تهميش إجراءات السلامة المهنية أضحى غير مقبول .. والإصابات بين عمال الكهرباء لا تنتهي
درعا – وليد الزعبي:
بالأمس حادثة سقوط، وقبلها بنحو شهر حادثة مماثلة، نعم تكاد لا تفوت فترة طويلة حتى يتم الإعلان عن إصابة أحد عمال شركة الكهرباء في محافظة درعا أثناء العمل بأذيّات متفاوتة بعضها خطرة، هذا إذا لم تؤدي إلى الوفاة، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: هل وصلنا بإجراءات السلامة المهنية إلى المستويات المطلوبة أم إنها لا تزال مهمّشة، لا أحد يكترث بها؟
يلاحظ لدى مشاهدة ورشات الطوارئ وهي تقوم بإصلاح الأعطال، أن هناك لا مبالاة فعلاً تجاه معايير السلامة المهنية، حيث لا يرتدي العامل أيّاً من معدات السلامة كالقلنسوة والكفوف والستر الواقية، وفي بعض الأرياف، حيث لا تتوافر السلّات الرافعة الكافية، تجد العمال (يتشعبطون) على الأعمدة والأبراج من دون حزام الأمان، الأمر الذي يجعلهم عرضةً للسقوط في حال عدم التوازن وفقدان السيطرة، نتيجة التعب والإجهاد في ظل الظروف الجوية القاسية مثل المطر والرياح الشديدة والبرد وغيرها، وهو ما يحدث فعلاً – أي السقوط، وخاصةً في الفترة الأخيرة التي ازدادت خلالها مثل تلك الحوادث.
يشير بعض القائمين على مفاصل عمل الكهرباء، إلى أن بعض معدات السلامة المهنية متوفرة من قبل جهات الكهرباء، لكن العامل لا يلتزم بارتدائها، فيما يرى آخرون أن المتوفر منها غير كافٍ وهناك نقص في مكوناته، أو أنه غير موجود، لافتين إلى أن بعض معدّات السلامة لا تدوم وتتعرض للتلف من كثرة العمل، وهي بحاجة إلى استبدال كل فترة، وهذه الفترة يمكن تقدير مدتها حسب الفنيين المعنيين بالعمل.
نقص في معدّات الأمن الصناعي وإهمال بعض العمال في اتباع سبل الوقاية.. والمطلوب مزيداً من التشدّد والاهتمام
ويرى متابعون أن بعض الإصابات قد تنتج عن إهمال بعض الأساسيات وإن كانت قليلة، ولاسيما بسبب عدم التنسيق أحياناً مع المحطات أثناء قيام الورشات بالصيانة والإصلاحات، أو تأخر الاستجابة، كما أن العمل في أوقات انقطاع التيار بموجب برنامج التقنين، من دون التنسيق مع المحطة له مخاطره، لأن التيار قد يأتي بأي لحظة، نتيجة طلب التغذية الطارئة لمنطقة ما قد تتطلبها بعض الضرورات، بمعنى؛ إن التنسيق أمر ضروري جداً.
رئيس نقابة عمال الكهرباء والاتصالات زياد عرار، أشار إلى أن عمال الكهرباء في ورشات الطوارئ والصيانة يبذلون- على قلة عددهم- جهوداً كبيرة في أعمال إصلاح الأعطال الكهربائية وعلى مدار الساعة، وخاصة عندما يحلّ فصل الشتاء وتكون الظروف الجوية قاسية مثل الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة والانخفاض الكبير في درجات الحرارة، حيث تكثر الأعطال نتيجة تلك العوامل ومن جراء تضاعف الأحمال بفعل زيادة الاستهلاك لغرض التدفئة.
ولفت عرار إلى أن النقابة تؤكد مراراً وتكراراً ضرورة إيلاء الأمن الصناعي أهمية قصوى، وذلك في مختلف الفعاليات التي تجمعها مع جهات الكهرباء، وقد نفذت النقابة بالتعاون مع شركة كهرباء درعا قبل فترة، ورشة عمل لثلاثة أيام تحت شعار “سلامتكم تهمنا”، شارك فيها كلٌّ من عمال الصيانة والطوارئ والتوتر المنخفض والمتوسط والعالي، حيث دارت محاورها حول أدوات الاستخدام الصناعي وكيفية استخدامها لحماية العامل، وقد كان لها منعكس إيجابي كبير، حيث انخفض عدد الإصابات من ١٢ إصابة، بينها حالة وفاة واحدة خلال العام الماضي إلى ٦ إصابات في العام الحالي، كما تشدّد النقابة على ضرورة تطبيق إجراءات السلامة المهنية خلال زياراتها الميدانية التي تقوم بها للاطلاع على واقع سير بعض أعمال التركيب والاستبدال والصيانة والإصلاح وغيرها، وتطالب بضرورة تأمين وسائل الأمن الصناعي بكامل مفرداتها، وذلك لتقليل حدوث الإصابات بين العمال قدر الإمكان، مبيناً أنه تم رفد شركة كهرباء درعا منذ فترة ببعض تلك الوسائل، لكنها غير كافية، وهناك حاجة متجدّدة للمزيد منها، فيما لم يغفل أن بعض العمال وبدافع السرعة في إنجاز أعمال الصيانة أو إصلاح الأعطال الطارئة، قد لا يلتزمون بارتداء الألبسة الواقية أو حزام الأمان، وهو ما ينتج عنه بالنهاية وقوع إصابات بين العمال بعضها قد يؤدي للوفاة.
من جانبه، أكد المهندس هاني المسالمة مدير عام شركة كهرباء درعا، أن حجم العمل المطلوب كبير جداً في مختلف أرجاء المحافظة، وخاصة مع قسوة الظروف الجوية خلال فصل الشتاء، حيث يتضاعف نتيجة كثرة حدوث الأعطال، فيما هناك نقص شديد في عدد عمال ورشات الصيانة والطوارئ، حيث تسرّب عدد كبير منهم خلال السنوات السابقة لأسباب مختلفة، بمقابل عدم تعويض هذا النقص لعدم إقبال العمال على مسابقات التعيين المركزية، لافتاً بالتوازي إلى أن الشركة بالتنسيق مع الوزارة لا تدّخر جهداً في سبيل تأمين ما أمكن من معدّات ووسائل الأمن الصناعي، وتؤكد على العمال دائماً بأن يلتزموا بأخذ كل الإجراءات الواجبة للوقاية من الإصابات، من خلال الحجز المسبق بالتنسيق مع المحطات، حيث يتم قطع التيار الكهربائي عن مواقع العمل، وكذلك ارتداء وسائل الحماية والسلامة المتوافرة بين أيديهم، لكن بعض العمال قد لا يتنبهون لأهمية ذلك في ظل اندفاعهم وسرعتهم للتدخل في إصلاح الأعطال الطارئة.
وبيّن أنه يتم حالياً التنسيق مع الجهات ذات العلاقة في الوزارة لتأمين مزيد من معدات الأمن الصناعي، لافتاً إلى أن الشركة حصلت في العام الفائت على بعضها بالتعاون مع فرع الهلال الأحمر في درعا، وتم توظيفها في الأعمال المطلوبة.