يعد حقلاً إرشادياً وعلمياً وبحثياً، وهو جزء مهم في تفعيل مشروع النباتات الطبية والعطرية ووضعها قيد التنفيذ على الأرض، ليصار إلى التوسع بهذه الزراعة النوعية، بالإضافة لحقل أمهات للغار في قرية بسوت في منطقة القرداحة.
الزراعة العضوية بدلاً من الجمع العشوائي
بدورها، بيّنت رئيس دائرة الزراعات العضوية الدكتورة غيداء بركات لـ”تشرين”، أن النباتات الطبية والعطرية تعدّ من أقدم المجموعات النباتية التي عرفها واستخدمها الإنسان على مرّ العصور في أغراض شتى كدواء وغذاء، ويتزايد الاهتمام بها عالمياً، مشيرة إلى وجود مقومات لازدهار زراعتها في اللاذقية من ناحية البيئة الجغرافية والملائمة لنمو عدد كبير من الأنواع النباتية الطبية والعطرية المختلفة، إضافة لتوفر مساحات لا بأس بها من الأراضي المهملة أو القابلة للاستصلاح، التي يمكن استثمارها في مجال إنتاج النباتات الطبية والعطرية، على اعتبارها من الأنواع المحلية البرية، التي تتميز بالمرونة البيئية والقدرة على تحمّل الإجهادات البيئية، وخاصة نقص المياه وفقر التربة.
ولفتت بركات إلى توفر الأيدي العاملة الماهرة والمدرّبة على عمليات الزراعة والجمع والتسويق، مؤكدة أن تحوّل زراعة النباتات الطبية والعطرية إلى نظام الإنتاج العضوي، وخاصة في مناطق الهضاب، سيرفع من قيمتها ويفتح مجالاً لتصديرها بالقيمة الفعلية التي تستحقها، وسيعطي للمزارع فرصة للتصدير “خام، مقطرات، زيوت”، ما يحقق مردودية اقتصادية عالية، وفي الوقت نفسه يخفف من الضغط على النباتات الطبية البرّية “الجمع البري العشوائي”، والتي أصبحت تعاني بالفعل نقصاً في مساحة رقعة الانتشار، حيث وصل البعض منها لدرجة التهديد بالانقراض. كما يسهم في الاستفادة من الحيازات المهملة، ما يحقق فوائد بيئية بتوفير المياه التي تتطلبها بقية المحاصيل كالتبغ أو الخضار.
ولفتت إلى أن الدائرة تولي اهتماماً خاصاً بالتوسع في زراعة النباتات الطبية والعطرية، ولاسيما الأنواع المحلية، منها ” الزعتر السوري” وفق نظام الإنتاج العضوي، لاعتبارها من الزراعات الواعدة، ويزداد الطلب عليها في الأسواق العالمية عامة وسوق المنتجات العضوية خاصة.
سورية كنز هائل من الأعشاب والنباتات الطبية البرية المتنوعة غير المستثمرة بشكل صحيح
مركز مهم للتنوع الحيوي
من جانبه، بيّن الدكتور يوسف محمد – كلية الزراعة في جامعة تشرين، أن سورية تعد مركزاً مهماً من مراكز التنوع الحيوي ومصدراً غنياً للعديد من المصادر الوراثية النباتية البرية والمزروعة والمستأنسة، بسبب الأنظمة البيئية السائدة فيها. كما أنها مكمن كنز هائل من الأعشاب والأزهار والنباتات الطبية البرية المتنوعة غير المستثمرة إلا على نحو قليل وخاطئ، فهناك فئة قليلة من الناس الذين يقومون بجمع الأعشاب لكنها طريقة غير مرشدة وغير مدركة للخطر الذي تتعرض له النباتات الطبية البرية، بسبب نزعهم النباتات من جذورها وبكميات كبيرة، ما قد يعرضها للانقراض، إضافة إلى التعدّيات من جراء الزحف العمراني وحرائق الغابات وغيرهما.
وأضاف: من هنا جاءت فكرة الاهتمام بالنباتات الطبية والعطرية لتأمين الاستخدام العلمي لهذه النباتات والحدّ من الاستخدام العشوائي وغير المدروس لها، حيث تشكّل النباتات الطبية والعطرية مجموعة واسعة من النباتات ذات الأهمية الاقتصادية التي توفر المواد الخام الأساسية، سواء لصناعة الأدوية أو لصناعة العطور ومواد التجميل.