لا أحد يجيد الكذب والنفاق كما تجيدهما وتبرع بهما الولايات المتحدة، ولا أحد يخرق القوانين وقرارات الشرعية الدولية ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف كما هي، حتى الكيان الصهيوني الذي يشابهها في ذلك فهو يأتي بعدها لسبب بسيط وهو أن واشنطن هي من تمهد وتهيئ له الطريق، أي إنها دائماً في المرتبة الأولى لكل الإجرام والإرهاب والوحشية في العالم، ومن ثم يأتي الوكلاء بعدها.
أحدث الأكاذيب الأمريكية ما ورد على لسان نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس حول توجه بلادها الحالي بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة والتي لخصته بـ«لا تهجير قسري للشعب الفلسطيني، لا حصار، لا تقليص في الأراضي» مطالبة «إسرائيل» بحماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي!.. الكلام الأمريكي هذا جزء من الصورة التي تعمد واشنطن إلى إظهارها إلى الداخل عندها أكثر من كونها موجهة للخارج وإبراز واشنطن كحمامة «سلام».. إذ إن المجتمع الأمريكي يعاني في ظل الأحداث في المنطقة انقساماً حاداً سياسياً واجتماعياً وما يعنيه ذلك من انعكاسات على موضوع الانتخابات الرئاسية 2024.
لم تقلْ لنا واشنطن لماذا لم تعارض تهجير الشعب الفلسطيني منذ الـ48؟ ولم تخبرنا لماذا لم تندد بالحصار الإسرائيلي لقطاع غزة منذ الـ2005، أو بالأحرى الحصار الكامل لكل الشعب الفلسطيني لمجرد وجود الكيان الصهيوني على الأراض الفلسطينية زوراً وبهتاناً؟ ولم تحدثنا واشنطن مسبقاً عن كل الأراضي التي احتلتها «إسرائيل» واغتصبتها، وعن الأراضي التي قلص الكيان مساحتها وسرقها لإقامة مستوطنات عليها وعلى حساب سكانها الأصليين؟ كما لم نسمع من واشنطن قبل اليوم بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والدفع قدماً باتجاه هذا التطور؟
كما لم تقلْ لنا واشنطن كيف سيحمي الكيان المدنيين وهي – أي أمريكا- تزوده بأحدث الترسانات العسكرية والأسلحة المتطورة والقنابل المحرمة دولياً ليقصف ويقتل ويشرد ويدمر؟.. وعن أي قانون إنساني دولي تتحدث واشنطن فيما جرائمها وإباداته الجماعية للشعوب عبر حصارهم واستهدافهم في قوتهم ومقدراتهم ونهب ثرواتهم واحتلال أراضيهم عبر التاريخ وإلى اليوم شاهدة على مدى تطويع واشنطن لذاك القانون؟
لم يعد مُجدياً للولايات المتحدة الأمريكية أن تسجل موقفاً على حساب الشعوب وحقوقها، ومراوغاتها لم تعد تنطلي على أحد.. وعندما تكف واشنطن يدها عن المنطقة وعن دعم الكيان سينكفئ الكيان، و لن يعود قادراً على تهجير الفلسطينيين وتقليص مساحة أراضيهم و حصارهم.
هبا علي أحمد
325 المشاركات