آلة البيانو.. من أجمل الآلات الموسيقية وأغناها!
تشرين- إدريس مراد:
آلة البيانو تعدّ من أهم الآلات الموسيقية وأغناها إلى يومنا هذا، تُستخدم في أميز الأعمال الموسيقية لكبار المؤلفين الكلاسيكيين، كبيرة الحجم، وفي الوقت نفسه ذات جمالية مدهشة، وخاصة عندما يُرفع غطاؤها الكبير، حيث تُشبه خفايا البحر، منظرها رائع، علبة كبيرة شكلها قريب من المثلث، فيها أكثر من مئتي وتر، مصنوعة من الفولاذ، مشدودة على إطار معدني متين، بعضها منفردة وأًخرى مزدوجة ومنها ثلاثية، أوتار رفيعة وأوتار غليظة، وأوتار مغلفة بسلك نحاسي يلتف حولها كالنابض، وهناك صف منتظم من مطارق خشبية، رؤوسها ملفوفة بقطع من اللبّاد، “سابقاً كانت ملفوفة بالجلد”، ينتقل اهتزاز الأوتار إلى لوحة الصوت عن طريق جسر تُمد الأوتار فوقه، تعمل لوحة الصوت على تحسين الصوت وجودة النغمة، يتم لصق المطارق التي تضرب الأوتار بآلية ترتكز على الأطراف البعيدة للمفاتيح، من أجل تسريع حركة المطرقة، والإمساك بها أثناء ارتدادها، وتثبيتها في موضعها استعداداً للحركة التالية، أمّا لوحة المفاتيح فتضم ثمانية وثمانون كبسة، مختلفة اللون بين الأسود والأبيض.
تبديل الصّوت بواسطة الدواسات:
وفي أسفل البيانو هناك دواستين أو ثلاث تشبه دواسات السيارة، وعندما يضغط عليها العازف برجليه يتبدل الصوت بين القِصر والطول من جهة، وبين الشدة والانخفاض من جهة أخرى.
تعمل الدواسة الموجودة على اليمين على رفع جميع الوسائل التي يتم بها صدّ الاهتزاز الصّوتي فوق الأوتار، ما يسمح لها جميعاً بالاهتزاز في حرية، وتعمل الدواسة اليسرى على تحريك لوحة المفاتيح، بشكل جانبي لتمكين المطرقة من ضرب واحدة فقط من سلسلتين أو ثلاث سلاسل متناغمة لكل مفتاح تينور، وثلاثي (نغمات الجهير تكون أحادية فقط)، والدواسة الوسطى عادة ما تحمل الخمادات فقط لتلك المفاتيح التي يتم الضغط عليها عند استخدام الدواسة.
المبادرات البدائية:
بقي موضوع أولوية الاختراع لبداية هذه الآلة موضوع إشكالي، حيث وجِدت مبادرات على مبدأ البيانو منذ عام 1440 تقريباً، ولكن ما هو مؤكد بأنّ رحلة تصنيع آلة البيانو بدأت من خلال تطوير آلة الكلافسان من عام 1703، حيث قام “غريمالدي” بتطويرها من خلال أبحاث لم يُكتب لها النجاح، وفي عام 1708 كانت هناك محاولة فاشلة أيضاً من قِبل سيوسني، وبعده بعام جاء شخص يُدعى بارتوليميو كريستوفوري، يعمل في متحف الآلات الموسيقية لآل مديتشي بفلورانسا “آل الأمير فرديناندي”، حيث بقي كريستوفوري خلال سنوات طويلة محاطاً بالآلات الموسيقية في وظيفته، والتي تعد أكثر الآلات تطوراً في الغرب، وبات يعرف أسرارها وعيوبها ونواقصها، ولم تكن فكرة الخروج بآلة الكلافسان من دوامة الرتابة تفارقه، حيث وجد الحل ليُخرج الآلة المذكورة من برودتها وعجزها حسب زعمه، والحل جاء بتزويد كل ملمس “كبسة” برافعة خشبية مضاعفة تنتهي بمطرقة خشبية مغلفة برقعة جلد، كما زود اختراعه بوسيلة لإخماد الاهتزاز الصوتي عند تراجع ضغط الإصبع عن الملمس، وهكذا استمر كريستوفوري قرابة إحدى عشر عاماً، أي حتى 1720 في تطوير آلته الجديدة، فصبّ اهتمامه على تقوية الإطار الخشبي وتدعيمه ليستطيع تحمل قوة شد الأوتار، وحسّن آلية التحكم بالمطارق، ووسّع لوحة المفاتيح، ولكنه تردد في إشهار آلته معتقداً بأنها لم تكتمل بعد.
المخترع مات فقيراً:
مات كريستوفوري عام 1731 فقيراً منسياً من دون أن يخلّف وراءه أشخاصاً يرثون اختراعه هذا، ولولا حديثه عن تفاصيل اختراعه في إحدى الصحف لذهب تعبه هباء في اختراع البيانو فورتي، وعَمِل على اكتشاف آلة البيانو أكثر من شخص، و يُذكر أنها قد استقرت في شكلها الحالي بعد رحلة تطور انطلقت في بداية القرن الثامن عشر ودامت أكثر من 250 سنة، حيث فاز شخص يدعى شتاينواي بالجائزة الأولى في معرض باريس بعرضه للبيانو الكبير ذو الدواسات الثلاث وذلك عام 1863.
أشكال مختلفة:
كان البيانو المصنوع بأشكال مختلفة، شائع على نطاق واسع في منتصف القرن الثامن عشر، فضّل صانعو البيانو الألمان آلة أخف وزناً وأقل تكلفة مع لمسة أكثر نعومة، وقد أتقن صانعو البيانو الألمان البيانو المربع، عندما بدأ فولفغانغ أماديوس موزارت وموزيو كليمنتي في الكتابة من أجل آلة البيانو، تطور أسلوب عزف وتأليف بيانو مميز، منذ تلك اللحظة فصاعداً، أصبح البيانو الوسيلة المفضلة لموسيقا الصالون، وموسيقا الحجرة، والحفلات الكبيرة إضافة إلى مرافقة أشهر الأغاني، ولاسيما الأوبرالية منها.