من إعلام العدو.. موت كيسنجر يكشف امتلاك “إسرائيل” السلاح النووي
ترجمة وتحرير ـ غسان محمد:
تحت عنوان “هنري كيسنجر والسلاح النووي الإسرائيلي”، كتب المحلل الصهيوني، دان سيغر، الباحث في معهد ديفيس للعلاقات الدولية في الجامعة العبرية، ومؤلف كتاب “ديمونا – الردع النووي الإسرائيلي” أن “إسرائيل” تمتلك بالفعل السلاح النووي، قائلاً، إن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، اليهودي الأميركي هنري كيسنجر، الذي وافته المنية هذا الأسبوع، كان أحد أبرز المسؤولين الأمريكيين في إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، الذين كان لهم مساهمة كبيرة في ضمان أمن “إسرائيل”، بعد توصيته للرئيس نيكسون بأن تعترف الولايات المتحدة فعلياً بالوضع النووي لـ”إسرائيل”، شرط اعتمادها سياسة الغموض.
وتابع سيغر، إن كيسنجر تجنب بعد تقاعده، الحديث عن دوره الكبير في التوصل إلى تفاهمات بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” بشأن الملف النووي، في أيلول 1969، ودعم فكرة تحول “إسرائيل” إلى دولة نووية غير مُعلنة من خلال محادثة مغلقة أجريت معه عندما كان أستاذاً في جامعة هارفارد، في عام 1964، التقى العقيد دان حيرام، مستشار وزير الحرب الإسرائيلي لشؤون التسلح، والملحق السابق للجيش الإسرائيلي في بريطانيا العظمى، مع أستاذين من جامعة هارفارد: توماس شيلينغ وهنري كيسنجر. ويبدو من تقريره السري أن المنطق الإسرائيلي للتحول إلى تطوير القدرة النووية نظراً لوضعها الاستراتيجي كان يحظى بدعمهما المطلق.
وقال شيلينغ، الذي كان من أوائل واضعي نظرية الردع النووي والحائز جائزة نوبل لأبحاثه، إنه يجب على “إسرائيل” الاستفادة من قدرتها على تطوير أسلحة نووية باعتبار ذلك أقوى ورقة مساومة لديها في المنطقة، بشكل عام، وضد الإدارة الأمريكية بشكل خاص.
من جانبه، ذكر كيسنجر أنه على الرغم من أن المشكلة تكمن بشكل أساسي في الحفاظ على الوضع الراهن، إلا أن الوضع الاستراتيجي لـ”إسرائيل” يتطلب منها الهجوم أولاً، وبالتالي فإن التحالف مع الولايات المتحدة ضد ما وصفه بـ”العدوان العربي” لن يحل مشاكل “إسرائيل” الوجودية، وإن تطوير الأسلحة النووية هو وحده الذي يمكن أن يقدم رداً على تطوير الصواريخ في مصر.
وهكذا، وبعد خمس سنوات من توصيته في محادثة مغلقة بأن تستمر “إسرائيل” في برنامجها النووي، تم تعيين كيسنجر في منصب مستشار الأمن القومي للرئيس نيكسون، وانضم إلى مجموعة صناع القرار في الإدارة الأمريكية للأغراض السياسة، وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي.
وحسب المحلل، فقد كان دخول نيكسون إلى البيت الأبيض في كانون الثاني 1969، بمثابة نقطة تحول أحدثت تغييراً في سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، تغيرت القيادة في “إسرائيل” بعد وفاة ليفي أشكول، ووصول غولدا مائير إلى رئاسة الحكومة.
وبعد سنوات من الصراع غير المثمر مع البرنامج النووي الإسرائيلي، توصلت الإدارة الجديدة في واشنطن إلى نتيجة مفادها أنه لا يتعارض تماماً مع المصالح الأميركية، وأن الولايات المتحدة و”إسرائيل” تتقاسمان المصالح الاستراتيجية نفسها.
وخلال المحادثات التي أجراها كيسنجر مع يتسحاك رابين، سفير “إسرائيل” في واشنطن آنذاك، تزايد الاعتراف في البيت الأبيض بأن القوة النووية الإسرائيلية أصبحت أمراً واقعاً، وأن النهج الواقعي من جانب الإدارة هو التأثير على “إسرائيل” لإقناعها بالتواضع في شأن الميزة الاستراتيجية الجديدة التي تتمتع بها من أجل منع المنطقة، إن أمكن، من الانجرار إلى سباق تسلح نووي، وفي أيلول من ذلك العام، توصل القادة الجدد إلى تفاهمات تاريخية بشأن القضية النووية الإسرائيلية، عكست التفكير السياسي لـ نيكسون ومائير، والواقع السياسي والاستراتيجي الجديد. وفي علم 1969، توصلت “محادثات غولدا – نيكسون” إلى تفهم أميركي بأن “إسرائيل” أكملت خطتها لتطوير القدرات العسكرية النووية. توصلت الإدارة الأمريكية إلى حقيقة مفادها أن “إسرائيل” تمتلك بالفعل أسلحة نووية، وقد أوضح الرئيس نيكسون لـ”إسرائيل” أن الولايات المتحدة لن تعمل على تغيير هذا الواقع، ولن تحاول إعادة العجلة إلى الوراء، شريطة أن تحافظ “إسرائيل” على مستوى منخفض من الأسلحة النووية، وقد تم نقل هذه التفاهمات السرية بين “إسرائيل” والولايات المتحدة من رئيس إلى خليفته على مر السنين.
وعلى عكس الأحداث التاريخية الأخرى التي شارك فيها، فيما يتعلق بالملف النووي الإسرائيلي، تجنب كيسنجر الكشف عن دوره في صياغة التفاهمات مع “إسرائيل”. ومع ذلك، وفي ضوء حقيقة أنه كان “الرجل القوي” والمبدع في إدارة نيكسون والشخصية التي شكلت إلى حد كبير سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في تلك السنوات، يمكن أن نستنتج أن كيسنجر هو الذي أوصى بالتوصل إلى اتفاقيات مع “إسرائيل” بشأن القضية النووية، وهو ما يعني عملياً الاعتراف الأمريكي بامتلاك “إسرائيل” السلاح النووي.