الخروج عن الأهداف بعمل الجمعيات الأهلية
يعوّل على المجتمع الأهلي الكثير. ففي ظل واقع المؤسسات الصعب جداً، يبرز دور الجمعيات الأهلية والمجتمع المحلي، في رفع مستوى التعليم والبيئة وحماية الآثار والنسيج العمراني القديم، وهوية المدن العمرانية، والدفاع عن البساتين والاخضرار.
لكن إن دققنا في عدد الجمعيات الذي تجاوز الآلاف، وربطنا هذا العدد مع المنجز من أعمال، نجد أن الأداء ضعيف جداً ولا يتناسب أبداً مع هذا العدد الكبير من الجمعيات. و الأغلبية من الجمعيات ليس لها منجز من الأعمال، وأنها لا تجتمع.
تقييم أداء الجمعيات يعود إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فدائرة الجمعيات تتبع لها، وفي كل محافظة توجد دائرة تشرف على أداء الجمعيات الخاصة بها.
ولكن غياب التدقيق عن الأداء، والاعتماد على المراسلات التي تتم بين المديريات والجمعيات، أعطى أغلبية الجمعيات حضورها الشكلي، وغيابها عن الدور الأساسي لإحداثها وخروجها عن أهداف إحداثها.
فرغم الإهمال الذي تعيشه آثار دمشق ونسيجها العمراني القديم، نجد أن إحدى الجمعيات في دمشق، والتي كانت من أوائل الجمعيات وأهمها، وكان لها الدور الكبير بإيقاف مشاريع عمرانية استهدفت دمشق القديمة وقصورها وعمرانها، لم نعد نسمع لها صوتاً في مجال الآثار وحمايتها، ولدينا أمثلة صارخة على ذلك. أولها ما يحدث لحمام الأرماني والعمارة وساروجة، وتفرغت الجمعية لإقامة محاضرات اقتصادية، فهل هذا من أهداف إحداثها؟.
إن متابعة أداء ما يحدث في الجمعيات يعطي نتائج محبطة، فكثير من الجمعيات أحدثت تحت اسم البيئة، ولا أثر لعملها أبداً، وهناك جمعيات تم تجميدها وما زالت تعمل ولا أثر لمتابعتها، وأخرى تسمع بها مصادفة وتفاجأ بأنها أجرت دراسات بتمويل من منظمات دولية، ولا تجد نسخة واحدة من دراستها التي تم الصرف عليها بالدولار.
إن قضية التمويل، وجانب كبير منه يتم من منظمات دولية، يحتاج إلى تدقيق ومدى احتياجنا للدراسات ونتائجها والمعلومات الخارجة من دراستها وتوظيفها.
هو شأن مهم وحيوي في حياة المجتمع، ولو تمت متابعته بدقة وتوظيف الأموال بشكل مدروس وتنموي، لانعكس ذلك على المجتمع وتنميته.
لكن يبدو أن الظهور، وغياب التدقيق في الصرفيات على الدراسات، جعل كثير من الجمعيات تخرج عن أهدافها، وتغيب إنجازاتها كلياً !
موضوع يحتاج إلى اهتمام وزارة الشؤون الاجتماعية، التي ركيزة عملها الأساسية الجمعيات، و عمل المجتمع الأهلي، ولو كان الجانب الخيري به مطلوباً جداً، لكن الجانب التنموي مهم أكثر ويحتاج إلى اهتمام، وكلا الجانبين يحتاجان إلى متابعة.