من يعتقد أن الراتب التقاعدي ..كل ما يمكن تقديمه للمتقاعدين فهو مخطىء!
تشرين- نورما الشيباني:
من يعتقد أن الراتب التقاعدي هو كل ما يمكن تقديمه للمتقاعدين فهو مخطىء ! فالمتقاعد مواطن خدم وطنه سنوات طويلة اكتسب خلالها الكثير من الخبرة والمعلومات، وبلغ من العمر ما يستحق أن يكرم فيه وأن يلقى العناية والرعاية، ،وهناك مشاريع كثيرة يمكن استثمارها لدعم مرحلة التقاعد وتحويلها إلى صناعة حقيقية تؤمن عيشاً كريماً لشريحة تستحق الشكر وردّ الجميل، ويمكن الاعتماد على الكثير منهم من ذوي الخبرات والكفاءات والأيادي النظيفة بعد أكثر من ٣٠ عاماً من العمل بشرف وضمير، وتفضيل مصلحة مؤسساتهم على مصالحهم الخاصة.
استثمار مستقبلي
عندما يغيب التقاعد كصناعة أو استثمار مستقبلي فإنه من الطبيعي أن يصبح التقاعد أشبه بصخرة تجثم على صدور شريحة واسعة من الناس، ويفقد الوطن كنزاً متراكماً من الخبرات والكفاءات، ومن واجب الحكومات السعي للاستعانة والاستفادة من تلك الكفاءات المحالة إلى التقاعد وذلك بحكم الحاجة والضرورة الوطنية التي تقتضي الاستفادة من الخبرات العتيقة والعميقة.
خبير يدعو إلى تأسيس الهيئة الوطنية السورية للمتقاعدين لأنهم خبرات وطنية متراكمة يجب توظيفها والاستفادة منها
تسرب وانخفاض الرغبة في الوظيفة العامة لا يغيب عن أحد أن موجات التسرب الواسعة من الوظائف العامة أدت إلى نقص الكوادر والكفاءات، في وقت قلّت فيه رغبة الشباب في الالتحاق بالوظيفة العامة بسبب محدودية الراتب وضعفه أمام الواقع المعيشي الصعب وسعيهم إلى الهجرة والسفر، ومن هنا كان الأجدر والأنجع وجود خطة مدروسة للاستعانة بالكوادر المحالة إلى التقاعد.
آراء متقاعدين
في هذا السياق أكد لـ”تشرين” المواطن مصطفى سالم موظف متقاعد أن المتقاعد لا يلقى الاهتمام والرعاية التي يستحقها بعكس بعض الدول المتقدمة التي تشكل مجالس استشارية من المتقاعدين الشرفاء ومن مختلف الاختصاصات لاستشارتهم فيما يتعلق بشؤون البلاد والعباد، وتحقيق التنمية الوطنية الشاملة لكونهم أصحاب معرفة وخبرة عميقتين، لكن للأسف عندنا ومهما كنت نظيفاً ومن ذوي المعرفة والخبرة فإنك تنسى مذ تحال إلى التقاعد.
بدورها المواطنة المتقاعدة سميرة حسن عبّرت عن معاناتها بعد تقاعدها حيث خضعت لعدة عمليات جراحية كانت تكلفتها تفوق ما تملكه، حيث اضطرت لبيع أرضها والاستدانة من الأصدقاء، وتتساءل أليس من حق المتقاعد الحصول على الرعاية الصحية والدعم النفسي وهو الذي قضى سنيناً طويلة من عمره في خدمة الوطن؟.. لماذا يتم تحجيم المتقاعد وإهماله وصولاً إلى تحطيمه؟.. أليس الأصح هو الاستفادة من خبرة المتقاعدين التراكمية التي يتم البحث عنها في بقية الدول؟!
المسار الوظيفي
في هذا الصدد أوضح الدكتور الاستشاري الاقتصادي شادي أحمد أنه من الطبيعي أن يحال الشخص إلى التقاعد بعد عمر معين أو فترة خدمة في الوظيفة العامة أو الخاصة، بحكم قانون الحياة لكن ما زاد الأمر حدة وجود سياسة إدارية اسمها (المسار الوظيفي) أنهت الحياة الوظيفية لمئات الكفاءات الإدارية السورية حتى قبل بلوغهم سن التقاعد.
خبرات تراكمية
أردف أحمد: يعدّ المتقاعدون في العديد من دول العالم خبرة مهنية وعلمية وإدارية متراكمة لمدة ثلاثين عاماً، وبالتالي تحاول الحكومات والدول الاستفادة منهم بشكل كبير مع مراعاة القدرات البدنية وساعات التفريغ فنجدهم مستشارين وخبراء وأعضاء في مراكز دراسات ومراكز تطوير إداري ومهني ضمن برنامج متكامل يضمن الربط والتواصل بين جيل الشباب الذي يملك النشاط والمعرفة الحديثة وبين أصحاب الخبرات مما يضمن تواصلاً فعالاً بين الأجيال.
هيئة وطنية سورية للمتقاعدين
تابع أحمد: من المهم أن تعمل الدولة على رعاية وحفظ هذا الكنز الوطني والاستفادة منهم بعد التقاعد في مؤسسات وهيئات حكومية أو شبه حكومية أو مؤسسات ومراكز أبحاث خاصة تنشأ خصيصاً لهم، وفي البداية يجب تأسيس الهيئة الوطنية السورية للمتقاعدين سواء كانوا مدنيين أو عسكريين وبمختلف الاختصاصات وتوزيعهم ضمن لجان فنية وعلمية وإدارية وثقافية ضمن برنامج من الأنشطة والفعاليات المختلفة من باب الضرورة الوطنية أن نفعل ذلك كي لا تضيع خبرات البلد.